قبل عام وفي حضور لافت في الذكرى السنوية لجريمة تفجير جامع الإمام الصادق وقف النائب الأول الشيخ ناصر صباح الأحمد قائلا: «لن نسمح للانقلابيين بالتخفي بيننا وإن كان مع الأسف عدد منهم مازال بيننا ولكن مجتمعنا لن يسمح لهم ببث الفتنة».
كلمات واضحة أراد النائب الأول أن يصرح بها ليعطينا أملا من أجل خلع جذور الخطاب التكفيري الذي ترسخ في بعض العقول والنفوس الصفراء، ولقد كشف عن حقيقة لا تقبل أي جدال وهي أن هناك من يبث ليل نهار الفتنة ويرسخ ثقافة الكراهية والتمزيق في مجتمعنا، والمفارقة أن هذا الخطاب يأتي في ظل سكوت طويل وصمت غريب من المؤسسات المجتمعية حيال ما نراه من تراجع الحس الوطني وتغليب البعض للانتماء الفئوي على حساب الولاء الوطني، ولكن تصريح النائب الأول يؤكد أننا نشهد مسارا جديدا في التعامل مع الطائفية والفئوية والقبلية وغيرها ومعالجة المجتمع من هذه الأمراض.
إن الكويت دولة مدنية تضم شعبا حضاريا تنوعت ثقافاته واختلطت أعراقه وانتماءاته الدينية والاجتماعية وانصهرت في قالب واحد اسمه «المواطن»، وهذا القالب صلب لن تنفع معه محاولات الهدم الطائفية والعرقية رغم الممارسات الممنهجة للبعض، ويبقى «المواطن» رمزا شامخا للتقدم والتطور والمدنية في المجتمع الكويتي ولا نقبل لكائن من كان أن يعبث بمكتسبات المواطنة التي رسخها الدستور.
ومن هنا فإنني استنهض مؤسسات المجتمع المدني لتستعيد دورها الريادي والتصدي لأي صوت نشاز يثير النعرات ويجب عليها أن تنشط بفعاليات متميزة تتناسب مع الحياة العصرية التي نعيشها ووسائلها فالكويت ننتظر منها الكثير من المواقف المتميزة.
إن الوحدة الوطنية لا تصنع بالأوبريتات والغبقات والشعارات ولكن يصنعها العمل الدؤوب والثقافة الواعية الحرة ذات المضامين الحضارية النافعة التي تبني ولا تهدم، وهذا يحتاج إلى مد جسور التفاعل الإيجابي مع أبناء الوطن بلا تمييز واحترام الدولة للحقوق والواجبات، ويجب علينا أن نلتفت إلى المنعطفات التي يمر بها عالمنا في ظل إرهاصات السياسة العالمية، حيث إننا ضمن الإقليم الأكثر سخونة في العالم.
يجب علينا أن نكون حصنا منيعا لنحمي وطننا من التشرذم والأزمات، انها رسالة للجميع وعلى رأسهم الحكومة ومجلس الأمة الذي يجب أن يرقى بالاهتمام بقضايا المواطن والوطن وليس بما تشتهيه نفوس بعض المشتغلين بالسياسة، فإن السياسة لم تكن صديقا وفيا للعدالة الاجتماعية.