بقلم: السفير الصيني لي مينغ قانغ
في بداية العام 2020، انتشر فيروس كورونا المستجد بشدة مرعبة، الأمر الذي يحوز اهتماما عاليا من قبل المجتمع الدولي.
في مواجهة التحدي المفاجئ للوباء، وتحت قيادة الرئيس الصيني شي جين بينغ ومن خلال تخطيطه، أنشأت الحكومة الصينية نظاما وطنيا للوقاية والسيطرة المشتركة بسرعة، وحشدت موارد البلاد كلها، وتبنت بشكل حاسم تدابير جذرية أكثر شمولا وصرامة، لشن المعركة ضد الوباء على نحو شامل.
للحد من انتشار الوباء، اتخذت الحكومة الصينية تدابير حاسمة في مدينة ووهان بمقاطعة هوبي، التي كانت أكثر تضررا من الوباء.
وتدفق أكثر من 42 ألف عامل طبي إلى هوبي من جميع أنحاء البلاد لدعم الأعمال الطبية هناك، حيث يعالجون وينقذون المصابين ليلا ونهارا.
وتم تدشين مستشفيين رفيعي المستوى خلال مدة أقل من 15 يوما، وتم تحويل عديد من المباني إلى المستشفيات المؤقتة وتشغيلها بسرعة فائقة، مما يضمن استقبال جميع المصابين بمختلف حالاتهم.
يتسابق جميع الباحثين العلميين مع الزمن ويتغلبون على الصعوبات مما يكسبهم وقتا ثمينا للتشخيص السريع والوقاية العلمية.
وخصصت الوزارات واللجان المركزية والحكومة المحلية للمقاطعات والمدن مواد الطوارئ بكل أنواعها لمقاطعة هوبي، وتعمل الشركات ذات الصلة على استئناف العمل والإنتاج بكامل طاقتها لتقديم الدعم للمنطقة الموبوءة. ويتعاون ويتعاضد المواطنون مع أعمال مكافحة الوباء بنشاط، ليمثلوا دعامة قوية ضد الوباء.
من القيادة العليا إلى الوحدة القاعدية، من المدينة إلى الريف، ومن أفراد الطاقم الطبي إلى الأشخاص العاديين، قد اتحدت قلوبهم في قلب واحد، لبناء جبهة دفاعية شاملة، وهم يتسابقون مع الزمن، ويحاربون الفيروس، ويخوضون المعركة ضد الوباء بكل طاقتهم.
قد أنتجت الجهود الشاقة للشعب الصيني تقدما مرحليا لأعمال احتواء انتشار الفيروس داخل الصين.
حيث انخفض العدد اليومي للحالات المؤكدة الجديدة في مقاطعة هوبي، مركز الوباء، من ذروة بلغت 4823 حالة في 13 فبراير إلى 115 في 3 مارس، بانخفاض نسبته 97.6%. وظل العدد اليومي للحالات المؤكدة الجديدة خارج هوبي نحو 10 حالات في الأيام الستة الماضية. وهناك نحو 3000 حالة عولجت وصرفت كل يوم على مدار الأيام السبعة الماضية.
تشير هذه الأرقام الوثيقة إلى أن أعمال مكافحة الوباء تتقدم إلى اتجاه إيجابي، وأن التدابير التي تبنتها الصين صحيحة وفعالة، والوباء يمكن علاجه ويمكن السيطرة عليه.
لا تتبنى الصين الإحساس الرفيع بالمسؤولية تجاه صحة وسلامة شعبها فحسب، بل قدمت مساهمات كبيرة للحفاظ على صحة شعوب العالم وأمن الصحة العامة العالمية.
تلتزم الحكومة الصينية دائما بموقف الانفتاح والشفافية والإحساس العالي بالمسؤولية، وتتشارك معلومات مع منظمة الصحة العالمية والمجتمع الدولي في الوقت المناسب، وتستجيب لشواغل الأطراف بفعالية، وتعزز التعاون مع العالم.
وفي هذه المعركة ضد العدو غير المرئي، نعمل على مدار الساعة وبسرعتنا الصينية لإتاحة الوقت للاستعداد العالمي، وشددنا بقوتنا الصينية الخطوط الدفاعية للحد من انتشار الفيروس، ووضعنا بتجاربنا الصينية معيارا جديدا للعالم لمكافحة الوباء.
قدر مدير عام منظمة الصحة العالمية الدكتور تيدروس مرارا التدابير التي اتخذتها الصين لاحتواء الفيروس، حيث يقول إن هذه التدابير الجذرية مشجعة، ورغم أنها تجعل الصين تدفع ثمنا باهظا، لكنها تكسب وقتا للاستعداد العالمي.
كما قال رئيس فريق الخبراء الأجانب للبعثة المشتركة بين منظمة الصحة العالمية والصين، وكبير مستشاري مدير عام منظمة الصحة العالمية الدكتور بروس إيلوارد، إن الحقيقة تثبت نجاح الطريقة الصينية للحد من انتشار الوباء والسيطرة عليه.
هناك مثل صيني وعربي يقول الصديق وقت الضيق، هذا المثل أثارني أكثر في الفترة الأخيرة. وبعد وقوع الوباء، بعث كل من صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وسمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح ومعالي رئيس مجلس الأمة السيد مرزوق الغانم وسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح ومعالي وزير الخارجية الشيخ د.أحمد ناصر المحمد الصباح برقيات ورسائل إلى الرئيس شي جين بينغ وغيره من القادة الصينية للإعراب عن التعازي والمواساة والتأكيد العالي والدعم الثابت للإجراءات التي يتخذها الجانب الصيني لاحتواء الوباء، وفي الوقت نفسه أبدت شخصيات كويتية من مختلف الأوساط والمجالات اهتمامهم ودعمهم للصين عبر أساليب متنوعة، الأمر الذي جسد تجسيدا واضحا علاقات الصداقة التقليدية بين الصين والكويت، والتي تتمثل في التضامن والتساند في كل شر ومكروه، ما يشكر عليه الجانب الصيني ويحفظه في القلب دون نسيان.
لا تترابط دول العالم ترابطا وثيقا عند مواجهة الوباء فحسب، بل في العديد من الجوانب أيضا، حيث تعيش كلها مجتمع المستقبل المشترك الذي يتشارك فيه الجميع السراء والضراء، ويعد أمن الصحة العامة تحديا يحتاج إلى تصد مشترك من قبل البشرية.
غير أن ما يثير القلق هو أن الوضع الوبائي العالمي يشهد تفاقما متزايدا في الوقت الحالي، وتم رصد حالات الإصابة المؤكدة أيضا في الكويت مؤخرا، ونشعر بكل ما شعره أصدقاؤنا الكويتيون.
ففي الفترة الأخيرة، رد الرئيس شي جين بينغ على صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ببرقية يشكره فيها على المواساة من الجانب الكويتي ويشدد على أن الجانب الصيني على استعداد للمضي قدما في تعزيز التعاون مع الجانب الكويتي في مجال احتواء الوباء وتقاسم تجارب الوقاية من الوباء والعمل المشترك على حماية سلامة شعبي البلدين وحياتهما وصحتهما وحماية أمن الصحة العامة إقليميا وعالميا.
إن الجانب الصيني يقف ثابتا مع الجانب الكويتي خلال مكافحة هذا الوباء، وسفارة الصين لدى الكويت جاهزة للبقاء على التواصل والتنسيق الوثيقين مع وزارتي الصحة والخارجية وغيرهما من الجهات الحكومية الكويتية، ومباشرة التعاون الإيجابي والفعال للوقاية من الوباء والسيطرة عليه، وتستعد الصين أيضا لمساعدة الكويت الصديقة بقدر الإمكان طبقا لحاجتها، للتصدي وتحدي الوباء كتفا بكتف معها.
لا يعرف الوباء حدود الدول والجنسيات، ولا أحد يقدر على تحصين الذات بمفرده، بينما أن العلم والثقة والتضامن سلاح قوي لمكافحته.
فمع وجود تضامن وتضافر المجتمع الدولي بما فيه الكويت، نثق ثقة تامة بأننا سنتغلب على الوباء في المستقبل القريب والفوز يدا بيد بهذه المعركة ضده. ونثق أيضا أن علاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية ـ الكويتية ستستقبل ربيعا أجمل بعد مرورها بالاختبار الذي فرضه الوباء عليها!