مع ان كثيرين يفضلون الاستقرار في أعمالهم ووظائفهم وحياتهم، ولا يميلون الى المخاطرة، إلا أن المخاطرة تبقى أهم محرك للثروة وتطوير الأعمال والذات.
هناك مقولة معروفة بأن «مخاطرة اكثر تعطي عائدا اكبر»، وهي مقولة يرددها كثيرون من باب النصيحة للآخرين بأخذ المخاطرة، لكن قليلين يعملون بها على ارض الواقع، وكثيرون يخطئون في فهم المخاطرة.
فالمخاطرة عن طريق خوض فرصة جديدة لأنك غير مرتاح مثلا في عمل ما او وظيفة ما او بزنس خاص بك، هي مخاطرة ممتازة، لأنها تحفز كل طاقاتك وستجد نفسك أولا حرا في كونك أخذت قرارا جريئا في تغيير واقع معين، وثانيا لأنك ستتحفز لخوض مغامرة جديدة.
ومن الممكن ان تكون ممتعة واحيانا شاقة، وربما تفشل في مرحلة ما، لكنك ستجد آفاقا كثيرة تفتح بعد كل فشل.
على الأقل ستتعلم من هذا الفشل ولن تكرره لكنك حفزت نفسك للتغيير.
أهم نقطة في هذه المخاطرة هي أنك انت ملك نفسك، وانت من يتحكم بقرارك ومصيرك، وليست عوامل خارجية.
فهناك مخاطرة خاطئة، وهي عندما تدخل أمرا انت لا تتحكم فيه، كالمغامر في شراء اسهم للمضاربة فيها من دون خبرة ومعرفة، ويتحرك في عملية الشراء والبيع مع كل موجة بورصوية صعودا وهبوطا.
والمشكلة في هذه المخاطرة هي الربح! نعم الربح وليس الخسارة.
لأنك عندما تخسر دائما ستخرج سريعا وتعلم انك أخطأت، لكن ان ربحت، وهو أمر وارد جدا ويمكن ان يحدث لمرات متتالية، فأنت ستعتقد انك تفهم في اللعبة وأنك أدرتها جيدا وأنك ربحت بفضل ذكائك مع قليل من الحظ، فتدخل في مخاطر لا نهاية لها.
فبعد ان تربح كثيرا، ستتغير موجة البورصات الى خسائر، وحينها ستستمر في اللعبة، ولن تخرج رغم خسارتك، وستلعب كل أوراقك أولا، كأن تفقد كل رأسمالك، ثم لكي تستمر، عليك بالتمول، وهنا ستقترض من أصحابك او من معاشك التقاعدي او من البنوك، وستدخل بدوامة كبيرة.
هذه ليست مخاطرة أبدا، هذا تهور، ومشكلته الأساسية انك لا تتحكم بشروط اللعبة، والأنكى انك لا تفهمها.
أما المخاطرة الصحيحة عندما تتحكم بكل ذلك.
مثلا، انت غير مرتاح في مهنتك، في مكان العمل الذي انت فيه، في البلد الذي تعيش فيه، إلخ.. اذا عليك ان تخاطر في ترك المهنة وتعلم مهنة جديدة، وهنا عليك ان تتحفز وتتعب لتتعلم شيئا جديدا.
عليك ان تترك عملك، وتبحث عن عمل آخر ترتاح فيه، نعم بكل بساطة، الفرص كثيرة حولك، المشكلة انك تدور في مكان واحد ولا تخاطر.
اترك البلد وابحث عن بلد آخر، نعم ببساطة ايضا، بلاد العالم كثيرة وكلها مليئة بالفرص، وما عليك إلا الاختيار.
أبدا اختيارك بالبلاد الأسهل من ناحية الفيز وإجراءات مزاولة العمل للأجانب وتسهيلات المهاجرين وغيرها من الخيارات الضرورية لبدء حياة جديدة.
لا تخطط كثيرا، ولا تتصور وضعا شبيها بوضعك الحالي المستقر.
ضع نفسك في القرار الصعب (المخاطر) وكل الأمور ستصبح أسهل بعد ذلك.
هناك شخصيات تريد كل شيء مرتبا لكي تأخذ مخاطرة وهذا أمر غير ممكن في الحياة.
لدي صديق يخاف من المخاطرة رغم انه لا يوجد لديه شيء يخافه، فقد أفلس في عمله، ما يعني ان اي شيء سيفعله سيكون أفضل له من البقاء في منطقة إفلاسه، فهو يدور حول نفسه.
لكن هكذا هي طبيعة الناس واختلافاتها في التفكير، هناك من يريد التخطيط والترتيب لكل خطوة قبل أخذ المخاطرة، وهو أمر غير ممكن بدرجة كبيرة، لذا تجده يبقى في مكانه لأن الأمور غير واضحة 100% أمامه.
@boumeree
[email protected]