نعيش اليوم فسادا متفشيا وصل لدرجات قصوى أنتج استياء عارما بين المواطنين بعد أن طالهم الفساد الذي سكتوا عنه عقودا، ومس صميم حياتهم اليومية وبدأ يهدد احتياجاتهم الحياتية الأساسية كالعمل والتعليم والصحة.
وعليه بدأت مطالبات الإصلاح تتعالى، لكن كيف لنا أن نصلح ونحن نعيش ازدواجية فكرية؟ فنحن نطالب بالإصلاح لكن نريده بسرعة، نطالب بالإصلاح ونحن لا نستمع لرأي غيرنا، نطالب بالإصلاح ونحن لا نحمل العزم الكافي والصبر المطلوب له، كيف نطالب به ونحن نريده أن يقدم لنا من الغير؟! كيف لنا أن نحقق الإصلاح وهو يتطلب منا لا من غيرنا ترتيب الصفوف والأولويات وتقديم تنازلات وجهد كبير وعزم ووقت؟
عدم فهمنا لآلية الإصلاح ومتطلباته يجعل الكثير منا يعيش ازدواجية فكرية بوجود مطلبين متناقضين، فنحن مثلا نريد إجراءات إصلاحية لكننا فاقدو الثقة بآلية القوانين بسبب الفساد ونلجأ بالمقابل لقنوات ترقيعية أخرى لا تحمل في مضمونها تكامل الإصلاح الحقيقي بحجة الواقعية! هذه الحقيقة المؤلمة عززها أداء مجلس الأمة السيئ في آخر 3 فصول تشريعية برداءة القوانين والتشريعات التي أصدرها وطول الفترة الزمنية التي يستغرقها للبت بهذه القوانين والتي جعلت الكويتيين يفقدون الثقة بكل ما له علاقة بالقوانين والتشريعات والحقوق ويؤمنون بالمقابل بحيوية القنوات الأخرى غير المباشرة كاتفاقيات الغرف المغلقة والمبادلات الخاصة، حتى أصبح كل من يطالب بالخطوات الإصلاحية الصحيحة متهما بالمثالية!
أصبح اليوم واقعنا يعزز أن العمل الصحيح هو مثالية والمثالية غير حقيقية، وأصبحت أنصاف الحلول بالمقابل هي الواقعية! وإن آمنا بذلك فأي إصلاح نحن نطالب؟! أنصاف الحلول ليست إصلاحا إنما نصف هاوية سحيقة سنقع بها مجتمعين بعد حين، بينما الحلول الصحيحة المتكاملة هي بر الأمان وإن اشتد جهادها.
www.aliafaisalalkhaled.net