في أحيان كثيرة يصل المرء منا إلى لحظات يريد أن يخرج فيها عن الحديث عن الأمر الواقع وبالأخص في أحوالنا السياسية المحلية؛ لأن السياسة لدينا تفقد المتتابع التشويق في تتبعها لأنها تدور في أمرين استجواب واستقالة، ولا يوجد سوى هذين الحالتين، أسأل الله أن ينظر لنا بعين اللطف، ونجد الانسجام قد تم بين المجلس والحكومة.
واليوم ونحن في بداية سنة جديدة الأغلبية في هذه الأيام احتفلت إما بالسفر أو بإقامة الحفلات مع أنني لا أجد أن هناك مناسبة مهمة حدثت وكان بالأحرى أن نحاسب انفسنا في هذه السنة سواء الميلادية أو الهجرية على ما تم إنجازه وتحقيقه في هذا العام عن العام السابق له، وما الخطط والأهداف التي من الممكن تحقيقها مع بداية العام الجديد، إلا أن التفكير بمثل هذه الطريقة غير مجد، لأن الأغلبية اليوم لا تحب سياسة التخطيط وهذه الظاهرة لا تقتصر على الأفراد، بل باتت تطول الدول، فبعض الدول لا تضع خططا وإن وضعت لا تنفذها وتبقى حبرا على ورق.
وبما أننا في رأس السنة فأنا متأكدة أن أكثر المستفيدين من رأس السنة هم المطربون؛ نظرا لأن هذا موسمهم في إحياء الحفلات الغنائية، فكل البرامج التلفزيونية نقلت الاحتفالات في عيد رأس السنة، وهذا ما جعلني اليوم وأنا أتابع الدعايات عن الحفلات الغنائية والمطربين أتذكر عملاقة الغناء المرحومة أم كلثوم التي كثيرا ما أحاول أن أدخل على اليوتيوب لسماع أغنياتها، إلا أنني وحتى هذه اللحظة أتعجب من الكم الكبير لمعجبيها على مدى السنين مع أن أغنياتها بالنسبة لي عادية جدا.
فعلى الرغم من حبي شخصيا لكل الثقافة المصرية سواء من أغنيات أو مسلسلات أو كتابات أو حضارة، فكل ما فيها يعجبني لأن لديهم ذوقا كبيرا وصناعة حضارة وإعلام هائلة.
فمصر تعبر عن ذوق العرب كلهم، فلا يوجد أحد لا يحب الاستماع للاغاني المصرية أو حتى مشاهدة المسلسلات المصرية، لأن مصر هي أم العرب جميعا حتى أن اللهجة المصرية الأكثر انتشارا واتقانا بين كل شعوب الوطن العربي، فلا أحد لا يعرف أن يتحدث اللهجة المصرية التي وحتى إن لم يكتسبوها من السفر لمصر، فقد اكتسبوها من الأفلام والمسلسلات والأغاني.
إلا أنه على الرغم من متابعتي الدائمة لكل ما يصدر عن مصر لم أتمكن من حب أغنيات أم كلثوم، فأنا لا احب الاستماع إلى أغنياتها مع كل تقديري واحترامي لمسيرتها الفنية التي كانت تتمتع بالنزاهة، فصوتها لا يعجبني على الإطلاق ولا حتى الموسيقى والكلمات لا تعجبني، وأستغرب من كم جمهورها الكبير الذي يستمع إليها من كل بقاع العالم، وأحيانا أتساءل: لماذا كل هذه الشعبية التي اكتسبتها أم كلثوم، هل لأنها من أولى المطربات ولم يسبقها أحد، ولكن لو كانت كذلك لما استمرت الأغلبية بسماع أغنياتها حتى اليوم وعلى مر الأجيال، وحين أجد من يستمع إليها أقتنع بأن هناك اختلاف أذواق (ولولا اختلاف الأذواق لبارت السلع) فهناك الكثير من المطربات أصواتهن رائعة ولكن ليس لديهن أي شعبية وقبول من الأغلبية، إلا أن الذوق العام لا أحد يستطيع أن يتنبأ به أو حتى يقتنع به، فما يعجب الآخرين لا يعجبني وما يعجبني لا يعجبهم، المهم أن الاختلاف لا يفسد للود قضية.