عند ظهور أي أزمة او حادثة عالمية سلبية تغير من العالم تتدخل جميع الجهات لصدها وإيجاد الحلول لها وكون فيروس كورونا أصبح وباء عالميا فإن هناك ظواهر ارتبطت بانتشاره مثل التباعد الاجتماعي وموت كبار السن وهبوط مؤشرات الاقتصاد وخسائر بالملايين وفقد البشر لوظائفهم وغيرها من أمور متعددة لم تكن مقصورة على المجال الطبي فقط.
ومثلما هناك آثار سلبية لهذا الوباء العالمي هناك ظواهر مصاحبة يجب الالتفات إليها للاستفادة منها مستقبلا وأيضا لتغيير معتقدات راسخة لدينا.
فمثلا كنا ننتقد الحكومة الكويتية يوميا بسبب تقصيرها في بعض الأمور والبيروقراطية العميقة المعطلة لكثير من الإجراءات ولكن ما ان وضعت الحكومة خلف المنطقة الاعتيادية Comfort zone حتى أثبتت جدارتها بمواجهة الفيروس ولقيت استحسان المواطنين وأيضا دول العالم بالإجراءات المحترفة، ما يدفعني للتساؤل: لماذا لم نكن نرى تلك المقدرة في الأوقات المعتادة؟ هل كنا ننتقد لمجرد الانتقاد ام ان هناك صورة مشوهة عن الحكومة؟
فحتى من دون وجود هيئة او جهاز لإدارة الأزمات استطاعت الحكومة إدارة هذه الازمة، ما يوضح ان المسألة ليست إنشاء مؤسسات متخصصة بل بوضع الأشخاص الأكفاء في الأماكن الصحيحة.
كما أعتقد ان نصف الجهد الحكومي يذهب لمكافحة الإشاعات التي لا يتوارى البعض عن المساهمة في نشرها رغم التحذيرات المتكررة بعدم أخذ الأخبار إلا من المصادر الموثوقة، ولكن يبدو ان ربعنا عندما يساهمون في نشر هذه الأخبار يظنون انه سبق صحافي وستتم مكافأتهم! لماذا لا يستطيع الإنسان الذي تصله رسالة ان يفكر في مدى صدقها ومصدرها.
وزارة التربية لم تكن مستعدة للتعليم الإلكتروني رغم الميزانية الضخمة التي لديها وقد اعتمدوا لمدة طويلة على التعليم التقليدي والمحاولات السابقة بإدخال التكنولوجيا بالتعليم لم تحقق قيمة فعلية بل ذهبت آلاف الدنانير هباء منثورا.
انها فرصة لمراجعة عملية التعليم وعمل تغيير جذري بتطوير المعلمين أولا ثم وضع الأنظمة التعليمية الإلكترونية وانتقال اعتمادية الطالب على المدرس الى اعتماده على نفسه.
وفي الوقت الراهن لا نحتاج الى منظومة متكاملة بل بعزيمة المعلمين وتواصلهم مع الطلبة بتطبيقات بسيطة عبر الهواتف النقالة يمكن شرح الدروس وتحقيق حتى لو 50% بدلا من 100% فائدة علمية.
الشباب الكويتي الذي اعتقد الكثير انه «متدلع» ومترف أصبح يسهر طوال الليل ويعمل من اجل الكويت، ليس هذا مقصورا على الموظفين فحسب بل تطوع الكثير من الشباب ذكورا وإناثا من أجل خدمة الوطن. فكل ما يريده هؤلاء الشباب الفرصة لإظهار مدى كفاءتهم.
تجار الكويت يتبرعون ويسخرون أصولهم من موظفين وآلات ومواد من أجل دعم الكويت ولم يقولوا احنا شكو! بل قاموا بدورهم وأكثر.
الكويتيون «البدون» الذي يتم اتهامهم بأنهم يريدون خيرات البلد نراهم في الصفوف الامامية لمواجهة الفيروس وحتى من بدون ان يتسلموا رواتبهم فمثلما دافعوا عن الوطن أيام الغزو يعودون اليوم للعمل من أجل الكويت حتى من دون مقابل.
الوافدون أيضا الذين يصب بعضهم جام غضبهم عليهم بأدنى حادثة هاهم يعملون بشتى الوظائف بكل شرف وأمانة وحتى ضمن الطاقم الطبي، ولكن بعضا من العنصريين مازالوا ينعتونهم بألفاظ سيئة ويريدونهم صامتين! وعند التعبير عن رأيهم يسارعون الى إبلاغ المباحث الإلكترونية على أبسط زلة لسان وهم أنفسهم الذين ينادون بحرية التعبير لو قام مواطن بنفس الفعل وتم التحقيق معه! فكفى ازدواجية بالمعايير واستمعوا بآذانكم لا بمشاعركم.
لماذا نحارب العنصرية؟ لأنها مشابهة للفيروس ويتغير شكلها بين الحين والآخر فالعنصرية ضد الوافد في الكويت تتغير وتصبح عنصرية ضد الكويتيين من أصل فارسي مثلما حدث في أول المصابين وستصبح بين الحضري والقبلي والسني والشيعي والجنسية الأولى والخامسة وهلم جرّا، اذا سكتنا عنها وتركناها تكبر.
هذه الظاهرة فرصة لنستفيد منها ونتطور ونترك أفكارا نتداولها يوما بعد يوم بسبب مقولات روج لها مغردون ونواب وغيرهم صدقها البعض دون أدنى تفكير في مدى صحتها.
SaqerG@