أعلنت إيران أمس مصادرتها «سفينة أجنبية» في الخليج، في ثالث عملية من نوعها خلال أقل من شهر، لكنها قللت من احتمال اندلاع نزاع في المنطقة القابعة على «برميل بارود»، وسط تساؤلات عن ماهية الرد الغربي الذي مازال يتخبط في مبادرات تارة من واشنطن وأخرى من لندن لحماية الملاحة في المنطقة الاستراتيجية التي يمر منها نحو ثلث نفط العالم.
وفيما تستعر«حرب الناقلات» مع الغرب منذ شهور، قالت قوات الحرس الثوري البحرية إنها احتجزت السفينة التي لم تحدد جنسيتها على الفور.
وأوقف سبعة أجانب من أفراد طاقمها من جنسيات مختلفة، خلال هذه العملية التي تمت الأربعاء الماضي، بحسب وكالات الأنباء الإيرانية.
ونقلت وكالة أنباء «ارنا» الرسمية عن بيان للحرس الثوري أن السفينة المحتجزة كانت «تحمل 700 ألف لتر من الوقود المهرب» في شمال الخليج.
وأوضحت الوكالة انه تم نقل السفينة إلى ميناء بوشهر و«تسليم شحنتها من الوقود المهرب إلى السلطات».
وبحسب قائد المنطقة الثانية للقوة البحرية لحرس الثورة العميد رمضان زيراهي، كانت السفينة «الأجنبية قد تلقت الوقود من سفن أخرى لنقلها إلى دول عربية، وتم توقيفها قرب جزيرة فارسي بعد التنسيق مع السلطات القضائية».
ورغم ذلك، قلل رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية للجيش الإيراني الجنرال أحمد رضا بوردستان من مخاطر اندلاع نزاع في الخليج.
وقال: «للوهلة الأولى، قد يظهر أن الوضع في الخليج يتجه نحو نزاع عسكري لكن بالنظر عن كثب، نرى أن احتمال وقوع هكذا نزاع بات أقل».
وأكد الجنرال الإيراني كما نقلت عنه وكالة مهر للأنباء أن «القدرات العسكرية لقواتنا المسلحة قوية لدرجة أن أعداءنا لا يجرؤون على اتخاذ الخيار العسكري ضدنا».
لكنه شدد على أن «الخليج أشبه ببرميل بارود وأي انفجار قد يؤدي إلى كارثة كبرى».
ويعبر مضيق هرمز ثلث النفط المنقول بحرا في العالم، بحسب الوكالة الأميركية لمعلومات الطاقة.
في 14 يوليو، اعترضت إيران ناقلة النفط «رياح» التي ترفع علم بنما، متهمة إياها أيضا بنقل نفط مهرب.
وبعد 5 أيام، في 19 يوليو، احتجزت البحرية الإيرانية ناقلة النفط «ستينا امبيرو» السويدية التي ترفع علم بريطانيا، واتهمتها بأنها «خرقت قانون البحار الدولي».
جاء احتجاز «ستينا ايمبيرو» بعد 15 يوما من احتجاز السلطات البريطانية في جبل طارق ناقلة النفط الإيرانية «غريس 1» بتهمة تهريب النفط إلى سورية في خرق لعقوبات الاتحاد الأوروبي عليها.
وأعلنت بريطانيا بعد ذلك أنها أمرت بحريتها بمرافقة السفن المدنية التي ترفع علمها في مضيق هرمز.
طهران: العقوبات على ظريف جاءت بعد رفضه الدعوة للقاء ترامب
قال مسؤولون إيرانيون إن العقوبات الأميركية على وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف جاءت كعقاب له بعد رفضه دعوة للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وذلك بعدما كشفت مجلة «النيويوركر» أن السيناتور الأميركي الجمهوري راند بول قام وبمباركة من ترامب، بدور الوسيط في دعوة وزير الخارجية الإيراني إلى البيت الأبيض.
وأكد مسؤولون إيرانيون أمس تلك المعلومات. وأعلن المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي «خلال لقاء مع سيناتور، دعي ظريف لاجتماع ثم فرضت عليه عقوبات».
وأضاف ربيعي في تصريح بثه التلفزيون الحكومي «بالنسبة لحكومة تقول دائما إنها (تفضل) المفاوضات، ثم تفرض عقوبات على وزير خارجية...أليس هذا أمرا سخيفا؟».
وأكد شمخاني، في إشارة إلى حملة الضغط التي أطلقتها واشنطن ضد إيران، أن «فرض عقوبات على وزير الخارجية الإيراني الشريف بعد رفض مقترح ترامب إجراء محادثات مباشرة يثبت أن قطار الضغط الأقصى توقف عند محطة الفشل».
واشنطن تواجه صعوبات في تشكيل تحالف دولي لحماية السفن في الخليج
تواجه واشنطن صعوبات في تشكيل تحالف دولي في الخليج لحماية السفن التجارية التي تعبر مضيق هرمز بسبب مخاوف حلفاء الولايات المتحدة من الانجرار إلى نزاع مع إيران.
وفي حين يتصاعد التوتر في الخليج منذ الانسحاب الأميركي في مايو 2018 من الاتفاق حول النووي الإيراني، وإعادة واشنطن للعقوبات الصارمة ضد طهران، ما يزال الغربيون يرفضون حتى الآن الاقتراح الأميركي بنشر قوى عسكرية إضافية لمرافقة سفنهم في هذه المنطقة.
وأعلنت أستراليا، وهي آخر حليف يعبر عن شكوكه، انها «تدرس بشكل جدي» الطلب «المعقد» للولايات المتحدة، لكنها لم تتخذ قرارا بعد. وقالت وزيرة الدفاع الأسترالية ليندا رينولدز أمس «نحن قلقون للغاية إزاء التوتر المتصاعد في المنطقة وندين بشدة الهجمات على التجارة البحرية في خليج عمان».
وأضافت في مؤتمر صحافي عقب اجتماع في سيدني مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ووزير الدفاع الجديد مارك إسبر، «في نهاية الأمر، سنقرر كما نفعل دائما، ما هي مصلحتنا الوطنية».
وأطلقت الولايات المتحدة فكرة التحالف في يونيو اثر هجمات تعرضت لها عدة سفن في منطقة الخليج، بعد ان نسبتها الى إيران التي تنفي ذلك.
وتقضي الفكرة بان ترافق كل دولة سفنها التجارية عسكريا بدعم من الجيش الأميركي الذي سيتولى المراقبة الجوية للمنطقة وقيادة العمليات.
ورفض الأوروبيون العرض، لأنهم لا يريدون المشاركة في سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتمثلة في ممارسة «الضغوط القصوى» على إيران، وخوفا من تحوله الى نزاع عسكري مباشر. كما انهم يحاولون الحفاظ على الاتفاق حول النووي الإيراني.
ولدى سؤاله عن هذا التردد بدا بومبيو، وهو أحد مهندسي السياسة الإيرانية، منزعجا.
وقال: «لا تصدقوا ما تذكره الصحافة، هناك الكثير من المحادثات الجارية مع جميع البلدان، مثل أستراليا، وجميعها تأخذ هذا الطلب على محمل الجد».
وتابع: «انني على اقتناع بأنه سيكون لدينا تحالف دولي».
من جهته، بدا وزير الدفاع الذي وعد بإصدار بيانات «في الأيام المقبلة»، أكثر ليونة، مشيرا الى ان ردود الحلفاء جاءت «متنوعة».
وقال إسبر إن «الهدف لا يزال هو نفسه سواء أكانت عملية تقودها الولايات المتحدة أو طرف آخر، شراكة أوروبية» في تلميح إلى أن واشنطن يمكن أن تتخلى عن قيادة العملية.
وأضاف: «كلاهما يحقق الهدف نفسه: توحيد الجهود متن اجل ضمان حرية الملاحة».
ويبدو أن الشركاء الأوروبيين أكثر ميلا للمقترح البريطاني الذي دعا إليه وزير الخارجية الجديد دومينيك راب الاسبوع الماضي، والذي يقترح تشكيل «مهمة أوروبية» تكون خارج الاتحاد الأوروبي وحتى خارج حلف شمال الاطلسي «الناتو».