هناك صفات جميلة قد تكون غائبة عنا، وهناك صفة واحدة شاملة لتلك الصفات الراقية التي نحتاج اليها في حياتنا اليومية عند تصرفاتنا هنا وهناك.
رجاحة العقل الميزان الحقيقي لشخصية الإنسان دون الرجوع لسن معينة، والأمر يعود لردة الفعل عند كل حدث وكيفية التعامل معه في كل مكان وزمان، وفق ترمومتر الصواب والاتزان!
في الماضي البعيد كان ارتباطنا مع مدرسة المجالس والدواوين التي تزودنا بالمعلومات والمعرفة في شتى المجالات، عندها كنا نحسن الإنصات لنصائح الأولين والتمعن في كيفية التخاطب مع الآخرين، بينما افتقدنا تلك المجالس في حاضرنا العليل بعد أن اكتسحت وسائل التواصل الاجتماعي الأماكن وسيطرة على عقول الجميع إلا من رحم ربي!
من سمات رجاحة العقل استشارة الآخرين من ذوي الخبرة والدراية في الدين والخلق العظيم، كما أن العقل الراجح يظهر معادن الرجال من جراء مصائب الدنيا وتقلباتها فتجدهم أقوياء لا يتزحزحون عن مبادئهم، واثقين الخطى متيقنين بأن الله جل جلاله لا يخذل عبده قط.
لا شك أن العقل البشري مجموعة من القدرات المتعلقة بالتميز والإدراك والقدرة على اتخاذ القرارات في الأوقات المناسبة وحسن التصرف، لاسيما عندما تلتقي بالسفهاء أو عندما تسمع كلام الجهلاء فهناك خيارات عدة لكيفية التعامل مع الموقف أحدهما الحكمة التي يفرضها المنطق ويقرها العقل في القول الحسن، وثانيهما التجاهل والترفع عن صغائر الأمور دون التحدث أو الاحتكاك عندها يكون الصمت من ذهب.
رجاحة العقل تعني الكثير، فكلما زاد إيمانك بالله نضج عقلك وأصبحت إنسانا قويا مدركا لمعطيات الحياة اليومية، وهذه الخصلة الراقية مطلب كل إنسان غيور على نفسه ودينه وأمته ووطنه.
ما دفعــني للكتابة عن هذا الموضــوع تفــشي ظاهرة عديمي الأخــلاق في المدة الأخـــيرة في مجتمعنا والتصرفات الغريبة التي نشهدها كل يوم في الكثير من مناحي الحياة، والسلوك المشين الذي نراه ونلمسه هنا وهناك، مما يؤكد غياب العقل أمام الكم الهائل من الأزمات وعدم القدرة على إيجاد الحلول المناسبة التي تحتاج إلى عقل راجح يعيد البوصلة إلى بر الأمان!
مختصر مفيد:
عندما يغيب العقل نفقد الرؤية، لذا علينا أن نتعلم من رجالات الماضي الجميل.
وأن نعي تصرفاتنا ونحافظ على ما تبقى من قيم في حاضرنا العليل.
وأن نــدرك معــطيات الحــياة وتقلـباتها حتى نحظى بمستقبل تفوح منه روائح عبق الماضـي الجــميل.
M_TH_ALOTAIBI@
[email protected]