هادي العنزي
لم يأت من صقلية جزيرة المافيا الإيطالية الشهيرة والمعروفة بـ «كوزا نوسترا» أو من عاصمة الموضة وكل ما هو حديث ميلانو، بل جاء باولو فاليري، الحكم الإيطالي (مواليد 16/5/1978) من العاصمة الإيطالية «روما» التاريخ والإمبراطورية الرومانية، ليدير لنا قمة القسم الأول في الدوري الممتاز بين الكبيرين الكويت والقادسية على ستاد صباح السالم ذي الأرضية المتهالكة، فبدا الحكم حازما وصارما في قراراته، بل وجادا في تعامله مع اللاعبين، وأمر متوقع الحدوث، لاسيما ان الرجل استدعي لإنجاز مهمة بعينها.. وقد أنجزت وشكرا.
وللعلم، فاليري، هو أحد أفضل حكام القارة العجوز، تدرج في الدوري الإيطالي بدءا من 2007 في «serie B»، ولم تمض عليه 3 مواسم كاملة حتى أدار 25 مواجهة للدوري الإيطالي الممتاز «serie A» في موسم 2009/2010، لينال الشارة الدولية مطلع يناير عام 2011 ليبدأ بعدها مسيرة دولية شهدت العديد من النجاحات.
ولعل أبرز ما يلفت النظر ويبعث على الحزن، تلك الكيفية التي تعامل بها لاعبي الفريقين مع «السيد الطلياني» فلا احتجاج ولا صوت مرتفعا، ولا يد ترتفع عاليا تثير الجماهير، أو وقوفا متعمدا أمامه بقصد إعاقة حركته، وكأنهم «كورال» واحد يردد بتناغم كبير.. «كل قراراتك يا ابن روما مقبولة ومستحسنة ولا تحتمل مجرد التفكير في صحتها، فهي الصواب وعينه، وإن جاء قرار عكسي - وقد حصل - فأنت مخطئ وكلنا خطاءون و«صافرتك الذهبية» سرعان ما تتوب فتعدل الكفة بالعدل المتوقع منكم، احكم بيننا، ولن تجد منا إلا الاستجابة العمياء».
لعل الكثير من حكامنا الدوليين والمحليين شاهدوا مواجهة القطبين، ورصد بأسى بالغ التفاعل الإيجابي من لاعبي الفريقين، حتى في إشارات فاليري الصارمة بظاهر اليد، والتي عادة ما يراها لاعبينا «المحليين» مستفزة ومنفرة وتستدعي الرد في الحالة الطبيعية، مدعمين بأصوات تأتي من بين جماهير وإداريين، وكم من حكم كويتي مجتهد منى النفس بالأمس بمعاملة مثيلة أو شبيهة بتلك التي حصل عليها «الطلياني»، فهم يجتهدون مرتين عنه، في اتخاذ القرار وفي شرحه للمتجمهرين حوله من اللاعبين بعد اتخاذه، لكنهم ينظرون إليك بعين عوراء ناقصة، وينظرون له بعين «الرضا»، وكما قال الإمام الشافعي - رحمه الله: وعين الرضا عن كل عيب كليلة ... ولكن عين السخط تبدي المساويا.