لم يقف تميز الكويت قديما عند المستويات الاجتماعية والتجارية والثقافية بل تجاوزها في الكثير من الأمور الحياتية ومنها النظافة العامة التي كانت محل إعجاب وتقدير العديد من الرحالة والزائرين الأجانب في أواخر القرن التاسع عشر واوائل القرن العشرين.
وجاء تعبير هؤلاء الزائرين عن اعجابهم الكبير بمستوى الاهتمام بنظافة الكويت من خلال الكتابة في مذكراتهم حيث ذكر الرحالة الأميركي لوشر عندما زارها عام 1868 أن «الكويت مدينة عربية فائقة النظافة».
وفي العام 1910 عبر الرحالة الأميركي آرثر بينت عن اعجابه بنظافة مدينة الكويت حين زارها فقال في مذكراته ان «الكويت مبهرة في كل شيء.. هناك اهتمام وعناية بنظافة المدينة التي تعتبر من انظف مدن الخليج».
ووفقا لما جاء في كتاب رسالة الكويت في المجلد الرابع الصادر عن مركز البحوث والدراسات الكويتية ان بلدية الكويت منذ انشائها في العام 1930 اخذت على عاتقها مسؤولية النهوض بالكويت صحيا واجتماعيا، وبناء على ذلك أصدرت قوانين ملزمة للمواطنين بالمحافظة على نظافة مدينتهم وفرض الغرامات على المخالفين.
وأورد الكتاب مادة اول اعلان أصدرته بلدية الكويت والذي ينص على ان «الزبل والقمامة وكناسة البيوت لا ترمى في الشوارع وعلى «المسامد» بل ترمى في «الابياب» أي الحاويات التي تخص البلدية او ترمى في البحر او خارج البلد وان كل من يموت في بيته حيوان عليه ان يرميه خارج البلد او داخل البحر لا على الساحل».
وأضاف الإعلان انه «لا يجوز لأحد ان يشغل الشوارع بالصخر والطين مدة طويلة، علاوة على ذلك لا يجوز لأحد دفق مياه واوساخ البيوت في الطرق».
وذكر الكتاب انه بعد ظهور النفط زادت الخدمات التي تقدمها البلدية ومنها رش شوارع المدينة بالمياه يوميا لتثبيت التربة والمحافظة على النظافة العامة اضافة الى استيراد سيارات ومعدات خاصة لرش المبيدات الحشرية.
وقامت البلدية أيضا بحث المواطنين على وضع قمامة المنزل في براميل خاصة والحرص على اقفالها وبناء على ذلك تم في العام 1953 استيراد عشرات الآلاف من براميل النحاس المصنعة في بريطانيا وتوزيعها على الأهالي في العام 1954 واعقب ذلك صدور اعلان البلدية الذي يحث المواطنين على وضع قمامتهم داخل هذه البراميل حتى تأتي العمالة المكلفة بأخذها وطرح ما فيها في الاماكن المخصصة لذلك.
وأشار هذا الإعلان الى ان «كل من يحاول استبدال البراميل المخصصة بغيرها تفرض عليه غرامة قدرها خمسون روبية عن البرميل الكبير واربعون روبية عن البرميل المتوسط وثلاثون روبية عن البرميل الصغير، وفرضت هذه الغرامة بسبب اخذ بعض الناس هذه البراميل من الشارع واستعمالها لحفظ الرز والسكر ويضعون بدلا منها براميل عادية».
وأوضح الكتاب انه كان لمراقبي البلدية هيبتهم في احياء المدينة واسواقها ولهم صلاحية الضبطية حيث كانوا يطوفون في كل مكان فارضين هيبة القانون وكانوا يرفعون الى مدير البلدية اسم من يستحق العقاب ويرفع هو بدوره الامر الى لجنة مخالفات الأنظمة المشكلة من عدد من كبار رجالات البلاد لتصدر قرارها بالعقوبات.
وأكد الكتاب أن اهتمام البلدية لم يقتصر على نظافة مدينة الكويت العاصمة فقط بل تعداها ليصل الى المناطق والقرى المجاورة للعاصمة ثم امتد اهتمامها الى بعض دول الخليج العربية.