لوس فريير باحث بلجيكي قام بتأسيس منظمة «الجنود المنسيين» عام 2012، بهدف التعريف بالدور الكبير الذي لعبه الجنود المسلمون خلال مشاركتهم الفعالة ضمن جيوش الحلفاء في الحرب العالمية الأولى.
يقول فريير: رغم أن عدد الجنود المسلمين الذين شاركوا في الحرب العالمية الأولى لصالح بريطانيا وفرنسا وروسيا قد بلغ أكثر من 2.5 (اثنان ونصف) مليون جندي، إلا أن هذه المشاركة الكبيرة لم تتلق ما يكفي من الدراسة والبحث، بل والتقدير الذي يستحقه هؤلاء الجنود الأبطال.
وشرع فريير في دراسة جديدة أعدها خصيصا تكريما للجنود المسلمين المشاركين في الحرب العالمية الأولى، وبهدف معلن حسب تصريحه بأن تساهم هذه الدراسة في مواجهة العداء المتزايد ضد المسلمين في الغرب، وللرد على كثير من ادعاءات مروجي «الإسلاموفوبيا» (التخويف من المسلمين) في أوروبا.
***
في مدينة «يبرس» البلجيكية، مقبرة ضخمة تضم قبور أكثر من 54 ألف جندي مجهول الهوية ممن قتلوا في الحرب العالمية الأولى في بلجيكا وحدها، كثير منهم مسلمون كما يقول فريير ممن شاركوا في معركة يبرس الأولى والثانية عامي 1914 و1915، وهذا ما تقوله شواهد تلك القبور، حيث نقشت عليها عبارة باللغة العربية «هنا يرقد المرحوم».
كما يذكر فريير في دراسته الرائعة نماذج من العلاقات الطيبة التي كانت تجمع جنود الحلفاء على اختلاف أديانهم ومذاهبهم، على الرغم من بشاعة الحرب، يقول: «وجدنا في المذكرات الشخصية للجنود الكثير من القصص المؤثرة لجنود مسلمين ومسيحيين ويهود يحاربون جنبا إلى جنب ويتشاركون معا الخبرات والثقافة والطعام والموسيقى وحتى الممارسات الدينية».
***
في فرنسا.. تحتضن مقبرة «نوتردام دي لوريته»، أكبر مقابر قتلى الحروب في فرنسا رفات 576 من الجنود المسلمين المشاركين في الدفاع عن فرنسا، تتجه تلك الشواهد نحو الكعبة، ولكنها تعرضت مؤخرا للتدنيس والتخريب عدة مرات من قبل عصابات اليمين المتطرف المعادي للإسلام والمسلمين، في واقعة تدل على منتهى الجحود والنكران، وهو ما يحاول لوس فريير مواجهته بتنوير أبناء بلده وأوروبا حول الدور الكبير الذي لعبه المسلمون في الدفاع عن بلدانهم وحماية شعوبها.
يقول فريير: لولا الجنود المسلمون الذين شاركوا في الحرب العالمية الأولى، لخسر الحلفاء الحرب لا محالة.
ويتساءل: طالما تقبل هؤلاء الجنود بعضهم بعضا خلال أصعب الظروف، فما الذي يمنع اليوم أن نتقبل نحن بعضنا بعضا ونتعايش بسلام؟!
[email protected]