في عام 1966، افتتحت جامعة الكويت.. في ذاك الوقت، استعجل أصحاب القرار ميلادها، رغم أن المخططين لها، تمنوا مزيدا من الوقت والتحضير لهذا الكيان الأكاديمي، حتى يرى النور مكتمل النمو، غير أن الآذان لم تستمع لهم، فولدت هذه المؤسسة، تعاني من آلام وصفها من كان شاهدا على الحدث، بأنها «أثقلت الجامعة بالكثير من البيروقراطية الإدارية، والتعثر في البناء العلمي، فظل التطوير فيها، طوال السنين الماضية، هو كيفية القضاء على البداية المرتبكة».
هذا لا يعني أن الجامعة لم تقدم شيئا، بل على النقيض، مساهماتها في بناء المجتمع وتخريج الكفاءات لا ينكرها إلا جاحد، بيد أن الرسالة هنا لقادم الأيام: «أهمية التجهيز المدروس، وعدم تكرار ما مضى».. لاسيما مع إقرار قانون الجامعات الحكومية، الذي يمكن أن يصبح بلا جدوى، إذا ظهرت الكيانات الجامعية الجديدة نسخة من مافيا الحالية، بل ما يزيد الأمر سوءا، ويكرر شكوانا.
لذا، فإن مستقبل الكويت يتطلب منا أن نقرأ الشأن العالمي كما هو، وهذا الواقع، يؤكد أن التخطيط لأي جامعة حكومية، يجب أن ينطلق من ثوابت أهمها: أن حياتنا باتت رهن التقنية التكنولوجية ومستلزماتها، وفيها الخريج يحتاج إلى تخصص في مجال أو أكثر، والوظيفة مجزأة إلى تشعبات معقدة، وهو ما يلغي ملايين الوظائف الحالية، ويلد ملايين أخرى، وهذا يضع كل مؤسسة أكاديمية تحت مسؤولية الديناميكية المستمرة، والتحديث المتواصل، لتبقى مسايرة للمستجدات في تهيئة الكفاءات وضخها إلى قنوات احتياجات المجتمع، بما يجعل البشر عوامل مساعدة في تعزيز النهضة، بدلا من أن يظلوا عبئا، يمكن أن يشكلوا تاليا تهديدا أمنيا واجتماعيا في الدولة.
ولأن التعليم هو قاطرة الدول نحو التقدم والتنمية، فإن «رؤية 2035» من البديهي لن يحط قدم فيها، إلا من يتحلى بمتطلبات القيام بأعباء المشاريع الكبرى، وهو ما يختصر احتياجنا إلى جامعات تحاكي ما يريده الغد المرتكز على صياغة علمية حقيقية للمتعلم، وقبل ذلك، تحديث شامل للتربية المدرسية يسد الفجوة الواسعة، ويعثر على الحلقة المفقودة بين التعليمين العام والعالي، وهو ما يئن منه الواقع التعليمي في الكويت منذ ستينيات القرن الماضي.