قال عضو في فريق محققين بشأن سورية، إن اعتقال ألمانيا مسؤولا استخباراتيا سوريا رفيع المستوى يشتبه بارتكابه جرائم ضد الإنسانية، يمثل أول نجاح كبير للفريق الذي تمكن في وقت مبكر من الحرب السورية من تهريب مجموعة كبيرة من الأدلة على ارتكاب الجرائم. والمعتقلان هما «أنور. ر» (56 عاما)، كان مسؤولا عن وحدة التحقيق في شعبة الاستخبارات السورية ومسؤولا عن قمع المتظاهرين خلال الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها سورية عام 2011.
و«إياد. أ» (42 عاما)، والذي قاد فريقا متخصصا باعتقال المتظاهرين وتسليمهم إلى مراكز المخابرات السورية في دمشق. كما اعتقل شخص ثالث في فرنسا.
وتدعم هذا التحقيق لجنة العدالة والمساءلة الدولية، وهي فريق تموله الولايات المتحدة وعدة حكومات أوروبية ويعكف منذ سنوات على إعداد ملفات للقضايا.
وقالت نائبة مدير اللجنة نيرما يلاسيتش إن اللجنة وفرت أدلة موثقة وشهادات لشهود ضد (أنور. ر).
وأضافت لرويترز «أن تجد مثل هذا النوع من الناس في أوروبا يعد صيدا ثمينا».
وتابعت قائلة إنه في عامي 2011 و2012 رأس (أنور. ر) (الفرع 251) ولاحقا (الفرع 285) في المخابرات العامة السورية التي كان لمسؤوليها مطلق الحرية في اعتقال المشتبه بأنهم نشطاء معارضون واستجوابهم.
وقالت «هذان الفرعان هما الأسوأ من حيث السمعة. ووصف أحد شهودنا الفرع 251 بأنه الأكثر تأثيرا وخطورة وسرية وأنه المسؤول عن 98% من العنف الذي يرتكب».
وأضافت «لم يكن هذا الفرع يستقبل فقط الناس قبل اعتقالهم لكنه كان ينفذ أيضا مداهمات وعمليات تفتيش بحثا عن الأفراد المطلوبين بسبب تنظيمهم الاحتجاجات (ضد حكم الرئيس بشار الأسد)».
ومن خلال عملها مع المعارضة السورية، باستثناء الجماعات التي تعتبرها الأمم المتحدة «إرهابية»، تمكنت اللجنة من الحصول على 700 ألف ورقة من أرشيف المخابرات والأمن السوريين، وهو ما يعد كنزا محتملا للمدعين المعنيين بحقوق الإنسان.
وقالت لـ«رويترز» في عام 2014 إن اللجنة تجهز ملفات لأجهزة الادعاء رغم عدم وجود محكمة مختصة بنظر هذه القضايا.
ونظرا لعدم عضوية سورية في المحكمة الجنائية الدولية، منعت حليفتاها في مجلس الأمن روسيا والصين جهود إحالة الملف السوري إلى المحكمة التي مقرها لاهاي رغم الأدلة الكثيرة التي جمعتها الأمم المتحدة واللجنة وغيرهما من الجهات.
وأضافت يلاسيتش إن اللجنة صارت توفر الدعم لما يصل إلى 13 دولة ولا تزال تتلقى طلبات للمساعدة «بصورة شبه يومية».
واستخدمت الأدلة والشهادات التي حصلت عليها اللجنة الشهر الماضي في قضية أميركية حكم فيها القاضي بأن حكومة الأسد يجب أن تدفع تعويضات قيمتها 302.5 مليون دولار على الأقل لدورها في مقتل الصحافية الأميركية المشهورة ماري كولفين في 2012.
وفي باريس، اعتقلت الشرطة الفرنسية رجلا للاشتباه في ارتكابه «جرائم ضد الإنسانية»، في الفترة بين عامي 2011 و2013، حين كان يعمل لدى أجهزة الأمن السورية.
ولم يذكر الادعاء العام الفرنسي اسم الشخص، واكتفى بالقول إنه شاب ثلاثيني وعمل سابقا في استخبارات النظام السوري، مؤكدا أنه شارك في قمع المتظاهرين المدنيين، حسبما نقلت «فرانس برس».
وتحدثت وكالة الأنباء الفرنسية عن تنسيق أمني ألماني ـ فرنسي لملاحقة مرتكبي «جرائم حرب» في سورية عقب تسريب 55 ألف صورة لمعتقلين في سجون النظام قتلوا تحت التعذيب، الصور التي عرفت باسم «صور قيصر» وأثارت الرأي العام العالمي.
وبعد انتشار الصور، أعلنت فرنسا وألمانيا ملاحقة مرتكبي «جرائم ضد الإنسانية»، بموجب «الولاية القضائية العالمية» التي تخولها محاسبة من ارتكبوا تجاوزات قانونية خارج أراضيها.
اذ أصدر القضاء الفرنسي، في نوفمبر الماضي، مذكرة توقيف دولية ضد ثلاثة من كبار ضباط الأسد، هم: علي مملوك، رئيس مكتب الأمن القومي السوري، وجميل حسن، مدير إدارة المخابرات الجوية السورية، وعبد السلام محمود، رئيس فرع التحقيق في المخابرات الجوية.
كما أصدر الادعاء العام الألماني، في مايو الماضي، أول مذكرة توقيف دولية بحق شخصيات تابعة للنظام السوري، وطالت رئيس المخابرات الجوية، اللواء جميل حسن، بعد شكوى جنائية قدمها معتقلون سابقون ضده.