[email protected]
كل الفلسفات التي قرأتها في الاتجاهات الفكرية عبر التاريخ في الأمم القديمة في الصين والهند والإغريق والرومان والفرس إلى اليوم تكلمت عن الإنسان بروحه وأشواقه وضروراته الحياتية والمعيشية، ووثقت هذا في كتبها القديمة غير ان الإسلام أعطاها اهتماما جوهريا مما جعلها رسالة الإنسان في الأرض من حيث الخلافة والعمارة والسعي المركب من عنصرين في الإنسان وأقصد المادة والروح وتلازمهما حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.
سبحان الله الخالق المتفضل على خلقه من العالمين، جعل الإنسان في أحسن صورة وأعلى مقاما حتى يكون جديرا بخلافة الأرض وعمارتها.
وأي تحريف في هذا المخلوق الآدمي اي بمعنى تغليب المادة على الروح أو العكس فهنا يحدث الخلل، وكما قالوا: «فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان»!
اليوم هناك أكثر من نظرية تخص الإنسان أكان في الشرق أو الغرب، فالشرق أسرف كثيرا في اتجاهاته المادية مستبعدا الروح وركز على النواحي المادية الجسدية وتحكيم المادة في النظرة الى الحياة، بينما الغرب الأوروبي والأميركي لا يختلف عن طبيعة التفكير الشرقي فكلاهما يقوم على تحكيم الفكرة المادية في الحياة، اللهم إلا في مبلغ الغلو في استبعاد المعاني والقيم الروحية.
الإسلام ولله الحمد يبقى بنصوصه من (كتاب وسنة) ملجأ الإنسانية لتلمس الحلول في الوقائع والأحداث من خلال باب الشورى والاجتهاد النزيه الذي يستفرغ فيه الوسع للوصول الى حكم الله ومرضاته.
وسيظل ديننا بسماحته ووسطيته هو الحارس الأمين في حياة الفرد والأمة.
دين يدعو إلى حرمة الدماء وحقن الدماء ويدعو للمساواة بعيدا عن الطبقية والعنصرية، قال تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ـ البقرة: 143).
اليوم وسط الإباحة والردة والبعد عن الدين والفتن ينبغي علينا جميعا ان نتحصن بالدين الإسلامي والشريعة الإسلامية الغراء من زمن الإلحاد والردة والسرف والتطرف بكل أشكاله.
إن الإسلام القويم يعرف الإنسان من حيث كونه إنسانا له ضروراته، ويراعي أشواقه وضروراته معا والإسلام فقط القادر دائما على «حل» الكتل المتناحرة بسبب الجشع المادي السائد.
الإسلام هو اليوم «المنقذ» للبشرية ومع تنامي «قوة المسلمين الوسطى» غير المتطرفة في مشارق الأرض ومغاربها يتبين ان «الإسلام القويم» لاتزال له القوة لأن دستوره يبدأ بـ (إنما المؤمنون إخوة)!
والإسلام اليوم الوحيد الذي يجيب عن أسئلة أصحاب الضلالات الفكرية ويجيب الإجابات التي تريح القلب ويقتنع بها الفكر وينطق بها اللسان مما يجعل الإسلام وبكل الفخر (الإسلام المعتدل الأصيل) الباقي بعيدا عن الرأسمالية والاشتراكية وكل المدارس الفكرية المختلفة التي تحكم العالم.
الإسلام وسطي وشعوب العالم الآن تدخل بالعشرات والمئات بعد ان وجدوا ضالتهم به بعد سنوات التيه والضياع ولن تستطيع هذه البؤر الإرهابية ان تغير شيئا من قناعات الناس لأن ما يقومون به من إرهاب وقتل يمثل منهجهم الخارج عن ملة الدين.
٭ ومضة: حرب مسعورة تشن على الإسلام وأهله هنا وهناك وعلينا كمجتمعات متحضرة أن نفرق ما بين الإسلام والإرهاب.
فالإسلام الوسطي ولله الحمد هو السائد الآن في كل المجتمعات لأنه يحقق المساواة والتكافل في هذه المجتمعات!
الإسلام هو المنقذ للإنسانية والبشرية لأنه (خاتمة الأديان) وينظم شؤون البشر على أكمل أوجه في الحياتين!
٭ آخر الكلام: من يقرأ التاريخ الإسلامي واجتهادات الأئمة القائمة على الكتاب والسنة يعرف ان اجتهادهم أغنى الناس جميعا في الحكم والسياسة والتعامل المالي وشؤون الأسرة وغيرها من متطلبات الحياة، وهكذا نجد ان شريعتنا الإسلامية الغراء قادت الإنسان إلى سعادته على أسس من العقيدة ومبادئ الأخلاق وقواعد شؤون الحياة ومتطلباتها وغطت كل الاحتياجات الروحية والجسدية وجمعت (أصالة السلف وحضارة الخلف) وهذا ما لم يحققه أي دين بهذا الشمول والوسطية.
٭ زبدة الحچي: الوسطية في الإسلام اعتدال وتصور لكل شؤون الحياة وهذا لا يعني ان الوسطية الآن بين تشدد وانحلال.
لا.. أبدا انما الوسطية منهج حياة وموقف أخلاقي وسلوكي، دين توسط واعتدال، لا غلو فيه ولا جفاء ولا إفراط!
الوسطية منهج رباني يشمل كل تكاليف الحياة ويصلح لكل زمان ومكان.
انه يعني العدل بين الناس والبعد عن الانحراف والميل والهوى (وكذلك جعلناكم أمة وسطا)!
وهو الأمان والوحدة والتكافل والتلاقي، والعبادات، والتكاليف الشرعية.
٭ ختاما: شكرا لوزارة الأوقاف على أدوارها الدعوية وأرجو شاكرا تفعيل دور مركز الوسطية، فما أحوج مجتمعنا لجهوده الآن، لا تتوقفوا عن جهودكم المشكورة في بيان وسطية الإسلام ومزاياه ومظاهره.
قارئي العزيز: أي أمر تحار فيه ويعرض عليك، اترك التشدد ولا تمارس الانبطاح وخلك وسطي!
الوسطية شيء عظيم أن توازن أمورك بكل اتجاه وسط عصف النفس اللوامة!
في أمان الله.