بقلم:د.نواف العبدالجادر .. دكتور ريادة أعمال في جامعة الكويت
صرح مؤخرا لاعب برشلونة بأنه لم يرد أن يرى رحيل أكبر منافس له، كريستيانو رونالدو من فريق ريال مدريد لأنه كان يطعم المنافسة بشيء إضافي.
عدة دراسات تبين انه عندما يتحسن أداء المنافس الأكبر للفريق الرياضي، يتحسن أداء ذلك الفريق في السنة المقبلة. أي ان المنافسة مصدر حماس للتطوير.
كما أن، بعد فوز لاعب التنس Federer على Kyrgios مؤخرا، ذكر أهمية نصائح أكبر منافسيه، Nadal، في الانتصار.
وفي سباقات الركض للأولمبياد، رغم فوز شخص واحد، إلا أن المتسابقين يتدربون معا. أي انه من الممكن التعلم من المنافسين لتطوير الأداء.
هناك فرصة لتغيير وجهة النظر حول المنافسة، من خلال تغيير العلاقة من التنافس الى الشراكة والتعاون مع المنافس، أو ما يسمى في علم الإدارة: استراتيجية «coopetition».
من أشهر الأمثلة لهذه الاستراتيجية، هو انه رغم تنافسهم الشديد، الا ان شركة Microsoft قامت بإنقاذ شركة Apple في عام 1997، لوقف تداعيات الاحتكار ضدها وأنشأت شراكة معها لبيع منتجاتها عن طريق أجهزة Apple.
كما انه رغم التنافس بين شركتي «Apple» و«Samsung» والدعوى القضائية من الاولى إلا ان الأخرى تقلد تصميم أجهزتها، وSamsung توفر شاشات لأجهزة Apple.
كمثال آخر للتعاون مع المنافسين، توفر شركة Amazon خدمة «Amazon Market Place»، هذه الخدمة توفر للمستهلك إمكانية شراء بضاعة من منافسين Amazon، معظمها مشاريع صغيرة، بدلا من شراء بضاعة من Amazon.
واستطاعت منتجات المنافسين التصدر على منتجات Amazon، حيث انه في الربع الثاني من 2019، شكلت بضاعة المنافسين 54% من البضاعة التي باعتها Amazon.
وهذا البيع عبر موقع Amazon، يعتبر مصدر دخل إضافي للشركة.
إذن التعاون مع المنافسين يساعد في تطوير المنتج، مشاركة التكاليف، تقليل المخاطر، بناء مصادر جديدة للدخل، وتقوية المشاريع الصغيرة أمام المنافسين الكبار.
وكما هو معروف في الاقتصادات الرأسمالية أن المنافسة تزيد من كفاءة وابتكار وخدمات الشركات، مما يعود بالنفع على المستهلك.
وعلى سبيل المثال، دخول عدد من المنافسين في سوق التوصيل ساهم في تحسين الخدمة للمستهلكين من خلال توفير عروض مثل اشتراك شهري وخصومات.
وإذا جئنا الى موضوع الاحتكار، في الولايات المتحدة، هناك أربع شركات توصيل أغذية تمتلك ٩٣% من سوق التوصيل.
لذلك فإن وجود شركات كبيرة تستحوذ على السوق، أمر طبيعي في الاقتصاد الرأسمالي.
بل ان استحواذ الشركات أيضا يوفر فرصا للمشاريع الصغيرة لدخول السوق بابتكارات جديدة تخدم المستهلك.
وعلى سبيل المثال أيضا، بعد أن كانت شركة Gillette تملك 70% من سوق الحلاقة للرجال في 2010، دخل مشروع Dollar Shave Club في عام 2011 لبيع أمواس الحلاقة للزبائن عبر الانترنت.
ويتمثل نجاح المشروع بانخفاض استحواذ Gillette الى 54% من السوق، ومن ثم بيع المشروع في عام 2016 بمبلغ مليار دولار.
والقصد هنا ليس السماح بالاحتكار، إنما يجب تحديد وتفهم تصرفات الاحتكار، ومنعها، ومعاقبتها، دون معاقبة نجاح الشركات.
فتطوير القانون ردا على تصرفات الشركات وتطوير قواعد المنافسة سيعود بالنفع على الاقتصاد، أكثر من «خروج» الشركات.
دائما ما أردد على طلبتي ان تشخيص المشكلة والتأني في إيجاد الحلول صفة أساسية للقائد الناجح.
وقد يبدو هذا الدرس بديهيا، الا ان الكثير من القادة لا يتأنون في تشخيص المشكلة بل يتسرعون بالقفز من المشكلة إلى الحل.
حيث ان تصرفات الاحتكار ما هي الا نتيجة لضعف القانون، او عدم تطبيقه. ويجب عدم الخلط بين نتائج المشكلة، والمشكلة الأساسية..
وللحديث بقية.