عادل الشنان
تابعت مجالس ذكر أهل البيت عليهم السلام إحياء ليالي شهر المحرم الحرام على التوالي، وفي الليلة الثالثة ارتقى المنبر الشيخ مرتضى فرج في حسينية الإمام الحسين عليه السلام متحدثا عن الآية الكريمة (وأنه هو أضحك وأبكى) النجم ـ 43، قائلا: إن الضحك والبكاء من خصائص الإنسان اللافتة، ويدعي عدد من العلماء والفلاسفة ان الحيوانات لا تضحك ولا تبكي رغم شعورها بالسعادة والألم، وعندما نبكي بحرقة وألم نفقد توازننا وتتحول للضحك الهستيري، كما ان من الأمور اللافتة ان الضحك والبكاء معديان، فقد نضحك من رؤية المقابل يضحك دون أن نعرف السبب وكذلك الأمر للبكاء.
وتابع فرج: هناك من العلماء من قال إنه لا يمكن لأحد ان يضحك على نكتة قديمة او يبكي على مصاب قديم، لكننا نبكي على الحسين عليه السلام أبدا لان «لقتل الحسين في قلوب المؤمنين حرقة» ولأننا نعلم لماذا نبكي وما الأسباب؟ وعليه تكون القضية علام نحزن وعلام نفرح؟، مشيرا الى ان هناك ذات الموقف يثير الضحك لأناس ويثير الحزن لآخرين.
وذكر فرج أن الضحك لم يكن مذموما من المتدينين فقط ،انما ايضا الفلاسفة حذروا رجال الدولة من الضحك حفاظا على هيبتهم، وبعض النظريات تقول ان الضحك يكون على الأقل شأنا والسخرية من الآخر علوا واستكبارا، وقال الله عز وجل (لا يسخر قوم من قوم).
وختم فرج المجلس بذكر شريط الأحداث في ليلة العاشر من المحرم منذ خروج الإمام الحسين عليه السلام من مكة وانطلاقه في مسيرته نحو العراق حتى لحظة الوصول الى كربلاء، وفي مثل هذه الساعات كيف كان الإمام الحسين يبحث عن مأوى بعد ان منع من التوجه الى الكوفة، وكيف بدأت مأساة الحسين عليه السلام منذ علمه بمقتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة، وكيف تذكر هذه الحوادث في كل عام، ولايزال يفجع بها المؤمنون لأنهم على يقين بمعنى ثورة الحسين عليه السلام.
من جانب آخر، ارتقى المنبر الخطيب الحسيني سماحة الشيخ هاني شعبان في الحسينية الجعفرية، حيث افتتح محاضرته بقوله تعالى (وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون)، مشيرا إلى ان الآية الكريمة لها مداليل عديدة في التأويل والتفسير، ولكن عندما نقف على مفهوم الكلمة التي ذكرها الله تعالى في الآية الكريمة وجعلها كلمة باقية نستطيع ان نفهم ما معنى الكلمة وكيف توجه.
وتابع بقوله: إذا جئنا لتعريف الكلمة التي وردت في الآية الكريمة فإننا نقف عند صورتين من التفسير والتعريف، الصورة الأولى هل المراد في الكلمة هي الكلمة الدالة على الاسم القائم بذاته ام ان المراد بالكلمة الحالة التي تعبر عن الموضوع المطروح؟، فإذا قلنا ان مدلول الكلمة كان اسما يدل على فاعلية المسمى او اسما يدل على مدلول صفة الأشياء وموضوعيته فهنا نفهم ما المراد بقوله تعالى: (وجعلها كلمة باقية في عقبه).
وأضاف انه عندما نقف عند هذا التعريف ونرجع الى التفسير نرى ان القصة تدور حول ان إبراهيم عليه السلام عندما طلب من قومه ان يعبدوا الله سبحانه وتعالى وان يتركوا عبادة الأصنام والأوثان عابوه على ذلك فدعاهم الى كلمة سواء وهي قول لا إله إلا الله أي الالتزام بالحق والالتزام بطاعة الله والالتزام بتشريعات الله سبحانه وتعالى التي هي عبارة عن منهج حياتي للبشرية في قوله تعالى: (يأيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم).
وتابع شعبان قائلا: هل هذه الدعوة وهذا التوجه لترك ونبذ الشرك والكفر والتوجه الى كلمة الحق والإيمان بالله فقط في دعوة إبراهيم عليه السلام؟، مشيرا الى ان الله عز وجل يقول انما إبراهيم بوابة للحق وهو دعا الى الحق، وقد جعلنا في عقبه أي في نسله هذه الصورة من حملة الحق، وهذا الحق يكون باقيا الى قيام الساعة لا تحيد الدنيا عمن يحمل الحق على عاتقه، ويأمر بالالتزام بكلمة لا إله إلا الله.