بيروت - عمر حبنجر
فقد لبنان حقه بالكلام من على منبر الأمم المتحدة، وكذلك حق التصويت والمشاركة. إنها نكسة سياسية ومعنوية إضافية لا يستحقها لبنان، العضو المؤسس للأمم المتحدة، إنها سابقة في تاريخ علاقاته بالمنظمة الدولية، بل ربما هي شهادة فشل السلطات اللبنانية على عين الأمم المتحدة، بسبب التقصير في سداد الاشتراك السنوي المتوجب عليه للمنظمة الدولية، بحسب ما أعلنه الناطق باسم الأمم المتحدة استيفان دو جاريك.
وبهذا تراجع لبنان الى مربع الدول العشر المتخلفة عن الدفع وبينها: افريقيا الوسطى، فنزويلا، اليمن، زامبيا وليسوتو.
لا غرابة في ذلك، امام انشغال القوم بالمحاصصات والخلاف على الصلاحيات، التسابق على ما تبقى من مغانم حجبت عن عيون المصارف المستشرسة على جيوب الناس في ظاهرة لم يعرف لها لبنان مثيلا.
من جانبه، أدخل الرئيس بري بعض الليونة على موقفه الداعي لحكومة «لمّ الشمل» اي حكومة التكنوسياسية الجامعة، فرد برسالة عبر دردشة مع الصحافيين قائلا: ليتأكدوا جميعا، انا لن اقف في طريق تأليف الحكومة، لن اعرقلها، ولن أؤخرها، وإذا لم يعجبهم رأيي بالحاجة الى حكومة تكنوسياسية فليخرجوا حكومتهم بالطريقة التي يريدون، إذا كانوا مقتنعين بها، لكنني لن اشارك بها، ولن اعارض، إنما سأمنحها مع كتلتي الثقة من دون التمثل بها، لديهم حكومتهم، وقد ركبوها، وهي الآن في جيبي وسأفعل ما لم افعله قبلا، بتأييد حكومة لم اقتنع بها، سأفعل ذلك لأنها بحاجة الى كتلتي كي تنال الثقة، وإلا فستسقط.
هنا كان لابد من قول يقوله الرئيس المكلف في اول خروج عن الصمت، حيث قال في بيان مكتوب: بعد مرور ثلاثة اسابيع على تكليفي تشكيل الحكومة، لابد لي من مصارحة اللبنانيين بجردة حساب الايام التي مضت على تكليفي لإنجاز مهمة التشكيل، خصوصا ان شبح الانهيار الكبير يهدد لبنان، وأن اللبنانيين يشعرون بضغوط اجتماعية واقتصادية ومالية لم يعرفوا مثيلا لها في تاريخهم بالرغم من تطمينات مرجعيات عديدة، وأن مخاوفهم تكبر في ظل تحلل الدولة.
ان الكتل النيابية وسائر النواب، سياسيين ومستقلين، قد كلفوني تشكيل حكومة على قاعدة اني مستقل ومن فئة التكنوقراط. وقد تم الاتفاق منذ البداية مع الفرقاء كافة على الاطار العام للحكومة، والذي يتضمن العناوين التالية:
- حكومة مصغرة من 18 وزيرا ووزيرة.
- فصل النيابة عن الوزارة.
- حكومة اختصاصيين غير حزبيين.
- مشاركة المرأة بحصة وازنة.
- إلغاء منصب وزير دولة.
- عدم مشاركة وزراء حكومة تصريف الأعمال التي اسقطها الحراك الشعبي.
وتابع البيان: «منذ لحظة التكليف، اطلقت ورشة البحث عن الكفاءات والخبرات اللبنانية.
وقال: انا اليوم اجدد التزامي بالمعايير التي وضعتها لتشكيل الحكومة، استنادا الى الاطار العام المتفق عليه، لأنني مقتنع بأنها قد تشكل خشبة خلاص لوقف الانهيار الحاد الذي نشهده على كل المستويات في لبنان.
وفقا لذلك، أؤكد ان الضغوط مهما بلغت لن تغير من قناعاتي، وأنني لن ارضخ للتهويل، لأنني مؤتمن على مهمة اعتبرها مقدسة، وسأبذل في سبيلها كل التضحيات وهي شرف لي لأن لبنان اهم منا جميعا، ولا معنى لوجودنا اذا انهار لبنان لا سمح الله.
انطلاقا من ذلك، لن اتقاعس عن استكمال مهمتي ومتابعة اتصالاتي بالجميع، ولن اقبل بأن تصبح رئاسة الحكومة مكسر عصا، سأواصل مهمتي الدستورية لتشكيل حكومة تنسجم مع الاطار العام المتفق عليه: حكومة تكنوقراط مصغرة تؤمن حماية اللبنانيين في الزمن الصعب وتنسجم مع تطلعاتهم، ولديها مهمة محددة عنوانها «إنقاذ لبنان». على الله نتوكل، فهو حسبي ونعم الوكيل».
أول رد فعل على بيان دياب جاء من وزير شؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي، حيث قال في بيان: من المؤسف حقا ان نضطر في معرض الكلام عن صلاحيات رئيس الحكومة العامل او المكلف الى الرد بإيراد صلاحيات رئيس الجمهورية بموضوع تشكيل الحكومة، فهو يسمي الرئيس المكلف بالتشاور مع رئيس مجلس النواب استنادا الى استشارات ملزمة، ما يعني انه يستشير ويشاور ويسمي وهذه الصلاحية تجعله مبادرا وشريكا من التكليف مرورا بالتثبيت والتأليف او الاعتذار. وهو الذي يصدر مرسوم تشكيل الحكومة بالاتفاق مع رئيس الوزراء، وبالتالي فهو ليس ساعي بريد او صندوق اقتراع في عملية التكليف والتسمية، وليس مجرد موثق لتوقيعه لوثيقة تأليف الحكومات.
وختم بالقول: كفانا حرب صلاحيات ومهاترات وبكائيات ونصرة مزعومة لمواقع في الدولة هي من أحجار الزاوية في نظامنا الدستوري، وليست قطعا «مكسر عصا».
والرد الثاني جاء من الحراك الشعبي الذي نظم تظاهرة حاشدة شارك فيها شماليون وبقاعيون انطلاقا من منطقة الدورة الى ساحة مجلس النواب، ومنزل الرئيس المكلف في تلة الخياط، رافضين تشكيله للحكومة، او اعادة تكليف سعد الحريري.