- بثينة العيسى: أدب الطفل يلعب دوراً مهماً في وضع أسئلة الطفل في موضع الاحتفاء
- داليا تونسي: نحن بحاجة لمن يدافع عن التراث العربي بما يتناسب مع طفل القرن الـ 21
- أروى خميس: كتب الأطفال تخاطب الجميع ولا بد من تشجيع الطفل على «القراءة»
- لطيفة بطي: لا بد من غرس حب اللغة العربية في نفوس الأطفال من خلال القص
- نجوى بركات: مشروعي الثقافي «محترف نجوى بركات» أنتج 23 رواية نشرت في عدة دور نشر
- دخيل الخليفة: وسائل التواصل تعتمد اليوم على اللغة الفصحى وطورت قدرة الشباب على الكتابة
- أحمد الملا: يمكن التجديد في الرواية والقصة والكثير من أشكال التعبير لكن الشعر حالة استثنائية
- مهدي سلمان: ضرورة خروج الشعر عن حالته المنبرية ويكون أقرب للحالة المسرحية
آلاء خليفة
خصص اليوم الرابع من مهرجان «رحلة المعنى» الذي تنظمه مكتبة تكوين في الجامعة الأمريكية في الكويت، لحلقات نقاشية حول رحلة المعنى وعلاقاته بالعديد من المناحي الأدبية والثقافية والشعرية والاجتماعية بمشاركة العديد من المتخصصين من مختلفة الدول العربية.
ففي حلقة نقاشية بعنوان «الطفولة والبحث عن المعنى» شارك فيه كل من أروى خميس، لطيفة بطي، داليا تونسي وحاورتهن الروائية ومؤسسة مكتبة تكوين بثينة العيسى.
وذكرت الروائية ومديرة مكتبة تكوين بثينة العيسى ان رحلة البحث عن المعنى تبدأ منذ سن مبكرة منذ ان سأل الطفل سؤاله الأول، لماذا السماء زرقاء، أين كنا قبل ان نولد، أين تذهب جدتي التي ماتت، من خلق الخالق؟
وأردفت قائلة: يلعب أدب الطفل دورا مهما في وضع أسئلة الطفل في موضع الاحتفاء، ليس بالضرورة من خلال توفير إجابات مريحة (ان وجدت)، بل للاحتفاء بحالة التساؤل والفضول باعتبارها جميلة في ذاتها.
وقدمت العيسى محاور وأسئلة لضيوف الحلقة النقاشية تمحورت حول من أين ابتدأت رحلة الكتابة للطفل؟ وهل يتفلسف الطفل؟ وما مواصفات كتاب الأطفال الجيد؟ وهل يمكن لدار نشر للأطفال ان تنجو بلا دعم مؤسساتي؟ وهل ما زالت الأم أو الجدة في الزمن الحديث تقوم بدورها القديم في قص القصص على الأطفال؟ وكيف نستطيع ان نجعل الطفل يفكر باللغة العربية ويعبر ويشعر بها، وأخيرا هل التفلسف يعتبر عملا نخبويا فكريا فكيف يقوم به الطفل؟
كتب تربوية
من جانبها، أوضحت الأستاذ المشارك في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة وصاحبة دار نشر أروى العربية أروى خميس: انها تحب القراءة منذ الصغر خاصة كتب الأطفال، لذا قررت عمل ناد صيفي وركزت على الدراما الإبداعية في النادي، وقامت بتأليف العدد من القصص بنصوص عربية ونشرتها من خلال دار نبتة للنشر في المملكة العربية السعودية ومن ثم قامت بتأسيس دار نشر أروى العربية.
وذكرت خميس ان أغلب المدارس الحكومية في المملكة العربية السعودية دراستهم باللغة العربية ولكن الأمهات اللواتي يدرسن أبناءهن في مدارس انجليزية غالبيتهن يحرصن على شراء كتب باللغة العربية لأطفالهن.
وأكدت خميس ان كتب الأطفال ليست للأطفال فحسب انما تخاطب الجميع، موضحة انها لا تقوم بنشر كتب تربوية وإنما تنشر الكتب المفتوحة على تعليلات وتفسيرات مختلفة، مؤكدة ان ما تقوم به تحد ولكن هذه هي قناعة انها تفضل الكتب التي تحمل رسالة ويفهمها الطفل وفقا لطبيعة شخصيته.
وشددت خميس على دور الأسرة في تشجيع الطفل على القراءة وتخصيص وقت للكتب كما ان هناك وقتا للدراسة ووقتا للأجهزة الذكية والألعاب الإلكترونية.
الأدب الفلسفي للأطفال
بدورها، أوضحت مديرة البرامج التعليمية في مؤسسة بصيرة الأفكار للاستشارات التعليمية والتربوية داليا تونسي، ان رسالتها في الماجستير كانت في علم الاجتماع التفكيكي، مشيرة الى اهتمامها بالتعليم الأخلاقي والتفكير الفلسفي.
وأفادت تونسي بأنها تعمل في مجال الأدب الفلسفي للأطفال وقامت بتأليف كتاب جزيرة الاوراق، مؤكدة اننا بحاجة لمن يدافع عن التراث العربي بما يتناسب مع طفل القرن الـ 21.
من ناحية أخرى، ذكرت تونسي ان الطفل قادر على التفكير الفلسفي وتكوينها في ذهنه ولكن السؤال هو هل الطفل يستطيع الدخول في حوار فلسفي؟
مضيفة: أعتقد هنا يدخل مفهوم المنهج والتعليم وما يجب ان تفعله مع الطفل حتى تستطيع تعليمه تلك المهارات منها معلم متفلسف ومنهج وهيكل يحتوي على المشكلة (طرح السؤال) والمفهمة والحوار.
وأوضحت تونسي ان هناك نوعا من الأدب يرمز بطبقات من المعنى لا نحتاج لان نراها للمرة الأولى وتلك النوعية من القصص تكون خالدة أبد الدهر ويمكنها ان يقرأها طفل وممكن ان تقرأها سيدة عجوز تحتضر.
غرس حب اللغة العربية في نفوس الأطفال
من ناحيتها، قالت الكاتبة الكويتية لطيفة بطي: بدأت بالكتابة للكبار ولم يكن الطفل غائبا عن إصداراتي الموجهة للكبار، فقد كان الطفل شخصية أساسية في كتاباتي وإصداراتي، ومن ثم قررت ترك عالم الكبار والاتجاه للأطفال.
وأوضحت بطي اننا بحاجة لإيصال اللغة العربية للطفل منذ الصغر لاسيما في ظل التعليم الأجنبي الذي زاد من مفردات الطفل الانجليزية، بالإضافة الى استخدامهم للأجهزة الذكية باللغة الانجليزية لذلك فنحاول غرس حب اللغة العربية في نفوس الأطفال من خلال تلك الحكايات والقصص الموجهة للأطفال.
وأضافت بطي قائلة: الجدة تطورت تعليميا وثقافيا ولكن للأسف أصبح هناك انحدار في القراءة وفي قص القصص على أحفادها، لاسيما مع زيادة التزامات الحياة واختلاف جدات العصر الحالي عن جدات الماضي.
وأفادت بطي بأن الحكايات العالمية دخلت في الوجدان العربي بسبب انها حكايات مثلت في التلفزيون والسينما والمسرح بالاضافة الى الإصدارات في المعارض ومكتبات المدارس وأصبح الأطفال يعرفون تلك الحكايات في الوطن العربي، لافتة الى انها كتبت الحكايات الشعبية التي تتضمن قيم مفيدة ونشرها في الكويت.
وأشارت بطي الى انها حازت جائزة الشيخ زايد في أدب الطفل عن كتابها (بلا قبعة) 2017 برغم انه نص ليست له علاقة بالتراث الكويتي وإنما هو من الأدب الحديث المقدم للطفل.
المعنى في الشعر
وفي حلقة نقاشية أخرى بالمهرجان، حملت عنوان «المعنى في الشعر» شارك فيها كل من مهدي سلمان، احمد الملا ودخيل الخليفة وحاورهم حمود الشايجي.
في البداية، قال الشاعر والروائي حمود الشايجي: يطالب الشعر بقارئ قادر على الانفتاح في النص واللعب بقوانينه، قارئ يشتبك مع النص في لعبة تأويلية من أجل إنتاج المعنى، يطالب الشعر قارئه ان يكون شاعرا أيضا فهل هذا جزء من أزمة الشعر في الراهن ان صح وجود أزمة؟ هل يعاني الشعر من عزلة بسبب صعوبة عملية التلقي؟ خاصة في القصيدة الحديثة التي تعيد تشكيل اللغة خارج طبيعتها الثابتة وأوضاعها القموسية.
مسرحة القصيدة
ومن ناحيته، أوضح الشاعر الكويتي دخيل الخليفة ان المنهج المدرسي في الكويت تقليدي ومضى 70 عاما على شكل قصيدة النثر ولكن في المدرسة لا يذكر في جملة وفي المؤسسات الرسمية يكاد يكون الشكل التقليدي هو المطلوب والطاغي وهذه إشكالية كبيرة يجب ان نتجاوزها.
وذكر الخليفة أن وسائل التواصل الاجتماعي تعتمد أساسا على اللغة الفصحى والشباب تطورت لديهم قدرة الكتابة والتعبير وأصبحت الفرصة متاحة في وسائل التواصل الاجتماعي واستطاعت إفراز الجيد وتقديمه فضلا عن هذا التواصل بين الأجيال العربية الذي خلقته اليوم وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبحت الدعوات التي تمتنع بعض الجهات الرسمية عن إيصالها لأشخاص معينة أصبحت تصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وتابع قائلا: أحيانا تطلق تغريدة تفهم خطأ ولكن المجال موجود للتوضيح فـوجود شاعر بين قراءة بالتأكيد يسهــل العملية لكن يقينا لم أر شاعــرا حداثيا يشرح نصا لأن هـــذا النــص الحداثي يكون له أكثر من معنى.
وقال الخليفة: أنا لست مع مسرحة القصيدة الحديثة واعتبرها عودة الى الخلف، موضحا ان الورشة الشعرية لا تصنع شاعرا ولكن هذه الورش تختصر الطريق أمام الشاب الموهوب الذي بدأ يكتب.
وذكر الخليفة ان الناقد عادة يكون بخيلا ويركز على أسماء كبيرة، موضحا ان الناقد الحقيقي عليه ان يلتفت للأجيال الجديدة وللأدب الحديث الموجود حاليا، مشيرا الى ان الناقد أحيانا يهول كثيرا في أمور قد لا يعنيها الشاعر.
وتعليقا على برامج الجوائز للشعراء التي تقام حاليا في الوطن العربي، قال الخليفة: تكرس شاعر سيئ لمتلقٍ سيئ والهدف منها ضرب الشعر الحديث والعودة الى تأصيل الأصول التي كانت موجودة في الشعر العمودي، موضحا ان أهمية الجائزة تكمن في اختيار الشعراء الفائزين من خلال لجنة تتابع الحالة الشعرية.
المتعة في الشعر
من جانبه، أكد الشاعر والمسرحي البحريني مهدي سلمان، على ضرورة خروج الشعر من كونه نصا كنص الى ان يكون فنا والفن لا يسأل عن معناه بل الفن نستمتع بجماله فقط وبالشعور الذي يمنحه للمتلقي.
موضحا ان الانغلاق في المعنى قد تكون له أسباب عدة داخل وخارج النص، أسباب قد تتعلق بعدم قدرة الشاعر على خلق شعور داخل النص ولكن ما يهمني ما هو خارج النص والأسباب التي تؤدي لانغلاق النص من خارج النص وهي ان النص الشعري يراد من الطالب في المدرسة ان يمنحه معنى منذ الصغر ولا يقبل من الطالب ان يفسر البيت كما يفهمه هو، وبالتالي فإن الطالب يكبر على فهم انه لا يمكن ان يوجد أكثر من معنى لبيت شعري واحد وهذه أكبر الأخطاء التي تواجه الشعر فقد يحمل بيت الشعر الواحد عشرات المعاني ولا بد من تغيير هذا النظام للحصول على متلقٍ يجيد تلقي الشعر ذي نظرة حديثة وليس نظرة منغلقة تحصر الشعر كوسيلة.
وأفاد سلمان بأن تحقق المتعة في الشعر هو جزء ولكن ليس المعنى هو كل الشعر، موضحا أن الشعر صوت وخيال ومعنى وإيحاء ودلالة ومشاعر قابلة للتفجر، مؤكدا على ضرورة تغيير النظرة في تلقي الشعر.
وحول مدى استفادة الشعر من الأطر الفنية الأخرى، قال سلمان: لم اجرب هذا الأمر بالشكل المباشر سواء عن طريق الإخراج او التمثيل او الكتابة ولم أجرب أكتب نصا مسرحيا قائما على الشعر بشكل عام لكن أعتقد ان هذا الأمر في الذات طالما نعمل في الجانبين لا بد ان يتداخل هذا في ذاك ولا يمكن حصر كل جانب بمفرده، موضحا انه في الشعر سيظهر المسرحي داخل النص في حالة المشهد والحوار والدراما داخل النصوص وفي حالة الملحمية داخل بعض النصوص الشعرية.
متابعا: أي عمل يمارسه الإنسان إضافة الى الفن يخدم بالتأكيد هذا الفن لأننا نكتشف ذواتنا ونكتشف الحياة من خلال الفن، موضحا اننا إذا تحدثنا عن التلقي فاليوم أصبح من المهم ان يخرج الشعر عن حالته المنبرية ويجب ان يكون قريبا أكثر للحالة المسرحية السينمائية البصرية وأن يشتغل بالتضافر مع بقية الفنون من أجل خلق حالة.
الشعر حالة استثنائية
وبدوره، أفاد الشاعر السعودي أحمد الملا، بأن الشعر هو حالة استثنائية، فيمكن التجديد في الرواية والقصة والكثير من أشكال التعبير لكن الشعر استثناء، موضحا ان الشعر حالة شبه مقدسة في الذهنية العربية وبالتالي فهناك حالة مقاومة لتقبل الجديد.
وأوضح الملا ان الفنون تخدم بعضها البعض فالفنان التشكيلي يكون أكثر تعبيرا وعمقا عندما يطلع على الأدب وهكذا الحال الشاعر الناجح هو الذي يكون مطلع على الكثير من الفنون والاستفادة منها.
التجريب في الأدب القصصي
وفي حلقة نقاشية أخرى بعنوان «التجريب في الأدب القصصي» تحدث فيها الروائية اللبنانية نجوى بركات وحاورها الكاتب والروائي الكويتي خالد تركي.
في البداية، قال الكاتب والروائي الكويتي خالد تركي كل كاتب لابد ان يكون مهجوسا بالتجريب كان يكتب روايته الأولى او روايته الـ 40 فهو دائما مشغول بالخروج عن منطقته الآمنة وتجربة أشكال وثيمات وموضوعات جديدة، التجريب على ما يبدو هو الجانب اللعوب من الصنعة وهو الذي يجعل رحلة الكتابة مضنية وفي الوقت نفسه مضيئة والسؤال هو: كيف يمكن تحويل هاجس التجريب الى رافد لمعان جديدة؟ وكيف يمكن للكاتب ان يخرج من قوقعة التجريب بالأشكال الى فضاء التجريب بالمضامين؟
التجريب هو سمة الكتاب
ومن ناحيتها، أوضحت الكاتبة والروائية نجوى بركات ان التجريب هو سمة الكتاب في تجريب عدة طرق لكتابة النصوص، موضحة ان الكاتب يمكن ان ينطلق دون ان يكون على علم مسبقا بوجهته ويمكنه كسر القالب الجامد.
وأردفت قائلة: كل رواية جديدة الكاتب مدعو فيها لتجريب ما يتناسب مع رغبته في انتاج عمل جديد كليا لا يشبه العمل الذي يسبقه ولكن يحمله سمة الكاتب.
وذكرت بركات ان إتقان الكاتب للغة أخرى والاطلاع على ثقافات أخرى أمر جيد وليس سلبيا ولا يعني اذا كان الكاتب يعيش في دول أوروبية ان هويته ستتغير بالعكس، فالشخص لا يغير انتماءه لوطنه لمجرد انه يعيش في وطن آخر.
وحول تجربتها الروائية قالت بركات: لدي علاقة حسية جدا مع اللغة وفي لغة السر تناولت هذا الموضوع لكن بدون الدخول في البعد النظري.
وأكدت بركات أهمية القراءة من ثقافات مختلفة وتعلم اللغات المختلفة والانفتاح ولكن بدون تجاهل الأصل والوطن.
مشيرة الى مشروعها الثقافي «محترف نجوى بركات» والذي أنتج حوالي 23 رواية نشرت في عدة دور نشر.
واقرأ أيضاً: