أدى السلطان هيثم بن طارق، سلطان عُمان الجديد، اليمين الدستورية أمس في جلسة مشتركة لمجلسي عمان والدفاع وذلك خلفا للسلطان قابوس بن سعيد الذي وافته المنية مساء امس الأول.
وقال السلطان هيثم بن طارق بن تيمور في أول خطاب له بعد إتمام مراسم تنصيبه إن «السلطان قابوس أرسى مكانة دولية للسلطنة وسنسير على نهجه»، مؤكدا دعم القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والاعتزاز بدورها في صون منجزات ومكتسبات البلاد.
وأكد سلطان عمان الجديد في خطابه الذي بثه التلفزيون الرسمي ووكالة أنباء عمان الرسمية «أونا» «سنسير خارجيا على الخط الذي رسمه السلطان قابوس وحريصون على عدم التدخل في شؤون الغير»، وقال «سنواصل تنفيذ السياسة الخارجية القائمة على التعايش السلمي وسنبني علاقاتنا مع دول العالم وفق نهج السلطان الراحل».
وتابع «سنواصل مع الأشقاء في دول الخليج مسيرة التعاون والتعاضد ونسعى مع الدول العربية إلى النأي بالمنطقة عن الصراعات».
وقال السلطان هيثم بن طارق: «لقد شاءت إرادة الله سبحانه أن نفقد أعز الرجال وأنقاهم المغفور له بإذن الله حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور رحمه الله، رجلا لا يمكن لخطاب كهذا أن يوفيه حقه وأن يعدد ما أنجزه وما بناه فلقد بنى دولة عصرية شهد لها القاصي قبل الداني، وشيد نهضة راسخة تجلت معالمها في منظومة القوانين والتشريعات التي ستحفظ البلاد وتنظم مسيرتها نحو مستقبل زاهر أراده لها، وأقام بنية أساسية غدت محطة أنظار العالم وأسس منظومة اقتصادية واجتماعية قائمة على العدالة وتحقيق التنمية المستدامة وزيادة الإنتاج وتنويع مصادر الدخل، مما أدى إلى رفع مستوى معيشة المواطن العماني وأقام هياكل ثابتة ودائمة للتعليم بجميع مستوياته وتخصصاته، فنهلت منه الأجيال وتشربت علما ومعرفة وخبرة، فجزاه الله خير ما جزى سلطانا عن شعبه وبلده وأمته وأنزله منازل الصالحين، وجعل مثواه في جنات النعيم في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وهيأ لعمان أسباب العز والازدهار والتمكين».
وتابع: «أبناء عمان الأوفياء: إن الكلمات لتعجز والعبارات لتقصر عن أن نؤبن سلطانا عظيما مثله وأن تسرد مناقبه وتعدد إنجازاته، إن عزاءنا الوحيد وخير ما نخلد به إنجازاته هو السير على نهجه القويم والتأسي بخطاه النيرة التي خطاها بثبات وعزم إلى المستقبل والحفاظ على ما أنجزه والبناء عليه، هذا ما نحن عازمون بإذن الله وعونه وتوفيقه على السير فيه والبناء عليه لترقى عمان إلى المكانة المرموقة التي أرادها لها وسهر على تحقيقها فكتب الله له النجاح والتوفيق».
وعلى الصعيد الخارجي، أوضح سلطان قابوس الجديد قائلا: «إننا سوف نرتسم خطى السلطان الراحل مؤكدين على الثوابت التي اختطها لسياسة بلادنا الخارجية القائمة على التعايش السلمي بين الأمم والشعوب وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير واحترام سيادة الدول وعلى التعاون الدولي في مختلف المجالات، كما سنبقى كما عهدنا العالم في عهد المغفور له بإذن الله تعالى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور داعين ومساهمين في حل الخلافات بالطرق السلمية وباذلين الجهد لإيجاد حلول مرضية لها بروح من الوفاق والتفاهم».
واستطرد: «سنواصل مع أشقائنا قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الإسهام في دفع مسيرة التعاون بين دولنا لتحقيق أماني شعوبنا ولدفع منجزات مجلس التعاون قدما إلى الأمام».
وفي الشأن العربي، أكد بالقول «سوف نستمر في دعم جامعة الدول العربية وسنتعاون مع أشقائنا زعماء الدول العربية لتحقيق أهداف جامعة الدول العربية والرقي بحياة مواطنينا والنأي بهذه المنطقة عن الصراعات والخلافات والعمل على تحقيق تكامل اقتصادي يخدم تطلعات الشعوب العربية».
وعلى صعيد العمل الدولي، شدد على أن عمان «ستواصل دورها كعضو فاعل في منظمة الأمم المتحدة تحترم ميثاقها وتعمل مع الدول الأعضاء على تحقيق السلم والأمن الدوليين ونشر الرخاء الاقتصادي في جميع دول العالم وسنبني علاقاتنا مع جميع دول العالم على تراث عظيم خلفه لنا السلطان الراحل عليه رحمة الله ومغفرته، أساسه الالتزام بعلاقات الصداقة والتعاون مع الجميع واحترام المواثيق والقوانين والاتفاقيات التي أمضيناها مع مختلف الدول والمنظمات».
وخاطب سلطان عمان الجديد العمانيين قائلا: «أيها المواطنون: ما كان لبلادنا عمان أن تحقق كل ذلك لولا القيادة الفذة للمغفور له بإذن الله تعالى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور رحمه الله، والأسس الثابتة التي أقام عليها بنيان هذه الدولة العصرية والتفافكم حول قيادته واعتزازكم بما انجزناه جميعا تحت قيادته الحكيمة، ولولا ثبات ورسوخ الأمن وانتشار الأمان في ربوع هذه البلاد الذي ما كان ليتحقق إلا بوجود قوات مسلحة جاهزة وعصرية ومعدة إعدادا عاليا بكل فروعها وقطاعاتها وأجهزة أمنية ضمنت استقرار البلاد واحترام المواطنين فنحن نقدر دورها العظيم لضمان منجزات ومكتسبات البلاد ونؤكد على دعمنا لها واعتزازنا بدورها».
وأضاف: «أبناء عمان الأوفياء: إن الأمانة الملقاة على عاتقنا عظيمة والمسؤوليات جسيمة وينبغي لنا جميعا أن نعمل من أجل رفعة هذا البلد وإعلاء شأنه وأن نسير قدما نحو الارتقاء به إلى حياة أفضل، ولن يتأتى ذلك إلا بمساندتكم وتعاونكم وتضافر جميع الجهود للوصول إلى هذه الغاية الوطنية العظمى وأن تقدموا كل ما يسهل في إثراء جهود التطور والتقدم والنماء. وفقكم الله ورعاكم وأسبغ رحمته وغفرانه على السلطان الراحل حضرة صاحب الجلالة قابوس بن سعيد بن تيمور، وجزاه الله خير الجزاء وجعل كل ما أنجز وقدم في ميزان حسناته عند رب كريم، وأعاننا الله على السير على نهجه وإكمال ما أراد تحقيقه لهذا الشعب العظيم، إنه نعم المولى ونعم النصير».
عقب ذلك تقبل السلطان هيثم بن طارق تهاني أصحاب السمو أفراد الأسرة المالكة والوزراء والمستــشارين والقادة العسكريين وأعضاء مجلسي الدولة والشورى بمناسبة تنصيبه سلطانا للبلاد. وقد عزف السلام السلطاني كما أطلقت المدفعية إحدى وعشرين طلقة تحية للسلطان الجديد.