- د.عبدالفتاح كليطو: المفارقة في هذه الحالة أننا نبحث بجهد وعناء عن شيء هو في قبضتنا
- د.سنان أنطون: العالم نص هائل متشابك وكتاب مفتوح ونحن قراؤه ومترجموه وكُتّابه أيضاً
- د.نادر كاظم: هناك 3 تعريفات مختلفة لـ «معنى الحياة»
- د.فهد المطيري: المعنى قد يتخذ أشكالاً مختلفة وقد يتعرض للتشويه ولكنه لا يختفي أبداً
- د.أشرف فقيه: الآلة الذكية هي الوجود القادم الذي سيسطر على هذا الكوكب
- منصورة عز الدين: المعنى هو ذاك الغامض المختبئ في الضفة الأخرى.. والحكاية كانت وسيلتي للعبور إليه
آلاء خليفة
انطلقت محاضرات مهرجان «رحلة المعنى» الذي تنظمه مكتبة تكوين في الجامعة الأمريكية في الكويت بمشاركة كويتية وعربية واسعة، وبرعاية إعلامية من جريدة «الأنباء» عقب حفل الافتتاح مباشرة مساء أمس، وتركزت جلسات اليوم الأول حول رحلة البحث عن المعنى، وذهب المشاركون في محاضرات اليوم الأول إلى مفارقة أن المعرفة سابقة للبحث وبالتالي نحن نبحث عن شيء موجود لدينا، في حين أشير إلى أن رحلة البحث لا تخلو من جماليات.
في البداية، ألقى ضيف شرف الملتقى د.عبدالفتاح كليطو ـ وهو كاتب مغربي ـ محاضرة بعنوان «بحثا عن المعنى الضائع»، قال فيها إنه في كتابه خواطر، يقول بليز پاسكال «ما تبحث عنه قد وجدته من قبل».
إذا صدق هذا القول فإن المعرفة سابقة للبحث الذي نقوم به بغية إدراكها، لافتا إلى أن المفارقة في هذه الحالة أننا نبحث بجهد وعناء عن شيء هو في قبضتنا، نبحث عما هو موجود لدينا.
وأشار كليطو في معرض حديثه إلى محطات فكرية قد تكون موحية ومن بينها قول بليز پاسكال «بتصرف»: من تبحث عنه قد وجدته، وقول كافكا: «في أغلب الأحيان ما نبحث عنه بعيدا يقطن قربنا» وسرد لبورخيس عن فيلسوف عربي يسعى إلى ترجمة كلمتين لا يفهم معناهما، «فيقول لنفسه (دون أن يصدق ذلك تماما) إن ما نبحث عنه يكون غالبا في متناولنا».
جدلية المعنى والسلطة
د.سنان انطون
وقدم المحاضرة الثانية من اليوم الأول الشاعر والروائي والأكاديمي العراقي د.سنان انطون الذي تحدث عن «جدلية المعنى والسلطة»، حيث أوضح انطون أنه إذا افترضنا أن الوجود شبكة لا متناهية من الرموز والإشارات والدلالات واللغات فإن الإنسان بطبيعته وتاريخه كائن يبحث عن المعاني في كل ما حوله وينتجها.
وتابع قائلا: لا تخلو رحلة البحث الأزلية للعثور على المعاني ولذة التعرف عليها من جماليات، مشيرا إلى أن المعنى لا يوجد ولا ينتج في فراغ فهو دائما مرتبط بسياق وسلطة ما وبمؤسسات والأطر السياسية والاجتماعية والفكرية والثقافية وهي متداخلة مع بعضها البعض، كما يرتبط إنتاج المعنى بخطابات تنظم وتحدد وتحتكر تراتبية المعاني وتفرض علينا قاموسها الرسمي.
وذكر انطون أن وجود الفرد لا يكتمل ولا تتحقق كينونته ولا تفصح ذاته عن ذاتها إلا عبر منظومة المعاني وشباك المعنى المرئية واللامرئية، موضحا أن العالم نص هائل متشابك وكتاب مفتوح ونحن قراؤه ومترجموه وكتابه أيضا.
وأفاد انطون بأنه لا توجد حرية مطلقة لا تحدها حدود أو قيود، ولا يمكن بالطبع للفرد أن يعيش في فراغ وحده، فكل منا يولد في إطار وسياق اجتماعي معين ويدخل شاء أو أبى في منظومة علاقات مع الجماعة.
الإرهاب عمل لا أخلاقي
د. نادر كاظم متحدثا
وفي المحاضرة الثالثة من اليوم الأول تحدث الكاتب والناقد والأكاديمي البحريني د.نادر كاظم عن المعنى، متسائلا: أين السؤال الذي يحتاج إلى جواب؟
حيث حملت محاضرة كاظم عنوان «عن المعنى القاتل الانتحار، الإرهاب، ومعنى الحياة»، وقدم فيها 3 تعريفات مختلفة لـ «معنى الحياة»، حيث يعرف الأول «معنى الحياة» بأنه الغاية من وجودنا، وهنا يلتقي المنظور الديني بمنظور الأيديولوجيات الكبرى مثل القومية والهيجلية والماركسية وغيرها.
ويربط المنظور الثاني معنى الحياة بموقف ومشروع إنساني وأخلاقي يتبناه المرء تجاه الإنسان والعالم، والثالث يعرفه بأنه الهدف الذي نختاره لأنفسنا ونسعى من أجل تحقيقه بمعزل عن أخلاقية هذا الهدف.
وشدد على أن قتل النفس (الانتحار) وقتل الآخرين (الإرهاب) يعتبر عملا لا أخلاقيا، لأنه يحول الإنسان، في الحالتين، إلى مجرد وسيلة لتحقيق غاية تتجاوزه.
ماهية المعنى
د.فهد المطيري
ثم انطلقت محاضرات المهرجان لليوم الثاني صباح الجمعة بمحاضرات شيقة ومثمرة حول البحث عن المعنى، وماهيته، ثم انتقلنا إلى محاضرة شيقة عن فانتازيا الحب، وكيف سيكون الحب في زمن الآلة الذكية، وصولا إلى محاضرة عن معنى الحكاية باعتبارها الوسيلة للوصول إلى المعنى الغامض الكامن في الضفة الأخرى.
تحدث في بداية محاضرات اليوم، الأستاذ المساعد في علم اللغة النظري بالهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب د.فهد المطيري وتناول ماهية المعنى والطبيعة الجوهرية للمعنى، متسائلا: ما هو المعنى؟
ولفت إلى أن افضل طريقة لتبيان أهمية أي شيء هو تخيل إذا لم يكن موجودا، وفيما يخص المعنى فنتساءل ماذا لو اختفى المعنى، مؤكدا أنه من الناحية اللغوية الصرفة لا يمكن للمعنى أن يختفي، موضحا أن المعنى قد يتخذ أشكالا مختلفة، وقد يتعرض للتشويه ولكنه لا يختفي أبدا وغير قابل للفناء، فلا يمكن نفي الوجود المطلق للمعنى منذ الوقوع في تناقض.
عواطف «ذكية»
د. أشرف فقيه ملقيا محاضرته
وانتقل الحديث إلى كاتب الخيال العلمي والفانتازيا التاريخية من المملكة العربية السعودية د.أشرف فقيه، الذي تحدث عن معنى الحب في زمن الحب الآلي، موضحا أن العالم راي كير زويل ذكر أن في العام 2049 ستصبح الآلات بمستوى ذكاء الإنسان وستكون لها عواطف بشرية.
وذكر فقيه أن مفهوم الآلة الذكية المسخرة للحب لم يتغير كثيرا عن الماضي بل هي موجودة منذ 100 عام، موضحا أن الآلة الجديرة بالحب هي آلة مؤنثة، متسائلا: هل هذا يصب بمعنى الحب في زمن الآلة المقبل؟
وأوضح فقيه أن الآلة يمكن أن تتحول لآلة شريرة في حال تعارضت مع مصلحتها، مشيرا إلى أن العالم دون بيرن ذكر أن مقدار الانجذاب يساوي مجموع المشاعر الإيجابية مقسوما على مجموع المشاعر الإيجابية والسلبية بين أي طرفين، موضحا أننا عندما نتحدث عن الآلة الذكية فإننا نقر بأننا لا نراها إلا من مفهوم الأسياد والعبيد، ولابد أن نتخلص من تلك العقد ونرضى بتبادل الأدوار بيننا وبينها، مشيرا إلى أن الآلة الذكية هي الوجود القادم الذي سيسيطر على هذا الكوكب.
وأضاف أنه كون الحياة غير ممكنة بدون معنى، يجعل هذا الأخير ضرورة وجودية وجمالية في آن، يستحيل تحقق مغامرة العيش دون الارتهان إلى فلسفتها وعمقها.
الحكاية الشعبية.. والمهمشين
د. منصورة عز الدين
بدورها، قدمت الكاتبة المصرية منصورة عزالدين محاضرة بعنوان «من معنى الحكاية.. إلى حكاية المعنى»، موضحة ان تاريخ الكتابة هو تاريخ البحث عن المعنى.
وقالت عزالدين: لا أعني هنا مطاردة معنى محددا سلفا، بل بالأحرى خلق المعنى وإسباغه على كل ما قد يبدو عبثيا، بالنسبة لي كان المعنى هو ذاك الغامض المختبئ في الضفة الأخرى، وكانت الحكاية وسيلتي للعبور إليه: حكايات جدي وجدتي وأعمامي في البداية، ثم حكاياتي الخاصة لاحقا، لو رغبت في تلخيص رحلتي ككاتبة من هذه الزاوية، لقلت إنها رحلة الانتقال من معنى الحكاية إلى حكاية المعنى، من الإيمان بمعنى وحيد وشامل إلى الانفتاح على تعدديته ونسبيته والقبول بمراوغاته وحرية اللعب معه ضمن ثنائية الكشف والحجب.
من ناحية أخرى، أوضحت عزالدين أن الحكاية الشعبية كانت ومازالت أداة المهمشين لتقديم سرديتهم الخاصة، البعيدة عن المناقضة لسردية السلطة، لكن علينا الحذر هنا، فالحكاية الشعبية وان تمردت على سرديات السلطات الحاكمة وتحدتها عبر خلق أبطالها ورموزها ودلالاتها الخاصة تحمل في بنيتها رغبة سلطة بديلة ولتكن سلطة العائلة أو الآباء في ترويض المستمعين وتوجيههم، موضحة أن حمولة الفن فيها مثلت حماية كافية للمستمع الواعي.
متابعة: الحكايات بطبيعتها مولدة لتأويلات ومعان لا تحصى وقائمة على النسبية، وما بين سطورها يفوق المذكور فيها، هذا بخلاف ان المعنى على المستوى الشخصي علاقة جدلية بيننا كأفراد وبين الكلمات والأشياء والأحداث، تفسيراتنا لها تتشكل انطلاقا من تاريخنا الخاص ومن العلائق التي ربطت بيننا وبينها، موضحة ان المعنى في هذه الحالة شيء نضيفه نحن على ما حولنا وبالتالي هو اقتراح ضمن اقتراحات عديدة، تأويل يوحي به لكل شخص منا تاريخه وهواجسه وخبراته الخاصة.
قالوا في المهرجان
فيما يلي مجموعة من أبرز ما طرحه عدد من المشاركين في محاضرات مهرجان «تمكين»:
سامي العجلان:
٭ هل يجب أن يكون للحياة معنى ظاهر كي نفهمها ونستجيب إلى ندائها؟
٭ هل المعنى كامن في الأشياء أم فينا؟
٭ إننا ككتاب مصابون حتما بانفجار المعنى.
٭ المعنى استنباط فكري وليس جوهرا قائما بذاته.
مهدي سلمان:
٭ على الشاعر أن يبحث عن لغته في الشارع، أو البيت، أو الطبيعة.
٭ كيف نقبض على معنى، حين يكون المعنى محاصرا بنفسه، وحاضرا بقوة؟
٭ لا يمكنك في الشعر إلا أن تولد المعنى من المعنى، والدلالة من الدلالة. إنها لعبة التأويل.
٭ اللغة الشعرية، على وجه الخصوص، قادرة على قلب الأشياء والأشخاص، إلى مفاهيم، ثم تجليد هذه المفاهيم إلى ظلال، أو ما يمكن إطلاق صفة مشاعر عليها.
حسين المطوع:
٭ ما هو هذا المعنى؟ أين يوجد؟ هل بالإمكان بلوغه؟ كيف؟
٭ هل هناك معنى أم معان لا متناهية؟
٭ ثم ما هو دور التأويلية في معالجة هذه القضية وهل استطاعت تقديم أجوبة حاسمة؟
منصورة عز الدين:
٭ في كل زمان ومكان يغتال الطغيان اللغة، يثقلها بالتعبيرات الخشبية، ويفرغ كلماتها من معناها، مضحيا بها على مذبح البروباجندا والثنائيات الضدية الضحلة.
٭ الخسارة أفضل مرشد لفن التساؤل.
٭ كي نحكي أو نكتب نحتاج إلى اللغة، واللغة كائن حي يمكن شحذه للوصول به إلى أقصى طاقاته الإبداعية، أو فساده لتحويله إلى «هراء كالكلام بلا معان» كما قال المتنبي في سياق آخر.
د.أشرف فقيه:
٭ الآلة الذكية ينتظرها وقتا عصيبا جدا كي تتواءم مع فكرة الحب.
٭ الدماغ هو المسؤول عن عواطفنا وليس القلب، القلب مسؤول عن ضخ الدم، الأساطير الإغريقية هي من رسخت فكرة أن القلب مكمن الحب.
د.فهد المطيري:
٭ أنت لا تستطيع نفي الوجود المطلق للمعنى دون الوقوع في تناقض.
٭ من الناحية اللغوية الصرفة، لا يمكن للمعنى أن يختفي.
٭ كل شيء قابل إلى أن يكون رمزا يحيل أو يحال إليه.
٭ المعنى، مثل الطاقة، غير قابل للفناء، ولكنه على عكس الطاقة، يمكن خلقه.
محاضرات اليوم السبت.. في ملتقى تكوين " رحلة المعنى"
الفترة الصباحية
٭ 11 صباحا - هبة مشاري حمادة: «من.. يشاهد.. ماذا؟».
٭ 11.30 صباحا - حسين المطوع: «التأويل: عن أي معنى نتحدث؟».
٭ 12 ظهرا - أروى خميس: «نكبر.. فهل تكبر القصص معنا».
٭ 12.30 ظهرا - داليا تونسي: «الطفولة وتساؤلات المعنى».
الفترة المسائية
٭ 4 مساء - د.محمد الودرني: «الكتابة الروائية والبحث عن المعنى».
٭ 5 مساء - د.محمد بن سعد الدكان: «حوارية المعنى.. في شبكات التواصل الاجتماعي».
٭ 5.30 مساء - منى حبراس السليمية: «حكاية معنى».
٭ 6 مساء - يوسف البناي: «عبقرية الطبيعة ومعنى الحياة».
٭ 7 مساء ـ أمسية سردية: خالد تركي، استبرق أحمد، منصورة عز الدين، وإدارة عبدالله الحسيني.
واقرأ أيضاً: