«الكثير من الناس أصبحوا يتحدثون عن أزمة اقتصادية باتت حتمية من وجهة نظرهم، تطول دول العالم أجمع والكويت بشكل خاص، ثم ماذا؟!».
الكويت بلد نفطي بامتياز يشكل النفط موردا أساسيا مهما في الاقتصاد، حيث يشكل أكثر من نصف موارد الدولة وهي من الدول المرفهة في سلم العالم ومن الدول ذات التصنيف الائتماني المرتفع، ونظرا لأن النفط سلعة - تتبع سعر السوق العالمي - فالاقتصاد الكويتي محكوم بأسعار عالمية مشوبة بظروف اقتصادية وسياسية عالمية، لذلك فإن الاستقرار الذي كان في سنوات خلت، بات مهددا مع ظهور وباء كورونا ومع ظهور بوادر اقتصاد عالمي جديد.
النظرة الموضوعية التشخيصية
الناظر في حال «وباء كورونا» مع تجرد ودون اهواء، يجد ان توقيته غريب وبدايته اغرب، حيث تزامن ذلك مع دراسات لمراكز استراتيجية عالمية واقليمية في السنوات التي مضت ان عام 2020 عام التحول الاقتصادي ويرى الناظر ايضا ان تناول العالم له مقلق والأهم من ذلك مزامنة حرب الاسعار النفطية في توقيت يبدو اكثر غرابة من كل ما سبق، وبعيدا عن نظرية المؤامرة فإن الوباء بات واقعا حتميا ينتشر بين الناس ويهدد الجميع، وهذا لا ينفي ان كثيرا من الدول جندت هذا الوباء لتمرير اصلاحات او مطالبات في الغرب والشرق كان قد تم تأجيلها ولكن تنفيذها قد حان ومن هنا بات الجميع واعيا لان هناك تغيرا جذريا قادم لا محالة وأن الوباء ما هو الا بداية تصاعدية له، والناظر ايضا والمدقق لسلوك الشارع الكويتي والعالمي يرى التغير على جميع الاصعدة تغيرا جذريا على صعيد الاقتصاد وعلى صعيد السياسة وعلى صعيد العلاقات الاجتماعية وحتى على صعيد الافراد/ الفرد، فذلك الخوف والهلع الذي دب في ارجاء البلاد وملأ قلوب العباد من حاضر وباد انما هو نذير لتغير جذري بات قاب قوسين.
الرؤية المتوازنة
نظرا لأن جميع أطياف المجتمع، مواليهم ومعارضهم صغيرهم وكبيرهم عالمهم وعوامهم، التفوا حول الدولة ومؤسساتها لمحاربة هذا الوباء والجميع تنازل عن خلافاته الجوهرية والسطحية في هذا الظرف العصيب وهذا يجعل المتأمل يستنتج تضامنا مستقبليا مع الدولة مجددا فإن التفاف المجتمع بجميع أطيافه في المستقبل القريب حول الدولة مجددا عند قيامها بإجراء حزمة إصلاحية اقتصادية وإن كانت قاسية سيكون حتميا.
سؤال مفصلي
ومن هنا تولد السؤال الفيصلي.. ماذا تريد الدولة؟
هل تريد تمرير مطالبات صندوق النقد الواضحة والقديمة بشكل درامي مع إخفاء للحقائق؟ أم انها تريد حقا اصلاحا يكون حلا للأزمات القادمة ويكون الشعب جزءا فيه من الحل ولا تكون الحكومة تحت رحمة النفط وأسعاره وحروبه؟
الاجابة
إن كانت الإجابة الاولى هي اجابة الدولة، فذلك يعني ان الامور محسومة والخطوط العريضة واضحة، رفعا للضرائب وتقليلا للرفاهية وتضييقا على رؤوس الأموال والضغط على الناس ورفع الاسعار من المحروقات والمياه والكهرباء وغيرها وزيادة عدد العاطلين عن العمل دون وجود عون حقيقي من الدولة، وهذا ما لا نظنه من حكومتنا الرشيدة التي بذلت في عقود وسنوات وتبذل الغالي والنفيس للشعب الكويتي.
وإن كانت الإجابة هي الثانية، فذلك يعني اننا بحاجة لإعادة اختراع عجلة الاقتصاد الكويتي بحق بناء على جوانب من أهمهما:
تفعيل دور القطاع الخاص بشكل تنافسي حقيقي وجعل الكويت مركزا للمال والتجارة والتخلي التدريجي عن هيمنة النفط في صناعة الموازنة وبناء تحالفات اقتصادية جديدة ومعرفة القوى الاقتصادية الصاعدة في السنوات العشر المقبلة والتوجه للاقتصاد الرقمي والتقني الذي بات واضح المعالم انه من يسيطر على العالم وغير ذلك الكثير مفصلا في خطة تحتاج لأشخاص واعين وصادقين وعلى قدر من العلم والذكاء بما يتناسب مع المرحلة وصعوبتها وحينها يجب ان تنجلي خيارات الدولة بشفافية ويصبح الشعب جزءا حقيقيا من منظومة الحل وتفتح أبواب المبادرات والاقتراحات الفردية والمجتمعية في بنك للأفكار يتبنى كل ما هو بناء تديره كفاءات ونخب حتى لا يختل السلم المجتمعي وحتى تنضج العلاقة بين الشعب الكويتي والحكومة لتصبح أكثر بناء.
وفي النهاية، نقول تفاءلوا فإن ربان هذه السفينة متمرس في قيادتها وسط الأهوال رغم تلاطم الأمواج العاتية.