وجدت نفسي اتنقل من صفحة لأخرى، وكان الموقع الذي أتصفحه مليئا بالروابط والصور والفيديوهات لدرجة أنني لا أعرف كيف سأنهي تصفحي له، وجدت كلمة غريبة بالموقع فاضطررت لفتح نافذة جديدة والبحث في «غوغل» عن تفاصيلها، الكلمة التي أثارت استغرابي كان مطلقها شخصا معينا من بلد لأول مرة أسمع عنه، فأخذت ابحث في «اليوتيوب» عن أسرارها، هكذا كنت انتقل من موقع لآخر وقد تكون أنت عزيزي القارئ من أصحاب نفس هذه المشكلة، هذه هي مصيدة التشتت التي تصيب أيا منا، لكن دعني أسألك سؤالا آخر؟ هل تعلم أن الإدمان على الإنترنت مشخص ضمن الاضطرابات العقلية؟
نعم، فنحن نشتت عقولنا حينما نجعلها عرضة لإجراء أكثر من أمر في آن واحد، كما نقبل بأن نسمح لأي طلب بالدخول لحياتنا، ومن خلاله تستغل الذاكرة العديد من الأوامر اللفظية وغير اللفظية مع العديد مما يجري حولنا، ويصبح كل منا مدانا أمام العديد من المهارات التي ابتعدنا عنها بداية من العلاقات المجتمعية، القراءة والانصات، الاختلاء بالذات، تذكر أبسط الأشياء، الاستغراق بالنوم، الانتقال من مكان لآخر، الإبداع، التعلم.
ويذكر جيمس بورج أحد خبراء لغة الجسد والإقناع أن الذاكرة تتعطل حينما يحدث خلل بين استقبال المعلومات والتخزين واسترجاع المعلومات، وسببها الأساسي هو أننا لم نركز على الأشياء التي نصغي إليها أو نراها وتفوتنا العديد من اللحظات بسبب ذلك.
نحن مقبلون على وقت نقارن فيها حياتنا بمن انقطعوا عن تشتت التقنية التي قد تملأ الغرفة التي تعيش فيها، اليوم أصبح معدل دخولنا على الإنترنت أضعاف الوقت السابق، حتى البريد الإلكتروني الذي يعتبر مهما كم نسبة ما نستفيد مما نقرأه وهل فعلا كل ما يصل لنا مهما أم أنها كومة من رسائل مزعجة لا ترتبط باهتماماتنا ولا تحدث فارقا لنا.
ماذا يمكن أن تفعل وسط هذه الفوضى؟ حاول دائما أن تطفئ صوت الرنين عن كل تطبيق مزعج يشتتك، ضع لك وقتا محددا تجاه استخدامك للإنترنت، والأهم ضع لك أولويات لمن تتواصل معه ومن سيضيف لك في مجالك واهتمامك، وإلا لن تخرج من مصيدة التشتت الرقمي مطلقا.
[email protected]