من يراقب الأوساط الطبية اليوم يجد الكثير من الآراء المختلفة حول فيروس كورونا وكيفية مكافحته والتحكم به، وقد يكون هذا الأمر طبيعيا لأنه من المستحيل أن تتوحد الآراء حوله، وتكثر هذه الآراء كون كورونا فيروس جديدا ومازالت لا توجد دراسات كافية للتحكم في هذا المرض وإنقاذ الشرية.
الحظر إحدى الوسائل التي انتهجتها عدة دول لتطبيق مبدأ التباعد الاجتماعي، ولكن هناك آراء مختلفة حول هذا الإجراء.
في مقابلة للبروفيسور Johan Giesecke السويدي والمتخصص بالأوبئة يذكر أن السويد تنتهج خطا مختلفا عن باقي الدول فلا وجود للحظر، بل رسائل توعوية وإرشادات بأهمية تنظيف اليد وعدم تجمع أكثر من 50 شخصا في مكان واحد.
ويرجع ذلك إلى أن السويد تنتهج إجراءات مبنية على أدلة وليس افتراضات، حيث انه لا توجد دراسات تثبت أن التباعد الاجتماعي والحظر يحدان من انتشار الفيروس.
كما أن غالبية الدراسات مبينة على افتراضات وقد تكون غير صحيحة، وأحد هذه الافتراضات أن عدد المستشفيات سيبقى نفسه عند مقاومة الوباء، ولكن في الحقيقة تم توسعة المستشفيات وبناء مستشفيات إضافية لعلاج المصابين.
قد يستنتج القارئ أن السويد تنتهج مناعة القطيع وهو ترك انتشار الفيروس في المجتمع ويصبح الأمر البقاء للأقوى ولكن مناعة القطيع هي الناتج وليست استراتيجية بحد ذاتها، بل تقوم السويد بحماية الكبار بالسن وأصحاب الأمراض المزمنة لأنه خطر عليهم.
كما ذكر أن من سلبيات الحظر ان الشعب قد لا يحتمله فترة طويلة ويضطر إلى التمرد وكسره، خصوصا في الدول الديموقراطية، أما في الدول مثل الصين ينجح بسبب طبيعة النظام الحاكم.
وقد تعمد الحكومات بعدها بفرض إجراءاتها على الشعب وتطويعه من خلال القرارات وأيضا من خلال تطبيق التقصي الوبائي الذي واجه مخاوف في سنغافورة من المواطنين بسبب إمكانية الدخول بهواتفهم وتعقبهم ورؤية معلوماتهم الخاصة.
العديد فقدوا وظائفهم وأعمالهم التجارية جراء الحظر المفروض عليهم ويرون أن فتح المتاجر مع أخذ الاحتياطات هو الأمثل، كما أن عودة الاقتصاد إلى طبيعته بعد انتهاء فترة الحظر ليس بالأمر التلقائي، بل سيواجه صعوبات لأنه لا أحد يستطيع التنبؤ متى ستنتهي الأزمة.
أثر الحظر على الصحة الجسدية والنفسية سيئ، حيث ستضعف المناعة بسبب عدم الحركة والإفراط في الأكل، ومن الناحية النفسية سجلت في عدة دول حالات عنف منزلي وحالات اكتئاب وأمراض صحية أخرى.
في مقال سابق كنت أدعو للحظر الكلي ولكن بعد مراقبة الأوضاع وقراءة أكثر من رأي طبي وتحليل الأوضاع الاقتصادية لعدة دول يصبح القرار ليس بهذه السهولة.
لكل دولة أولوية ويعتمد قرار الحظر على قوة الدولة بفرض سلطتها على المواطنين ومقدرتها على دعم الاقتصاد، الأمر ليس بالأبيض أو الأسود بل يغالبه الرمادي كثيرا.
SaqerG@