- الحكومة ستبقى مستعدة لدعم البنوك المتعثرة وستظل قدرتها قوية على القيام بذلك
محمود عيسى
خفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني تصنيف النظرة المستقبلية للنظام المصرفي الكويتي من مستقرة إلى سلبية ليعكس هذا الاجراء الاضطراب الذي تعرض له الاقتصاد نتيجة انتشار فيروس كورونا وانخفاض الإيرادات الحكومية بسبب الانخفاض المفاجئ في أسعار النفط.
واشارت الوكالة إلى أن البنوك الكويتية تمتلك وفرة في رؤوس أموالها وسيولة عالية تجعلها قادرة على استيعاب الخسائر غير المتوقعة، لكن التدابير المكثفة للحد من انتشار الفيروس ستثقل كاهل النشاط التجاري، متوقعة أن تؤدي ظروف التشغيل المتدهورة إلى إضعاف محافظ القروض لدى البنوك إلى زيادة المخصصات، بالتالي فإن انخفاض نمو النشاطات الائتمانية لدى البنوك سيؤثر على ربحيتها.
ولفتت الوكالة الى ان النمو الاقتصادي سيواجه صعوبات على الرغم من استمرار الإنفاق الحكومي الذي سيبقى مرتفعا وعلى الرغم من صدمة أسعار النفط محافظا على بعض الاستقرار في الاقتصاد غير النفطي، حيث تقوم البنوك بمعظم أعمالها. ومع ذلك، فإن الاضطراب الواسع النطاق في الحياة اليومية الناجم عن تفشي الفيروس سيؤثر بشدة على النشاط الاقتصادي وسيقلل فرص الأعمال للبنوك. في الوقت نفسه سيؤدي انخفاض أسعار النفط الى تقليص الإنفاق الرأسمالي، وهذا بدوره سيؤثر أيضا على النمو الاقتصادي. ونتيجة لذلك، قمنا بمراجعة توقعاتنا لنمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي إلى حوالي 2% لعامي 2020 و2021 مقارنة مع 2.9% في وقت سابق.
وأضافت الوكالة أن ظروف التشغيل الضعيفة ستؤدي إلى زيادة حالات التخلف عن سداد القروض في كل من سجلات القروض المحلية والدولية من المستوى الحالي القوي البالغ 1.4%.
وتفتقر البنوك الكويتية، شأنها شأن البنوك الخليجية الاخرى إلى التنوع في الإقراض، حيث انها معرضة بشدة للتركز والانكشاف على مقترضين منفردين وعلى قطاعات معينة من الاقتصاد، فيما يشكل الإقراض الضخم لقطاع العقارات وأسواق الأسهم المتقلبة مخاطر كبيرة على الأصول. أما القروض الاستهلاكية فإنها محمية بشكل أفضل كونها موجهة إلى حد كبير للمواطنين الكويتيين العاملين في الدولة، مرجحة أن تحافظ الحكومة الكويتية على الإنفاق الحالي خلال فترة التوقعات.
وعلى الجانب الإيجابي، فقد اعدت البنوك الكويتية مخصصات عالية بشكل جيد لمواجهة خسائر القروض تصل تغطيتها الى اكثر من 200% من القروض المتعثرة في نهاية 2019.
ولقد ضمن التطبيق المحافظ الذي وضعته الجهات الرقابية لمعايير بازل 3 المتعلقة برأس المال استمرار احتفاظ البنوك بمصدات رأسمال عالية للغاية، حيث بلغ مؤشر الأسهم العامة الملموسة للنظام المصرفي الكويتي حوالي 15% في نهاية 2019، ما يوفر للبنوك قدرة قوية على استيعاب الخسائر غير المتوقعة.
وذكرت الوكالة ان مؤشر صافي الدخل الى الاصول سينخفض بشكل ملموس خلال فترة التوقعات من 1.1% بسبب ارتفاع تكاليف المخصصات وانخفاض دخل الرسوم. ولكن الكفاءة العالية للبنوك ستوفر الحماية للربحية.
وأوضحت أن الحصول على التمويل سيظل قويا اذ ان البنوك ستستمر في الغالب في تلقي الودائع الثابتة ذات التكلفة المتدنية بالإضافة الى القدرة الائتمانية العالية. وسيظل الاعتماد على التمويل الأكثر تقلبا في السوق ضئيلا نسبيا. وفي حين سيؤدي انخفاض الإيرادات الحكومية الى إبطاء نمو الودائع الإجمالي، إلا أنه سيتم تعويض ذلك إلى حد ما من خلال انخفاض نمو الائتمان، حيث ان أرصدة السيولة قوية وقد سجلت البنوك الكويتية نسب تغطية تتجاوز سقف 100%، على الرغم من أن انهيار أسعار النفط قد يعرضها للضغوط.
وافترضت وكالة موديز إمكان الحصول على الدعم الحكومي بدرجة عالية، لأن الحكومة ستبقى مستعدة لدعم البنوك المتعثرة وستظل قدرتها على القيام بذلك قوية. ولايزال الضمان الرسمي للودائع الذي بدأ تطبيقه في عام 2010 ساريا وهو يدعم افتراضنا بالحصول على الدعم الحكومي. ومع ذلك، نلاحظ أن الضعف المحتمل لقدرة الحكومة الكويتية على تقديم الدعم في حالة الضرورة ينسجم مع مراجعتنا لخفض تصنيفات الحكومة كمصدرة عند مستوى Aa2.
انخفاض تدفق الودائع للبنوك الخليجية
رويترز: غيرت وكالة موديز للتصنيف الائتماني نظرتها من «مستقرة» إلى «سلبية» للأنظمة المصرفية للسعودية والإمارات وقطر والبحرين بالإضافة الى الكويت، مع إبقائها على نظرتها السلبية للنظام المصرفي العماني، وذلك على خلفية انهيار سعر النفط وتفشي فيروس كورونا. وقالت الوكالة إن أسعار النفط تقل كثيرا عن المستوى الذي يجب أن تكون عليه لتحقيق التوازن في موازنات دول مجلس التعاون الخليجي الست.
وأضافت «سيضغط ذلك على الإيرادات الحكومية ويؤدي إلى تخفيضات في الإنفاق، مما سيقوض النمو في قطاعات الاقتصاد غير النفطية التي تمارس البنوك أغلب أنشطتها فيها».
وقالت إن البنوك ستشهد أيضا انخفاضا في تدفق الودائع، إذ تشكل الإيرادات الحكومية القدر الأكبر من الودائع في أغلب النظم المصرفية بدول مجلس التعاون الخليجي. وذكرت موديز إن تراجعا في نشاط الأعمال بسبب القيود على الحركة الرامية إلى الحد من انتشار فيروس كورونا سيؤدي على الأرجح إلى زيادة في التعثر في سداد قروض البنوك وتنامي مخصصات خسائر القروض. وبحسب الوكالة، فإن إجراءات التحفيز التي أطلقتها حكومات دول المنطقة وبنوكها المركزية لن تعوض التأثير الاقتصادي لجائحة فيروس كورونا إلا بشكل جزئي. وتوقعت «موديز» أن يكون النمو الاقتصادي أكثر تضررا في كل من السعودية والإمارات والبحرين وعمان، في حين تتوقع استقراره في قطر وأن يكون عند نحو 2% في الكويت.