يحتفل المسلمون في جميع أرجاء المعمورة هذه الأيام بذكرى هجرة النبي الأعظم محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، ويحرص المسلمون على تذكّر هذه الهجرة التي تعتبر بداية لانتصار الدعوة المحمدية وتأسيس دولة الإسلام في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة ويستزيد المسلمون من ذكرى الهجرة بالمواقف الشجاعة التي واجه بها الرسول الكريم أعداء الإسلام والذين كانوا يحاولون طمس الدعوة المحمدية، ولكن الله جل جلاله نصر رسوله وآزره.
يقول المولى القدير (إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم)..
لقد واجه الرسول الكريم ورفاقه محاولات أعداء الإسلام بكل شجاعة وقوة، ولكل رفيق من رفاقه موقف شجاع، فلقد نام علي بن أبي طالب في فراش النبي صلى الله عليه وسلم وفداه بنفسه لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم والدعوة.. ولأبي بكر الصديق مواقف شجاعة فهو الذي رافق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في هجرته إلى يثرب وتحمل المشقة، وللفاروق عمر بن الخطاب وقفة شجاعة عندما أعلن هجرته جهرا متحديا قريش فهو الذي حمل سلاحه وطاف بالكعبة ويقول بصوت عال.. «إني مهاجر فمن أراد أن يثكل أمه أو يرمل زوجته أو ييتم ولده فليلقني وراء هذا الوادي»، وللسيدة عائشة رضي الله عنها مواقف شجاعة، فهي التي تابعت الهجرة وفيما بعد روته لتكون ذكرى طيبة عند المسلمين، كذلك يتذكر المسلمون موقف السيدة الجليلة ذات النطاقين أسماء بنت أبي بكر التي كانت تحمل الطعام إلى غار ثور حيث يختبئ الرفيقان قبل بدء هجرتهما، كذلك لعبد الله بن أبي بكر موقف شجاع فهو كان يرعى الأغنام عند غار ثور الذي كان ينقل للرفيقين ما يتناوله قريش من حديث حول هجرة الرفيقين.
لقد هاجر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بأمر من المولى القدير نقله إليه جبريل عليه السلام حتى يواصل الرسول نشر رسالته بعيدا عن أذى أهل قريش..
وفي مدينة يثرب التي اطلق عليها بعد هجرة النبي إليها بـ«المدينة المنورة» استقبل استقبالا حارا من قبل أهلها.. وعاش النبي وأصحابه المهاجرون معه حياة كريمة بين الأنصار أهل المدينة حيث آخى الرسول الكريم بين المهاجرين والأنصار.. وبعد ذلك باشر النبي الكريم نشر دعوته وبناء الدولة.. لقد تعلم المسلمون من هذه الهجرة الكثير من الصفات الحميدة منها الإيثار والكرم والشجاعة وتحمل كل الصعاب والمشقة من أجل نصرة الرسالة المحمدية.. وبفضل من الله عز وجل فقد تواصل نشر الدعوة وبلغت كل الديار.
واليوم نستطيع أن نفخر بما بلغته الدعوة المحمدية من انتشار واسع وشملت كل الأمم فلم تقتصر على العرب فدين الإسلام هو دين لكل الأمم.
ضرب النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الأمثلة في الصبر والثبات والتحمل وهو قدوة للصابرين والشاكرين في ذلك، ونحن إذ نحتفل اليوم بذكرى عطرة للهجرة المحمدية نأمل أن يستفيد المسلمون من المواقف الشجاعة للرسول الكريم ورفاقه، ولولا هذه المواقف لما بلغنا هذا الانتصار الإسلامي الواسع.
آية كريمة (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين).
والله الموفق.