تلقت العراق ببالغ الحزن والأسى خبر اغتيال المدونة والموديل والبلوكر العراقية «تارة الفارس»، وهي الشابة الجميلة التي فازت بلقبي ملكة جمال بغداد ووصيفة ملكة جمال العراق، والمعروفة بكونها شخصية مثيرة للجدل بمنشوراتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى كونها وجها دعائيا للعديد من العلامات التجارية، الخبر ليس سوى ترجمة للعنف والتطرف الذي أصبح يوجهه الفكر والرأي بالعراق، فمأساتنا أكبر من حجم الألم، فحتى الجمال أصبح مهددا من طرف الطائفيين والحزبيين الذين يتخوفون من انتشار الروح المدنية والتعايش السلمي، الذي يعد من أهم مكوناته الثقافية والجمال واحترام الرأي والفكر والتوجيه والاعتقاد، فما الذي ستجنيه الطائفية بمقتل بنت شابة في مقتبل عمرها، سوى تعبير عن فشلها وخيبتها وضياعها الدفين في خندق العنف والتطرف والإرهاب، فما الذي تهدده حتى تتم تصفيتها بتلك الطريقة التي تشبه أفلام المافيا؟ سؤال لا نستطيع الإجابة عنه حاليا، لكن الأكيد أن لتمردها على ما هو سائد كان من الأسباب التي أدت بدون شك إلى تصفيتها.
فلا يزال مسلسل القتل والتهويل والترويع مستمر في العراق، فعندما تعجز الأدمغة عن الحوار ومقارعة الحجة بأختها والبيان بالدليل والفكرة بنقيضها والطرح بالمنهج، يبدأ مسلسل التصفيات والقتل كأسلوب جبان لإخراس الأفواه والأفكار والعقول.
لا تزال الأعمال الإرهابية نشطة على التراب العراقي، فبعدما كانت تستهدف الأراضي والتمدد والسيطرة، أصبحت الآن تستهدف الأفكار والعقول، فكم من مفكر عراقي أسكت برصاصة غادرة وكم من أكاديمي وعالم فقد وهجر لمكابدة الغربة وأهوالها، وكم من مدون استهدفت منشوراته وكتاباته بالتخوين والأبعاد القسري والاجتماعي.
نسأل الله أن يواري المرحومة المغدورة برحمته وأن يلهم أهلها ومحبيها ومعجبيها الصبر والسلوان.
و(إنا لله وإنا إليه راجعون).