لم ينفع العرض الذي قدمته رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بالاستقالة مقابل تمرير الاتفاق على الخروج من الاتحاد الاوروبي «البريكست»، في إقناع رافضي القرار بالتصويت لصالحه أمس الأول، ما دفعها إلى دراسة إمكانية طرحه على التصويت للمرة الرابعة داخل مجلس العموم.
وارتفعت احتمالات وقوع «الطلاق» الفوضوي وغير المنظم بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي «من دون اتفاق» في غضون أقل من أسبوعين، بعدما رفض النواب البريطانيون أمس الأول للمرة الثالثة تمرير الـ«بريكست»، لكن بنسبة تقل عن المرتين السابقتين.
وقال رئيس حزب المحافظين براندون ليويس لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أمس: «نعتقد أن أفضل طريقة لاحترام الاستفتاء هو تمرير الاتفاق».
منوها بالدعم المتزايد للاتفاق رغم خسارة التصويت أمس الأول، قال المتحدث باسم ماي: «على الأقل نحن نسير في الاتجاه الصحيح».
ويجتمع البرلمان مرة أخرى غدا لدراسة تغييرات مقترحة للاتفاق، قد تضمن تمريره في الطرح الرابع، من بينها وجود ضمانات على علاقات اقتصادية أوثق مع الاتحاد الاوروبي بعد بريكست.
لكن الحكومة تعارض مراجعة استراتيجيتها بشأن الاتفاق، وقد أشارت ماي إلى أن اي خيارات تستلزم أولا الموافقة على الاتفاق الذي يتضمن تفاصيل الطلاق بين لندن وبروكسل.
ويتيح اتفاق بريكست الذي توصلت اليه ماي بعد مفاوضات استمرت 18 شهرا مع بروكسل فترة انتقالية كبيرة ستحافظ في شكل مؤقت على الوضع الراهن لمنح الأشخاص والشركات الوقت الكافي للتكيف مع العلاقات المستقبلية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.
وبعد ثلاث سنوات من تصويت البريطانيين لصالح مغادرة الاتحاد الاوروبي في استفتاء تاريخي، تعثرت العملية برمتها اثر خلاف كبير بين الحكومة والبرلمان.
وتجمع آلاف المحتجين خارج مقر البرلمان أمس الأول ملوحين بأعلام ومتهمين النواب بخيانة بريكست، وحمل بعضهم لافتات تقول: «أعيدوا مملكتنا» و«حرروا بريطانيا الآن».
ويعارض «مؤيدو بريكست» في حزب ماي الاتفاق لاعتقادهم انه لا يقطع العلاقات في شكل كاف مع بروكسل، فيما يريد «مؤيدو البقاء» في التكتل علاقات أوثق مع الاتحاد الأوروبي.
كما أن البعض الآخر يرغب في أن تتوقف عملية بريكست برمتها.
وقالت النائبة المحافظة والوزيرة السابقة نيكي مورغان لإذاعة «بي بي سي» إن البلاد ربما تكون بحاجة إلى حكومة إنقاذ وطني لتجاوز المأزق المعقد.
وقالت: «لقد كانت هناك فترات في تاريخنا شهدت حكومات وحدة وطنية او ائتلافا من أجل قضية محددة للغاية».
وتبدو ماي الآن بحاجة لشرح الخطوات المقبلة بعد أن دعا رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك لقمة في بروكسل في 10 ابريل المقبل.
لكن رفض الاتفاق مجددا يفرض عليها إعداد خطة جديدة بحلول 12 أبريل المهلة النهائية التي حددتها اوروبا لها للمغادرة، تتضمن خيارات من بينها بريكست من دون اتفاق أو تأجيل طويل الأمد.
من جهته، قال رئيس حزب المحافظين البريطاني براندون لويس، الذي تنتمي إليه رئيسة الوزراء إن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة بشأن كيفية إخراج البلاد من أزمة الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، لكن السعي لاتحاد جمركي مع التكتل سيكون صعبا.
ومع المأزق الذي وصل إليه البرلمان والحكومة فيما يتعلق باتفاق ماي، يظل من غير الواضح كيف ومتى ستتم عملية الخروج أو ما إذا كانت ستحدث من الأساس.
وتتضمن الخيارات التي حظيت حتى الآن بأكبر تأييد وجود علاقات وثيقة مع الاتحاد الأوروبي وإجراء استفتاء ثان.
وفي السياق ذاته، قالت صحيفة ديلي تليغراف امس، إن على ماي التنحي من رئاسة الوزراء بعد التفاوض على تمديد مؤقت لعضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي.
وقالت الصحيفة في مقال افتتاحي: «يجب عليها الآن أن ترى، أو يجب إبلاغها، أنها في حين يمكنها الاجتماع مع الاتحاد الأوروبي للتفاوض على تمديد خروج بريطانيا من التكتل، فإن هذه هي النهاية الطبيعية للطريق، يجب عليها أن ترحل من أجل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ومن أجل حزبها ومن أجل الديموقراطية نفسها».