يقول رئيس لجنة الفتوى بجمعية إحياء التراث الإسلامي الشيخ د. ناظم المسباح: للمجتمع دور مهم في مواجهة الأزمات يتمثل في الوقوف صفا واحدا والتوجه الى الله سبحانه وتعالى بأن يكشف البلاء، وأكد انه يجب الأخذ بالأسباب واتباع أوامر ولي الأمر والمكوث في البيوت حتى ينجينا الله تعالى من هذا الفيروس ومن هذه المحنة، وعلى كل إنسان مسلم ان يبحث في أعماله ويعيد حساباته مع نفسه ومع الله عز وجل، وعلى الدعاة إعانة الناس على هذا الابتلاء وحثهم على التخلق بالصبر الجميل وتجديد التوبة والتعاون على البر والتقوى وحسن اليقين بالله والتوكل عليه، وعلى الدعاة ايضا ان يعملوا جاهدين لإظهار روح الاطمئنان والتفاؤل ونشرها بين الناس.
تربية أنفسنا
ويضيف الشيخ د.أحمد الكوس: علينا ان نستفيد من الأزمة التي نمر بها في تربية أنفسنا على الصبر بأنواعه وعلى حقيقة الصلاة فالله سبحانه وتعالى قد أمرنا بأن نستعين بالصبر والصلاة لما لذلك من الأثر العظيم في ثبات النفوس واستقرارها وقوتها وحسن تدبيرها للأمور، وأضاف: وهنا يأتي دور أهل العلم لبيان الحكم الشرعي للناس واتخاذ المواقف العملية وقيادة الناس، وقد أمر الله تعالى بالرجوع إلى أهل العلم وفي مثل هذه المواقف فقال: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا) النساء 83.
الطاعة لولاة الأمر
يقول د.راشد العليمي: هذا الموضوع مهم جدا، خاصة في زمن الأزمات والنكبات والمصائب والأوبئة يظهر دور كل فرد في المجتمع خاصة ان هناك أناسا تتجه إليهم الأعناق والنظر والتفكير بل والاقتياد، الناس يثقون بهم ثقة طيبة كريمة جدا ائتمنوهم على دينهم، وكذلك يريدون منهم التوجيه السليم الصحيح لحياتهم الموافقة لشرع الله سبحانه وتعالى.
وأكد د.العليمي انه في زمن الأزمات لابد ان نتوجه بالطاعة الطيبة الكريمة لولاة الأمر للقيادة السياسية وللحكومة بأن نطيعهم في كل أمر يوجهونه للناس لما فيه حفظ المصلحة العامة وحفظ الفرد، وأن نتوجه الى العلماء لنسمع منهم الفتاوى المتعلقة بكيف يحفظ الإنسان نفسه ويقيم شرع الله بما شرعه تعالى، وبما علمنا إياه النبي صلى الله عليه وسلم، من الفتاوى الداعية لحفظ النفس خاصة ان العلماء قد بينوا لنا ان مقصد حفظ النفس من المقاصد الكلية العظيمة التي يندرج كل شيء تحتها، على سبيل المثال الناس لا تذهب الى المسجد حفاظا على صحتهم ورعاية لصحة الناس، فاستمعنا لتلك الفتوى الكريمة من وزارة الأوقاف ولم يصدر بعد ذلك إلا الطاعة وحسن السمع لها بأن الناس لم تذهب الى صلاة الجماعة ولا الى صلاة الجمعة خوفا من انتشار الوباء بسبب التجمعات التي ينتقل بها المرض، فاستجبنا لهذه الفتوى التي اتخذتها القيادة السياسية ووزارة الأوقاف ووزارة الصحة وعممت بعد ذلك على الشعب كله، بل كثير من الدول اقتدت بالكويت امتثالا لهذه الفتوى الرائعة المباركة التي فيها حفظ للناس.
واجب شرعي
من جهته، د.مطلق الجاسر يؤكد على دور العلماء وطلبة العلم في هذه الأزمة فيقول: عليهم مسؤولية كبيرة بتذكير الناس بالله تعالى وبالتوبة، كما ان عليهم واجب بيان الحكم الشرعي في هذه النازلة من حيث الصلاة وغيرها من المسائل الشرعية، ومن واجبهم كذلك حث الناس على التزام التعليمات والإجراءات الاحترازية الصادرة من الجهات الرسمية وان الالتزام بهذه التعليمات واجب شرعي ومن تمام التوكل على الله تعالى اتخاذ الأسباب والتدابير الصحيحة.
الالتزام بالإجراءات الأمنية
من جانبه، يضيف د.عبدالله الشريكة: من واجب الدعاة والعلماء وطلبة العلم والأئمة والخطباء في مثل هذه الأزمات ان يذكروا الناس ويرشدوهم لما يجب عليهم من التعامل حيال هذه الأزمة من طاعة الدولة والالتزام بالإجراءات المتخذة سواء على المستوى الشرعي بما يتعلق بصلاة الجمعة والجماعة والمساجد وكذلك فيما يتعلق بالإجراءات الصحيحة على المستوى الوقائي والعلاجي وكذلك ما يتعلق بالإجراءات الأمنية يجب ان يذكروا الناس بأن هذه الأزمات وهذا الوقت محلهما العمل بقوله تعالى: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، ويذكرونهم كذلك بأهمية الصبر واحتساب الأجر لمثل هذه الأزمات وما لذلك من العاقبة الحميدة.
من جهته، يؤكد د.سعد العنزي على دور الدعاة والعلماء بقوله: العلماء يشكلون جزءا كبيرا من قيادة المجتمع بحكم الدور التوجيهي الذي يقومون به.
فالواجب في هذا الصدد هو المساهمة في مواجهة هذا الوباء مع مشاركة جهود كل العاملين في ساحة المواجهة، من الأطباء ورجال الأمن والعلماء وغيرهم حتى تثمر الجهود في القضاء على هذا الوباء، دون النظر والبحث في مراد الله من نشره، لأن الأهم في الموضوع هو البحث عن العلاجات والتصدي للوباء فقط.
قدر الله
من جهته، يقول د.عبداللطيف السنان: إن ما تتعرض له البلاد وبلاد المسلمين والعالم أجمع من ابتلاءات ومحن وفيروسات جعل البشر يعيشون في خوف وترقب وقلق، ونجد المؤمن قلبه ثابت بالإيمان، يتقرب الى الله ويلجأ إليه بدعوة، يستمد العون من المحنة فيطمئن قلبه بالإيمان، واستشعارا بهذه الأزمة كان للدعاة والعلماء دور مهم في مواجهة الأزمات والتخفيف من آثارها، وحث الناس على التكاتف والصمود واللجوء الى الله تعالى والدعاء لكشف هذه الغمة.
كان للدعاة والعلماء من أصحاب الرأي والمشورة دور مهم في مواجهة الأزمات والتخفيف من آثارها، لكن هل يقتصر هذا الدور على شحذ الهمم وحث المواطنين والمقيمين على الصمود لمواجهة فيروس كورونا الذي ابتليت به الأمة، والعالم كله، وما الوسائل التي يستخدمها الدعاة لتحقيق هذا الدور؟ للإجابة عن هذه الأسئلة نستطلع آراء علماء الشرع.