- الصافي: لعب الأبوين مع أطفالهم يكسر حاجز الخوف لديهم
- المالكي: الأسرة أساس المجتمع وصلاحها ينعكس على قيمه
عادل الشنان
أحيت مجالس ذكر أهل البيت عليهم السلام ليلة الثامن من شهر المحرم الحرام بذكرى استشهاد القاسم بن الحسن بن علي عليهم السلام، حيث ارتقى المنبر السيد د.حسين الصافي في حسينية المعصومين، متحدثا عن أثر اهتمام الوالدين بتربية الأبناء وتهيئة النشء على الخلق الرفيع وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف ووصايا النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
وأشار الصافي إلى أهمية أن يحرص الوالدين على تخصيص وقت كل يوم ولو كان قصيرا للعب مع أطفالهم حتى لا يتهيب الطفل من نقل كل ما يحدث معه خارج البيت اليهم من خلال كسر حاجز الخوف بين الآباء والأطفال ويولد الطمأنينة بينهم، مستشهدا بقيام الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم باللعب مع الحسن والحسين عليهما السلام في صغرهما، بالإضافة الى حرص الوالدين على معرفة أصدقاء أبنائهم وسلوكياتهم وأعرافهم لان الصديق يعكس شخصيته وتصرفاته على صديقه، وهذا الامر خطير جدا ويجب الالتفات له وإعارته اهتماما كبيرا من قبل الأسرة.
ونوه الصافي الى اننا اليوم نعيش في عالم مفتوح على بعضه البعض بفضل التكنولوجيا الحديثة والمتطورة حتى يقال إن العالم اصبح قرية صغيرة بل اصبح غرفة صغيرة، وبهذا الشكل يكون للأبناء أصدقاء من كل دول العالم عبر الإنترنت، لذلك قوة علاقة الآباء بأبنائهم هي التي تضمن الحفاظ على الأبناء من الانجراف خلف سلوكيات سيئة قد يكتسبونها من الخارج وقد يصل البعض منها لحد المساس بالدين والاعتقاد والإيمان بالله عز وجل.
وختم الصافي المجلس بذكر فاجعة القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، ذاكرا انه نشأ نشأة مباركة إذ رباه أبوه الإمام الحسن لثلاثة أعوام أبرزت فيه ملامح الفطنة والذكاء والشجاعة، ولكن بعدها رأى أبوه يرد الأمانة إلى ربه وهو في الثالثة من عمره فتولاه عمه الحسين وأحسن تربيته حتى أصبح ذلك الفتى المغوار الذي لا يهاب الموت، وفي كربلاء كان من جملة الذين أذن لهم الإمام بالرحيل وأبوا أن يعيشوا دون بذل مهجهم دون الحسين.
وبعد استشهاد أصحاب الحسين تقدم الفتى المغوار واستأذن عمه في القتال ولم يأذن الحسين له وأرجع القاسم بكسرة الفؤاد، أما بعد استشهاد علي الأكبر وأبناء جعفر الطيار وأبناء مسلم بن عقيل تقدم القاسم إلى عمه بنفس تملؤها حب الشهادة واستأذنه بالقتال فأذن له فأخذ يحارب بضراوة المحارب الشجاع ويضرب فيهم وهو ابن الثالثة عشرة ويقول:
إن تنكروني فأنا نجل الحسن
سبط النبي المصطفى والمؤتمن
هذا حسين كالأسير المرتهن
بين أناس لا سقوا صوب المزن
وبعد أن قتل منهم جبلا كثيرا حتى انقطع شسع نعله اليسرى فهوى ليعدلها استخفافا بالطغاة فحمل عليه احدهم وضربه بالسيف على رأسه ففلقها ولم يراع صغر سنه فسقط الشهيد.
من جهته، استهل الخطيب الحسيني الشيخ د.فاضل المالكي محاضرته في حسينية معرفي بقوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم (يأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة)، مشيرا الى انه من اهم الموضوعات الاجتماعية هو موضوع الاسرة.
وأضاف المالكي: «غني عن التعريف والبيان أهمية الأسرة في المجتمع وان المجتمع يتشكل من الأسر، وكلما كانت الأسرة سليمة كان المجتمع سليما وهذا من الواضحات ومن الامور الوجدانية، مضيفا ولكن المهم في هذه المناسبة مدرسة كربلاء التي تضم مجموعة من قيم الإسلام قطعا هذا نتاج الحسيني الرائع الذي جسد في ساعة كربلاء وهي نتاج تربية عالية ووعي عال».
وأشار المالكي الى انه كانت تلك الصفوة التي اختارها الله عز وجل نتاج وعي وتربية على مستوى عال، مشيرا الى انها واجهة عدة مواقف تدرك من خلالها ان وراءها وعي وتربية على مستوى عال.
ولفت المالكي الى أن القضية سبقت كربلاء، فالجيل الذي حضر واقعة كربلاء الشاب والشيخ والمرأة جميعهم كانوا على مستوى واحد من الوعي والبصيرة والإصرار على الموقف، لافتا الى ان الإمام الحسين عليه السلام لم يخيرهم الا لكشف معادنهم، فكان جميعهم على موقفهم الثابت لنصرة الامام الحسين عليه السلام.
وتابع المالكي بقوله: «في الآية الكريمة عندما يقول الله عز وجل (يأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة) بالتأكيد الانسان يطلب النجاة من النار والدخول في الجنة، فالله عز وجل يقول لا يمكن ان يحدث ذلك الا ان تستقيموا على الطريق ولن تستقيموا على الطريق حتى تحفظوا السنتكم من الانزلاق نحول الباطل والمنكرات والمحرمات وان تحصنوا انفسكم من معصية الله اولا والا تبيعوا دينكم ثانية، مؤكدا ان هذا لا يتم الا اذا قامت جميع المؤسسات المعنية وفي مقدمتها الاسرة بدورها في بناء الجيل السليم وهذا لا يعفي المؤسسات الاخرى من دورها كالمدارس والإعلام».
وأكد المالكي ان الأسرة هي الأساس الذي ينطلق منه الجيل وهذا يتطلب وعيا من الأب والأم اولا بأن يهذبا انفسهما وذلك من خلال العلم والالتزام بالقيم الاخلاقية والدينية، مضيفا انه افضل صدقة جارية للوالدين هو الولد الصالح.
ولفت المالكي إلى ان اي عمل صالح يقوم به الأبناء يسجل باسم الوالدين أيضا، فهو عبارة عن رصيد مستديم للوالدين بعد وفاتهما، لافتا الى ان الله عز وجل يقول اذا اردتم الفوز في الدنيا والآخرة فاحفظوا أنفسكم واهليكم من نار وقودها الناس.
وأشار المالكي إلى أن كربلاء مدرسة القيم في كل ما حصل فيها، مشيرا إلى أن الحسين عليه السلام لم يقاتل معه فقط الشباب المكلفون البالغون بل قاتل معه من هم دون سن التكليف ومنهم القاسم بن الحسن عليه السلام.
واضاف المالكي أن الحسن بن علي بن ابي طالب عليه السلام كان اكثر الناس شبها بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم والقاسم اشبه اولاد الحسن بابيه عليه السلام وهذا ما اعطاه اهمية خاصة.