تحلّ الذكرى السنوية الثانية لرحيل ولدي الحبيب المغفور له بإذن الله الشيخ ناصر صباح فهد الناصر الصباح، في جنات النعيم يا ملاكي
الجميل، وغفر الله لنا تقصيرنا وانتقم لك ولكل الشهداء، هذه الذكرى التي تهب علي كنسائم من جنة الرضوان، وأنا أجلس في ظلال سدرة الرحمات الربانية بقلب مطمئن راض بقضاء الله وقدره، نسائم برائحة اليقين الذي يهون علينا مصائب دنيا فانية لن يعمر فيها أحد إلا وأثقلته بجبال من الهموم لا راحة منها إلا بالموت، حقيقة أهل الراحة والسكينة هم من رحلوا من غابة البشر الموحشة إلى رحمات رب رحيم غفور في طمأنينة وسكينة، لقد رحل ولدي شهيدا للإهمال وشاهدا على غياب الضمير والفساد الذي لا يأبه بحاضرنا ومستقبلنا، لقد ذهب ولدي يشكو لربه وهو أعلم بما آلت إليه الأمور في دنيا ظن أهلها أنها ما إلا أرحام تدفع وأرض تبلع وما يهلكهم إلا الدهر، وتناسوا قول الله تعالى (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين)، إن الوطن في غياب النزاهة والضمير والتفاني والإخلاص في القول والعمل يدفع ثمنا غاليا لا يشعر به إلا من تجرع من كأس هذا الفساد.
وقد أثبت لنا صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله ورعاه، مرارا وتكرارا أنه دائما وأبدا مهموم بمواطن الخلل في المنظومة الحاكمة والناتجة عن التقصير واللامبالاة، عندما أمر صاحب السمو باستغلال فترة الحظر التي نعيشها في ظل وباء خطير يهدد العالم أجمع بإصلاح الطرق التي تتسبب في حوادث أعداد ضحاياها يفوق أضعافا مضاعفة ما يسببه هذا الوباء المتفشي.
القائد الحكيم يعلم أن الوباء الحقيقي هو الفساد والإهمال وغياب الضمير واللامبالاة التي يدفع أبناء الشعب الكويتي ثمنها غاليا من فقدان أحبائهم وذويهم، يقظة حضرة صاحب السمو لهذا الوباء الحقيقي لا تكمل دائرتها إلا بيقظة الشعب الكويتي بإحكام الكماشة على رقبة كل فاسد تسول له نفسه أن يعبث بمقدرات وطننا ووطن أبنائنا ومستقبلهم، توجيهات صاحب السمو بإصلاح الطرق هي رسالة مبطنة بإصلاح النفوس واستنفار الهمم واليقظة لخدمة هذا الوطن ليلا ونهارا حتى في أحلك الظروف وأن نربي النشء على أن حب الوطن هو القتال النزيه من أجل رفعته، فكل منا مسؤول في موقعه عن تحويل الشعارات إلى واقع نعيشه...
ولدي الحبيب ناصر، يا ملاكي الجميل، لقد أبلغ صاحب السمو الأمير رسالتك الإصلاحية إلى من يهمه الأمر، عسى أن تلقى مستجيبا، ولتبقى لنا نحن رسالة الإصلاح بالكلمة والرأي والمواجهة الأدبية حتى يجمعنا الله في مستقر رحمته يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
وختاما، أتوجه إلى العلي القدير جل وعلا بأن يتغمدك بواسع رحمته ومغفرته وأن يلحقنا بك على خير، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا الرحمن الرحيم (إنا لله وإنا إليه راجعون)، في جنات النعيم ناصر يا ملاكي الجميل وغفر لنا تقصيرنا وانتقم لك ولكل شهيد.