كيف تطور علم بصمات الجينات الوراثية؟
كانت قفزة كبيرة في تاريخ الجريمة والقضاء حين نجحت الهند في الاعتماد على بصمات اليد محكا لإثبات الهوية الشخصية، وفي تطور الأسلوب المعمول به عالميا للإفادة من ذلك المحك في شتى المعاملات والدعاوى.. وليس معروفا على وجه الدقة متى كانت البداية في شبه القارة الهندية، ولكننا نعرف أن الإنجليز حذوا حذو الهند عام 1901، فاتخذوا من بصمات الأصابع دليلا لإثبات هوية الأفراد، سواء في المعاملات العادية أو في الجرائم، وفي تحديد هوية مرتكبيها.
وانتشر أسلوب بصمات اليد في مشارق الأرض ومغاربها، واستأثر بثقة الحكومات والهيئات والأفراد جميعا، ذلك أن بصمات اليد لأي فرد من بني الإنسان فريدة، وتختلف عن بصمات أي فرد آخر غيره، أضف الى ذلك أنها لا تتغير، بل تلازم صاحبها وتبقى المحك المميز لهويته حتى آخر يوم في حياته.. حقا قد تضعف أو تنطمس بعض معالمها كثيرا أو قليلا في خريف العمر، لكن معالمها الأساسية تبقى كما هي لا تتغير.
ثم كانت القفزة الأخرى عام 1966، حين اكتشفوا في أميركا بصمات الصوت، وقد تمكنوا من تسجيل أو تصوير نمط الخطوط التي يحدثها صوت المرء، واعتقدوا انها فريدة كبصمة اليد، لكنهم ما لبثوا أن اكتشفوا ضعف بصمات الصوت واحتمالات تكرارها كثيرا، فعمدت المحاكم في أميركا الى حظرها ومنع الاعتماد عليها في القضاء عام 1974.
وأخيرا جاءت القفزة الكبرى، قفزة البصمات الجينية أو الوراثية، وهذه سابقة فذة فريدة 100% تنجح في اتباع الهوية الشخصية في مجالات مهمة يتعذر على بصمات اليد الاقتراب منها.
ونذكر من تلك المجالات مجال جرائم الاغتصاب، ومجال اثبات صلة الأبوة أو نفيها، ونذكر ايضا مجال التعرف على هوية الميت بتحليل رفاته، ذلك ان البصمات الوراثية موجودة في كل أعضاء جسم الإنسان، في دمه وشعره وجلده، بحيث يستحيل على المجرم ان يفلت من العدالة بحجة عدم توافر الأدلة الكافية، إذ لابد ان يترك أثرا ما في موقع الجريمة، ولابد لذلك الأثر من ان يدين صاحبه أو يبرئه لدى تحليله وراثيا، فمتى وجد الأثر وجد الدليل القاطع لا محالة، وذلك بالتحاليل الوراثية.
(من كتاب: كنز العلوم ـ مجدي سيد عبدالعزيز)