ما بين موسكو وإدلب آلاف الكيلومترات، لكن ساعات قليلة في العاصمة الروسية يمكن أن تحدد مصير آخر معاقل المعارضة وإلى حد ما ملف الأزمة السورية برمته، فإما اتفاق بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب اردوغان يوقف القتال، وإما اختلاف يفاقم التدهور في المدينة الحاضنة لـ4 ملايين مدني. وقبل ساعات من القمة تبادل الحليفان الاتهامات بعدم الالتزام باتفاق سوتشي لخفض التصعيد ما يشير الى الصعوبات التي تواجهها القمة. لكن اردوغان أعرب في تصريحات صحافية من أنقرة، عن أمله في «التوصل إلى وقف لإطلاق النار في أقرب وقت ممكن». وتعهد بأن لن «نترك بلادنا تحت رحمة التنظيمات الإرهابية والنظام وداعميه الملطخة أيديهم بالدماء، وكذلك لن نترك الشعب السوري المظلوم وحده».
وأكد أن «نظام الأسد فقد أكثر من ثلاثة آلاف و200 من عناصره» منذ انطلاق عملية «درع الفرات». وتابع «أثبتنا خلال عملياتنا الأخيرة بأن تركيا ليست دولة لا تعرف كيف تحارب، بل دولة لا تريد الحرب».
من جهته، وزير الدفاع التركي خلوصي أكار قال: «ننتظر من روسيا الوفاء بالتزاماتها كدولة ضامنة واستخدام نفوذها على النظام السوري لوقف هجماته والعودة إلى الالتزام بحدود اتفاق سوتشي». وهدد «سنرد بقوة اكبر ودون تردد على الهجمات التي ستتعرض لها وحداتنا ونقاط مراقبتنا في إدلب» وتزامنت التصريحات مع كشفت وزارة الدفاع التركية عن حصيلة تفصيلية لعملية «درع الربيع» في ادلب التي دخلت اسبوعها الثاني. وأوضحت الدفاع التركية على لسان المسؤول الإعلامي والعلاقات العامة أن قواتها «قامت بتحييد 3 آلاف و138 عنصرا للنظام السوري، منذ بدء العملية». كما أكدت الوزارة إسقاط 3 مقاتلات و8 مروحيات و3 طائرات بدون طيار وتدمير 151 دبابة و52 راجمة صواريخ و47 مدفعية و8 منصات دفاع جوي للنظام السوري منذ بدء عملية درع الربيع، بحسب ما نقلت وكالة الانباء التركية (الأناضول). وأشار المسؤول التركي إلى مقتل جنديين تركيين وإصابة 6 آخرين أمس، «نتيجة استهدافهم من قبل قوات النظام»، مبينا أن جميع الأهداف التي تم تحديدها عقب استهداف الجنود، دمرت بالكامل.
في المقابل، قال الكرملين أمس إنه يأمل أن يتوصل الرئيسان إلى اتفاق على إجراءات مشتركة اليوم.
وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين للصحافيين «نعتزم مناقشة أزمة إدلب.. نتوقع التوصل إلى تفاهم مشترك بشأن الأزمة وسببها والآثار الضارة المترتبة عليها والتوصل إلى مجموعة إجراءات مشتركة ضرورية».
لكن الاتهامات الجديدة التي وجهها الميجر جنرال إيجور كوناشنكوف المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، لتركيا من المرجح أن تزيد التوتر قبيل اجتماع الزعيمين، حيث قال إن مواقع مقاتلي المعارضة اندمجت مع مواقع المراقبة التركية. ونقلت وكالة الإعلام الروسية عنه قوله إن مواقع ما اسماها «إرهابية» اندمجت مع مواقع المراقبة التركية في إدلب ما أسفر عن هجمات يومية على قاعدة حميميم الجوية الروسية في اللاذقية.
واتهم كوناشنكوف كذلك تركيا بعدم الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاقات مع موسكو حول إدلب، ومساعدة قوات المعارضة المناهضة للرئيس السوري بشار الأسد بدلا من ذلك. وقال إن تركيا أرسلت تعزيزات إلى إدلب تكفي لتشكيل فرقة ميكانيكية مما ينتهك القانون الدولي.
وبالتزامن، تسارعت التطورات الميدانية قبل ساعات من القمة المقررة اليوم في موسكو، حيث قالت مصادر من المعارضة السورية إن أنقرة تضرب القوات السورية وقوات مدعومة من إيران داخل بلدة سراقب الاستراتيجية التي تبادلت المعارضة والحكومة السيطرة عليها في الأسابيع القليلة الماضية فيما وصفه أحدهم بأنها «حرب استنزاف»، فيما «تم إرسال تعزيزات لدعم قوات الرئيس السوري بشار الأسد» بحسب ما نقلة وكالة فرانس برس عن مصادر محلية.
وقالت مصادر في المعارضة، إن «فصائل الثوار تشن هجوما معاكسا» في سراقب بدعم تركي. وهو ما أكده المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي قال إنه رصد «هجوما عنيفا تنفذه الفصائل على محاور بمحيط مدينة سراقب شرق إدلب، وذلك بتمهيد ناري مكثف من قبل المدفعية والطائرات المسيرة التركية». وأشار الى أن الاشتباكات تركزت في محور ترنبة غرب سراقب ومحيط المدينة من محور آفس شمال غربها. وتزامنت مع اشتباكات عنيفة على محوري العنكاوي والسرمانية بسهل الغاب، في هجوم لقوات الحكومة على المنطقة، ومعلومات مؤكدة عن قتلى وجرحى في صفوف الجانبين. وقال المرصد في بيان نشر على موقعه على فيسبوك «المفارقة الجديدة أن «الشرطة العسكرية الروسية» بدأت بالانسحاب من مدينة سراقب وهناك استياء كبير من قبل الروس من استهداف يرجح أنه من «حزب الله» اللبناني للقوات التركية يوم أمس في محيط سراقب ومنطقة المسطومة».