أزمة التوظيف في الكويت أزمة مستمرة تتجدد كل سنة وتشكل تحديا حقيقيا للدولة لأنها تأخذ على عاتقها ضمان إيجاد وظيفة لكل خريج. ورغم أن هذا الأمر نحسد عليه لكنه يضر بإنتاجية المؤسسات بشكل ملحوظ بسبب تكديس الموظفين.
لكل مؤسسة معايير لكي تضمن الجودة فمثلا هناك معايير تربوية لكي تضمن لنا جيلا على دراية من الفهم للمواد العلمية ويصبح بعدها جاهزا للانتقال للمرحلة التالية ولكن يتم أحيانا تجاوز هذه المعايير بتخفيض صعوبة الاختبارات لكي تضمن نجاح أكبر عدد ممكن من الطلبة وتجنب الضغط السياسي في حال سقوط الكثير منهم وهذا له تأثير سلبي يصاحب الطالب إلى سوق العمل. فعندما يتم تجاوز أو تخفيض المعايير لإنجاح أكبر عدد من الطلبة فذلك يعني أننا نضحي بجودة هؤلاء الطلبة وقدرتهم على مواجهة التحديات.
وتستمر هذه العملية مع الخريجين حتى دخولهم لسوق العمل، فيتم أيضا الضغط على مؤسسات الدولة لكي يتم استيعاب أكبر عدد ممكن من الخريجين متجاوزين خطة الاحتياج للموظفين وأيضا يتم تجاوز معايير القبول مثل الاختبارات لقياس استيعاب المتقدم للوظيفة لتخصصه واللغة الإنجليزية والمقابلة وغيرها من الأمور. فقبول المتقدم بالوظيفة ليس مشروطا بشهادته وتحصيله العلمي بل أيضا بشخصيته ومدى انسجامه بالمؤسسة ويسمى بـOrganization culture fit بالإضافة لمعايير أخرى من شأنها ان تضمن اختيار الموظف المناسب.
قد يتساءل القارئ انزين وين المشكلة؟ عند توظيف هذا العدد والذي يكون فوق الحاجة سينعكس على عدة أشياء منها تذمر الموظفين الجدد بأنه لا يوجد لهم عمل حقيقي يؤدونه، قد لا تتوافر لهم مكاتب للعمل، ولكثرة عدد الموظفين قد يعتمد كل منهم على الآخر بإنجاز العمل وهذا يسبب الإهمال، وصعوبة إدارة هذا العدد من الموظفين Span of control كل هذا يؤدي إلى تأخر المؤسسات بالإنجاز والخدمات ثم تلام المؤسسة بأكملها بأنها بيروقراطية ولا تنجز وان الكويت مكانك سر.
أفضل استثمار هو الاستثمار البشري وكوريا الجنوبية خير مثال، دولة ليس لديها مصادر طبيعية ولكن لأنها اهتمت بالتعليم فأنشأت قوة بشرية انتجت الكثير من الصناعات وتقوم مؤسساتها باختيار الموظفين حسب معايير صارمة لأن الموظف الصحيح في المكان الصحيح يؤدي إلى نجاح المؤسسة. تجاوز المعايير عواقبه وخيمة ويحل المشكلة كحل قصير المدى وبما أننا مقبلون على مرحلة جديدة لتنمية الكويت فلنستثمر في أبنائنا بشكل صحيح لكي يكونوا القوة الاقتصادية القادمة ونخلق لهم فرص عمل بعيدا عن الاعتماد على النفط.
Twitter: SaqerG