تجتاح جائحة كورونا كل العالم، ما جعل المصابين في ازدياد وجعل المستشفيات في حاجة الى المساعدة المادية، فهل يجوز دفع زكاة المال للمستشفيات في الدول الأوروبية غير الإسلامية؟
يقول د.راشد العليمي: الإنسان يستطيع ان يدفع زكاة ماله للمسلمين خاصة ونحن الآن في الشهر المبارك والأغلبية يوجهون زكاتهم في هذا الشهر، قال تعالى: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم) كل هذه الأصناف المستحقة للزكاة الثمانية ينبغي ان يكونوا من المسلمين، وهذا بلا خلاف بين العلماء، بل الجمهور يقولون ان هذه الزكاة لا تصرف إلا للمسلمين، والخلاف بين العلماء هي قضية المؤلفة قلوبهم هل نستطيع ان نعطي غير المسلم من هذا المال، وهذا يرجع الى فهم كلام العلماء، فالجمهور يقولون ان سهم المؤلفة باقٍ
خلاف الحنفية يقولون انه انتهى، ولكن الشافعية يقولون لا يجوز إعطاء الزكاة لغير المسلم أصلا، والمؤلفة قلوبهم عند الشافعية هم ضعاف الإيمان ممكن ان يعطوا من الزكاة ليقوى إيمانهم، وعند الحنفية والمالكية جائز إعطاء الزكاة من باب أن نؤلف قلبه للإسلام.
وأضاف د.العليمي: في مثل حالتنا فإن المستشفيات في الدول الأوروبية هل تعطون لها؟ لا يعطون ربما يكون هناك زنادقة او ربما فيهم من يسبوا الإسلام، فالمرض لا يجعل الأمر يتغير في الأحكام الشرعية الثابتة القطعية، ولكن نحن نستطيع ان نفتح عليهم من باب مساعدة الدول للأمور السياسية والتقريب بين العلاقات، وايضا لجعل سمعة الدولة قوية وطيبة في المحفل الدولي فيستطيعون ان يمدوها بمساعدات وتبرعات، ويجوز لولي الأمر الحاكم مساعدة الدول المحتاجة من مبالغ موجودة في الدولة لا تدخل من الصدقات ولا من الزكاة، ولكن الدولة تكون قد رصدت مبلغا معينا لمساعدة الدول الخارجية والمساهمة في تنمية اقتصادها، هذا الأمر هو المسموح لإعطاء الدول المحتاجة غير المسلمة ولكن ليس من أموال الزكاة والصدقات.
لا يجوز
ويضيف الإمام والخطيب د.منصور الخالدي: لا يجوز دفع الزكاة لغير المسلمين إلا من يرجى إسلامه وشبه ذلك.
المؤلفة قلوبهم
من جانبه، قال الشيخ سائد الطوباسي: أكثر أهل العلم على المنع من إعطاء الكفار من الزكاة إلا المؤلفة قلوبهم، بل حكى الإجماع على ذلك وهناك قلة أجازوا ذلك. وبما ان وباء «كورونا» نازلة حادثة وتحتاج لتنزيل على الواقع فلابد من صدور فتوى من عالم معتبر أو مجمع علمي معروف، خاصة ان هذه النازلة جائحة عالمية، وينظر فيها الى ان العالم اليوم قرية واحدة ويسهل على الكفار معرفة ان المسلمين قد دفعوا أموالا وتبرعوا لمستشفياتهم، وهذا لا شك سيؤثر في نفوسهم ويرغبهم في الإسلام وخاصة بعد السنين العجاف في معاداتهم للإسلام.
وأضاف الطوباسي: الذي يظهر على كل حال انه لا يجوز إعطاء الكفار من الزكاة إلا المؤلفة قلوبهم، وهم رؤساؤهم بخاصة، والذين يرجى بإعطائهم من الزكاة إسلامهم، أو دفع شرهم، او إسلام نظرائهم، وأما إعطاء كل غير مسلم فهذا لا يجوز ولا يجزئ مخرج الزكاة، ثم ان هناك كثيرا من المسلمين في بقاع شتى هم أولى بالزكاة من غيرهم، فإذا انتهت حاجة المسلمين فيمكن بعدها ان ينظر في القول الثاني والأخذ به.
وأكد ان إعطاء الزكاة يكون فقط لأصناف الزكاة الثمانية: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم).
أما د.مطلق الجاسر، فأكد انه لا يجوز صرف الزكاة لمستشفيات الدول غير المسلمة، وقال: قال الإمام ابن قدامة في «المغني» (106/4): «لا نعلم بين أهل العلم خلافا في أن زكاة الأموال لا تعطى لكافر»، قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم ان الذمي لا يعطى من زكاة الأموال شيئا، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ: أعلمهم ان عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم، فخصهم بصرفها الى فقرائهم (يعني: فقراء المسلمين) كما خصهم بوجوبها على أغنيائهم.
مصارف محددة
من جهته، أكد الشيخ سالم الطويل انه لا يجوز دفع الزكاة للمستشفيات الأوروبية ولا لغيرها، لأن للزكاة مصارف محددة في القرآن الكريم وليست منها المستشفيات ولا المساجد ولا المصاحف.