قدم النائب محمد الدلال اقتراحا برغبة تضمن رؤية اقتصادية مرحلية ومستقبلية للتعاطي مع آثار الأزمة على الاقتصاد والقطاع الخاص والعمالة الوطنية. ونص الاقتراح على ما يلي:
أزمة وباء فيروس كورونا هي كذلك أزمة اقتصادية بالمقام الأول، فالتبعات التي خلفتها ولم تزل هذه الجائحة على اقتصاديات الدول والعالم كبيرة وهائلة وقد يترتب عليها تغيرات جذرية في الخرائط الاقتصادية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.
٭ أولا: على المستوى الدولي: نود لفت الانتباه إلى أنه سيؤثر على المدى البعيد على الكويت، بدءا من انهيار أسعار النفط المصدر الأول والأوحد للدخل، وانتهاء باحتمال تغير مراكز القوى الاقتصادية العالمية بسبب ارتفاع كلفة الأزمة على اقتصادات مركزية كالاتحاد الأوروبي الذي يعاني أصلا من أزمة ديون صعبة واقتصاديات باقي دول الخليج والإقليم.
٭ ثانيا: على المستوى المحلي: البلد تعاني من أزمتها المزمنة منذ الاستقلال وهو الاعتماد الكلي على إيرادات النفط إثر تخلي الدولة عن مسؤولياتها التاريخية في تحقيق التنويع «المعقول» في مصادر الدخل بعيدا عن النفط. والأزمة الثانية هي تفشي غول الفساد في مفاصل الدولة مما يرسخ الأزمة الأولى ويزيدها إحكاما وصعوبة.
إن أزمة وباء فيروس كورونا تضرب اقتصاد البلد بقوة وتلقي بظلالها على الأجواء السياسية لاستعجال اتخاذ خطوات عاجلة للحفاظ على مركز الدولة المالي وقدرتها على الصمود أمام عالم يموج بالتحديات والتغيرات السياسية المتسارعة.
يمكن تشخيص الوضع الحالي للدولة بالشكل التالي:
1 ـ أزمات تاريخية مزمنة:
٭ مصدر وحيد للدخل.
٭ ضعف في تنفيذ خطط التنمية الجادة.
٭ تفشي الفساد وضعف مواجهته.
2 ـ صعوبات سبقت وباء فيروس (كورونا):
٭ عجز الموازنة.
٭ استنفاد الاحتياطي العام.
٭ استنفاد سقف الدين العام.
٭ ضعف حكومي في مواجهة العجز وغياب الرؤية الجادة لمعالجته.
3 ـ تحديات أزمة وباء فيروس كورونا:
٭ انهيار غير مسبوق لأسعار النفط.
٭ أزمة إفلاسات ومديونيات لقطاع المشاريع الصغيرة المعول الأول للحكومة والمجلس خلال السنوات العشر الماضية لتنويع الدخل.
٭ عدم وضوح زمن انتهاء الأزمة واحتمالية طول فترة انعكاسها السلبي على الدولة والاقتصاد.
وبناء على ما سبق وحرصا منا على دعم الحكومة بتقديم مقترحات من شأنها أن تعزز قيام رؤية اقتصادية مرحلية ومستقبلية ملائمة للتعاطي مع آثار الأزمة على الاقتصاد والقطاع الخاص والعمالة الوطنية. لذا، فإنني أتقدم بالاقتراح برغبة التالي:
أولا: ضوابط ومحددات وآليات على مجلس الوزراء ووزارة المالية والجهات المختصة بالدولة مراعاتها حين التعامل مع معالجة الوضع الاقتصادي الناتج عن وباء فيروس كورونا:
٭ الحفاظ على موارد الدولة وحرمة المال العام.
٭ حماية اقتصاد الدولة ومستقبل الأجيال القادمة وأهمية استقرار الميزانية.
٭ تقدير أثر المعالجات المقترحة ومردودها على جانب الأمن المجتمعي.
٭ أن تكون المعالجة الاقتصادية للقطاعات والأعمال والفئات المستحقة وبمعايير محددة ودقيقة ذات أثر على دعم اقتصاد الدولة في ظل هذه الأزمة وليست فرصة للتكسب واستنزاف موارد الدولة وقطع الطريق على تجار الأزمات.
٭ عدم المساس بأصحاب الدخل المحدود ودعم الطبقة الوسطى.
٭ تفعيل الرقابة والمؤسسات الرقابية ودورها في ذلك ودعم مهنية البنك المركزي وأدوار ديوان المحاسبة.
٭ وجود خطة إصلاح اقتصادية تنفيذية وزمنية مرحلية ومستقبلية تراعي التدرج في التطبيق يتم الاتفاق عليها بين الحكومة ومجلس الأمة.
٭ إشراك القطاع الخاص والمجتمع المدني والأكاديمي المتخصص في صياغة الخطة وتنفيذها.
٭ استقلالية الخطة والتنفيذ من الضغوط الخارجية أو الداخلية ومن مراكز النفوذ السياسي والمالي.
٭ أهمية الأخذ بعين الاعتبار في إعداد الخطة الاقتصادية احتمالية طول بقاء الأزمة وهو ما يتطلب معه التفكير المستقبلي المسبق.
ثانيا: التصورات المقترحة لمعالجة تبعات جائحة كورونا الاقتصادية:
1 ـ دعم المركز المالي للدولة حفاظا على السيادة:
٭ تقييم وضع الصندوق السيادي وهيئة الاستثمار بعد انهيار الأسواق وتدني الأصول بأنواعها ودراسة ما إذا كان يلزم أي تغييرات هيكلية جذرية نحوها من عدمه.
٭ تنويع وتوزيع محفظة الاستثمارات عالميا.
٭ تعزيز احتياطيات الموارد الأخرى.
2 ـ تقديم محفزات اقتصادية مالية للمواطنين لمواجهة النفقات الطارئة وإنعاش الدورة الاقتصادية المحلية.
3 ـ إنقاذ قطاع المشاريع الصغيرة:
٭ دعم صندوق المشاريع الصغيرة مع تحديد معايير رقمية ذات مدى زمني لآليات الدعم.
٭ دعم توجه البنك المركزي واتحاد المصارف لتأجيل أقساط القروض 6 أشهر وكذلك تأجيل أقساط التأمينات الاجتماعية بالنسبة للمتقاعدين.
٭ إنفاذ تشريع يلغي الفائدة/ الربح المحتسب عن هذه الفترة سواء للإسلامي أو التقليدي.
٭ تسهيل إجراءات الدولة لهذه المشاريع وإعفاؤها من الرسوم.
4 ـ أهمية دعم العمالة الوطنية في القطاع الخاص والأنشطة التجارية باعتبار كل واحد منهما يمثل عمادا مهما في النشاط الاقتصادي لذلك يتطلب توفير دعم مالي للعمالة الوطنية خلال أزمة الوباء.
5 ـ ألقى الوباء ظلاله على العقار وبالأخص إيجارات العقارات السكنية أو إيجارات واستثمار الأصول العقارية للأغراض التجارية ويتطلب أن تولي الحكومة اهتماما لهذا الجانب المهم في إطار السعي لتخفيف الآثار الضارة ومن ذلك تخفيض الإيجارات عن الساكنين أو المستثمرين.
6 ـ استكمال خطط التنمية التي تباطأت الحكومة في تنفيذها بسبب أزمة سيولتها قبل كورونا.
7 ـ وقف الهدر في موارد الدولة من جانب الحكومة والشعب ونقصد بوقف الهدر بفرض إجراءات تحد من الإسراف في المصاريف الخاصة وتلك المتعلقة بميزانيات خاصة لمشاريع لا تحتاج إليها الكويت وكذلك استنزاف موارد الماء والكهرباء والطاقة وصور الإسراف والتبذير الأخرى.
8 ـ استغلال الفرص الدولية الكثيرة المتوقع أن تبرز خلال وبعد الأزمة، ومن أبرزها شراء الشركات المالكة للتكنولوجيا والأدوية والمؤسسات المالية المؤثرة ومصادر المياه والغذاء والطاقة البديلة.. إلخ.
9 ـ تسليم إدارة التبرعات التي يقدمها أهل الكويت من تجار ومؤسسات مجتمع مدني لثقات يحسنون استثمارها دعما لخطط الحكومة.
10 ـ تخفيف أثر الإجراءات الحكومية على القطاع الخاص:
٭ تكليف فريق اقتصادي لتقديم اقتراحات تفصيلية للمعالجة.
٭ التزام الحكومة بخطط التنمية وعدم وقف عجلة الاقتصاد.
٭ دعم توجه البنك المركزي لتأجيل أقساط القروض إلى 3 ـ 6 أشهر.
٭ إنفاذ تشريع يلغي الفائدة/ الربح المحتسب عن هذه الفترة سواء للإسلامي أو التقليدي.
٭ تسهيل إجراءات الدولة والإعفاء من الرسوم.
11 ـ تعزيز ثقة المواطن بالقطاع الخاص: يتم ذلك عبر مبادرة من الدولة بسداد رواتب المواطنين بشكل مقنن ومدروس أسوة بموظفي الحكومة منعا لتكرار النزوح الوظيفي الكبير (من الخاص إلى الحكومة) الذي حصل بعد أزمة 2008.
12 ـ تعزيز المخزون الاستراتيجي للدولة: إذ تبين من الأزمة أن الدولة لم تكن مستعدة لأزمة أوبئة وبالتالي ظهر النقص الحاد في مستلزمات القطاع الطبي والنقص في بعض الصناعات المهمة في وقت الأزمات، وأهمية بناء خطط مستقبلية لتعزيز المخزون الطبي والغذائي وإشراك قطاعات الشعب ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص في دعم وتحقيق ذلك.
13 ـ فرصة كبيرة بالبدء في معالجة جادة لأزمة التركيبة السكانية لما لها من آثار اقتصادية كبيرة.
14 ـ سد الثغرات التشريعية في ظل الأوضاع القائمة:
٭ تكليف لجان مجلس الأمة المعنية بالتعاون مع الحكومة لتجهيز حزمة التشريعات اللازمة.
٭ المعالجة القانونية لمفهوم القوة القاهرة.
٭ معالجة الفجوات التمويلية.
٭ قانون الإفلاس.
٭ قانون العمل في القطاع الأهلي.
٭ القوانين الخاصة بدعم العمالة الوطنية.
٭ تعديل القوانين الخاصة بالمدد القانونية في مختلف القوانين وخاصة التي لها تبعات مالية واقتصادية.
٭ قانون جهاز إدارة الأزمات والأخطار والكوارث.
15 ـ إنشاء جهاز متخصص لإدارة الأزمات والأخطار والكوارث يكون من ضمن اختصاصاته الاستعداد والتجهيز للأخطار الاقتصادية والمالية وانعكاساتها على الدولة والشعب والاقتصاد وطريقة التعاطي معها.