يوم قُتل سقراط مسموماً «٣٩٩ق.م»
حُكام أثينا أرادوا إيجاد (كبش فداء) ليلقوا عليه بأسباب ما آلت إليه أحوال أثينا من تدهور وإفلاس وبعدما صارت ميزانية الدولة تعاني نقصا شديدا في سنة 399 ق.م. بعد هزيمتهم القاسية على يد الاسبارطيين. وكان الفيلسوف والمفكر سقراط هو ذلك الكبش المطلوب. كان سقراط فيلسوفا ومفكرا ذائع الصيت استطاع جذب شباب أثينا إليه.. وكان يحاورهم ويناقشهم ويجادلهم من خلال طرح اسئلة واستماع الاجابة عنها وكانت تتعلق بأمور فلسفية مختلفة عن الوجود والحياة لكنها اتخذت اتجاها سياسيا. واتهم سقراط بتهمة تحريض الشباب على نظام الحكم. وقدم سقراط لمحاكمة زائفة.. ورفض ما وجه إليه من اتهام. وحُكم عليه بالقتل بتناول كأس به سُم نبات الهيملوك (Hemlock).. وهو سم فتاك يشل الجهاز العصبي. وفي يوم تنفيذ الحكم اجتمع من حوله بعض انصاره.. وتناول سقراط كأس السم بهدوء وتماسك معلنا أمام رفاقه ان موت الجسد لا يعني الفناء إذ تظل الروح قائمة. وتناول سقراط السم على جرعة واحدة. وجاءه الموت سريعا. لقد كان سقراط أول فيلسوف ومفكر عرفه التاريخ، واستطاع مع تلميذه النابغ أفلاطون والفيلسوف التالي لهما أرسطو تشكيل اسس علم الفلسفة في العالم الغربي. ولاتزال آراؤهم الفلسفية تدرس حتى اليوم. ولم يترك لنا سقراط كتابات خاصة به، وإنما ما عرفناه من أفكاره وآرائه الفلسفية جاء من خلال ما دونه تلميذه النابغ أفلاطون.
أكاديمية أفلاطون للعلوم والفلسفة «387ق.م»
على بُعد ميل واحد من منطقة الأكروبول الشهيرة في اثينا وفي الناحية الشمالية الغربية وفي منطقة ممتلئة بأشجار الزيتون أنشأ افلاطون اول مدرسة كبيرة في التاريخ ضمت عددا من المدارس الصغيرة وتوافد عليها عدد كبير من طلاب العلم وعُرفت باسم الأكاديمية.. هو نفس الاسم الذي نستخدمه حتى اليوم والذي جاء نسبة إلى (هيكاديموس) والذي كان يمثل صورة اسطورية وشاع انه وهب تلك الاكاديمية للاثنيين. وقد ظل افلاطون يقوم بالتدريس في تلك الاكاديمية لنحو 40 سنة حتى توفي في سنة 348 ق.م. وقد امتلك منزلا خاصا وحديقة بتلك المنطقة. كما شهدت الاكاديمية حضور عالم وفيلسوف آخر شهير وهو أرسطو والذي ظل يواظب على حضور الندوات العلمية هناك لنحو 20 سنة. ونحن نعرف من خلال ما تركه افلاطون من كتابات أنه كان يقوم بإلقاء دروسه على الحاضرين من حوله أثناء المشي أمامهم قارئا عليهم محاضراته وأفكاره الجدلية. وكان الحاضرون يتشاركون في تناول الطعام معا وكان يمثل ذلك ايضا نوعا من الترفيه والاستمتاع فيما بينهم. وقد ظلت أكاديمية افلاطون قائمة لعدة مئات من السنين كصرح علمي فريد من نوعه كان يتوافد عليه طلاب العلم من أوروبا.
من كتاب: 200 يوم غيرت وجه الكون ـ د. أيمن أبو الروس