قال لي: مأساة كربلاء مضى عليها أكثر من 1380 سنة وانتهت، ولا زلتم تكررون قصتها كل عام وتبكون هذه القضية التاريخية التي طواها الزمن، وتندبون شهداءها ليلا ونهارا! ألا تلتفتون إلى واقعنا حيث العالم يتطور في كل ساعة، وتوجهون طاقات شبابكم الى ميادين العلم والإنجازات التكنولوجية؟ ألا ترون العالم أين وصل، وانتم قابعون في الحسينيات تواصلون اللطم على الماضي التليد؟!
قلت له: ولماذا نكرر قراءة الوقائع التاريخية التي سجلها وفرضها القرآن الكريم، التي مضى عليها آلاف السنين، مثل قصص آدم ونوح وإبراهيم وعيسى ويوسف وأهل الكهف وقارون وطالوت وجالوت ولقمان...الخ بتفاصيلها؟!
وهل أقوال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في شأن الإمام الحسين عليه السلام وما سيجري عليه، هي أقوال خاصة لذلك الجيل الأول فقط، ولا تعنينا اليوم؟! وإذا تعنينا فلماذا، وكيف؟!
قضية الحسين عليه السلام ليست قضية جريمة قتل طائفية وقعت قبل 1380سنة! رغم وجاهة وقدسية ورمزية شخصية هذا الإمام، ولكنها قضية الصمود والوقوف ضد الفساد المالي والإداري والأخلاقي والثبات على المبادئ الحقة ضد تخريب مشروع رسالي كلف الأمة الكثير، لا زلنا نئن تحت وطأته حتى اليوم، وأبشعه ما نلمسه من انبطاح سياسي وتذلل امام الطغيان الصهيوني الذي نجد ابرز من يقف بوجهه اليوم بشجاعة وشموخ هم عشاق الحسين عليه السلام من كل المدارس الإسلامية.
ولا تأخذك الأوهام، فشباب المسلمين إلى اليوم يحققون معدلات عالية في مستوياتهم الأدبية وبحوثهم العلمية، واختراعاتهم التكنولوجية القيمة، لكن عليك أن تسأل من الذي يكسّر مجاديفهم؟ ويسوق سرقة أدمغتهم؟! أليس أهم أسبابه الفساد بكل صوره، والضغوطات التي لا تريد العزة لهذه الأمة، وهي أسباب حاربها الإمام الحسين عليه السلام، هذا الفساد الذي خرب وأشاع في شارع المسلمين الفوضى وعدم الانضباط.
ولا يغرك الغرب بجانبه العلمي، فانسلاخه من مسيحيته ويهوديته، يتهاوى الآن إلى الحضيض الأخلاقي حتى صار عندهم الرجل يتزوج الرجل! والأخت تتزوج أخاها! ويمارسون العبث السياسي والاستغلال الاقتصادي الذي دمر دول العالم، وأشغل شعوبها في صراعات مزمنة، وان امتلك العالم بعض الواجهات الإنسانية الإيجابية، قد نادى بها ديننا ولا يزال قبلهم.
والبكاء هو الوقود العاطفي، الذي جعل من عاشوراء حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبدا، وأنشودة على لسان الأحرار.
[email protected]