وضع الرجل الخطأ في المكان الخطأ ـ قرار القيادة
كان الانتصار البريطاني في موقعة ووترلو بكل المقاييس أشبه بدرجة كبيرة بوصف دوق ولينجتون له أمام البرلمان البريطاني بـ «تحويل الهزيمة إلى نصر في اللحظات الأخيرة».
وقال ولينجتون إن الانتصار البريطاني كان من الممكن ان يكون انتصارا فرنسيا.
وفي مثل هذه المعارك فإن تفصيلات كثيرة تصنع الفارق وتغير مجرى التاريخ. وفي معركة ووترلو، ربما يكون العامل الحاسم في نتائج المعركة وانتصار بريطانيا هو خطأ شخصي ارتكبه الامبراطور نابليون بونابرت قبل المعركة بأيام. قبل المعركة كانت كل دولة تعمل على تجنيد المزيد من الجنود. وكان نابليون يستعد للتحرك لدحر الجيوش المعادية التي يقودها الانجليزي دوق ولينجتون. وقبل ان يقود جيشه من باريس، كان على نابليون شغل بعض المناصب القيادية احدها تعيين قائد لجيشه يعمل تحت امرته. والثاني قائد على باريس ليحل مكانه بعد خروجه في الحرب. وكان هناك قائدان متمرسان كل برتبة مارشال وهما المارشال ميشيل ني والمارشال لويس نيوكولاس دافو، وبمقارنة احدهما بالآخر سنجد ان ميشيل ني كان شجاعا لدرجة استعداده للموت وهو يقود جنوده بنفسه، ويمكنه ان يرتكب الاخطاء من فرط حماسته وشجاعته غير المحسوبة في كثير من الاحيان وكان يلقب بـ «أشجع الشجعان». وكان ني يعشق قيادة الجيش بنفسه، ولكنه كان يعتمد على موالاته ومحاباته لنابليون، بينما يفتقر الى القدرة على التخطيط. وعندما هرب نابليون من ألبا عام 1815، ونزل على الساحل الفرنسي اعلن ني الذي كان من اقرب القادة لنابليون ولاءه للملك لويس. وأخبر الملك انه سيحضر له نابليون في قفص حديدي وخرج على رأس جيش، حيث لاقى نابليون الذي كان يزحف نحو باريس بجيش جديد. ولكن العاطفة تغلبت على ني فعانق نابليون وشاركه في الزحف على باريس، وهرب الملك عند اقتراب جيش نابليون ودخل ني العاصمة مع نابليون، وقام نابليون بترقيته الى رتبة مارشال. كما منحه لقب دوق الشنجن.
اما لويس ديفو فكان قائدا عظيم القدرة على التخطيط العسكري ورسم الخطط وتعديلها حسب مسار المعركة ومحبوبا من جنوده، ولديه براعة في المناورات وصاحب قدرة على التحول من الدفاع الى الهجوم، وكان الانسب لقيادة الجيش في المعركة، ولكن نابليون وهذا هو الخطأ الأعظم عينه قائدا لباريس، بينما اختار ني الاقل قدرة على قيادة جيشه تحت امرته في المعركة خوفا من تنامي شعبية ديفو الطاغية مما يؤثر على شعبيته هو كما فكر في ذلك الوقت.
وعندما وقعت المعركة وكان الفرنسيون على وشك الانتصار افسد «ني» الامر بأن اندفع بجنوده دون روية وبحماسة غير محسوبة، ودون ان يفكر حتى في احتمالات التعرض لفخ نصبه دوق ولينجتون، وهذا هو ما حدث حيث استدرجه ولينجتون حتى حاصره وأجهز عليه.
من كتاب: 100 خطأ غيرت مجرى التاريخ ـ ترجمة: مجدي كامل