هل بالفعل تسرب فيروس كورونا المستجد المسبب لمرض «كوفيد -19» من معامل ومختبرات مدينة ووهان الصينية، بسبب ما وصفته الولايات المتحدة ضعف إجراءات السلامة الصينية؟ أم أن انتشار مرض «كوفيد-19» جاء نتيجة طبيعية، حيث انتقل فيروس كورونا المستجد من الحيوانات إلى الإنسان، بسبب العادات الغذائية السيئة للصينيين بأكل كل ما يمشي على الأرض؟!
في كلتا الحالتين تتهم الصين بالتسبب في كارثة إنسانية حول العالم، ولابد من محاسبتها، وفق ما تعتقده الإدارة الأميركية.
بدأت حملة الرئيس دونالد ترمب مبكرا بتسمية الوباء بالفيروس الصيني، وبعدها صوب سهامه ضد مدير منظمة الصحة العالمية، حيث اتهمها بالمحاباة للصين، والخضوع لها، وعدم إدانتها بالتسبب بكارثة انتشار فيروس كورونا المستجد، وأن المنظمة لم تحذر دول العالم من خطورة الوباء إلا متأخرا.
وبعد هذا الهجوم الحاد قامت الولايات المتحدة بتجميد مساهمتها المالية لمنظمة الصحة العالمية، الأمر الذي اعتبره الكثير ضربة للجهود الدولية لمكافحة فيروس كورونا المستجد، وخاصة أن الدول النامية والفقيرة تعتمد على المنظمة ومساعداتها، مما سيجعلها في وضع خطر جدا.
الانتقادات الحالية للصين ربما تتطور إلى ما هو أبعد من ذلك، كاتخاذ تدابير سياسية واقتصادية ضدها بعد انتهاء أزمة «كورونا» الحالية.
بعض ملامح المشهد بدأت في الظهور مبكرا، حيث قامت ولاية ميزوري الأميركية برفع دعوى قضائية ضد الصين، بتهمة إخفاء خطورة وباء «كوفيد - 19»، والتسبب بأضرار اقتصادية وبشرية كبيرة لا يمكن تعويضها، وبالطبع ردت الصين بشكل غاضب، وأظهرت عبر تقرير إعلامي رصد بداية اكتشاف مرض «كوفيد - 19»، والسجلات الطبية لأول 7 مرضى يعتقد بأنهم أول من أصيب بفيروس كورونا المستجد، وحاولت الصين إظهار شفافية إجراءاتها وإعلانها للمرض، ومشاركتها كل المعلومات مع منظمة الصحة الدولية.
من الواضح ان الإدارة الأميركية تريد تحويل خسائرها البشرية والاقتصادية إلى أرباح عبر مواجهة الصين، فمنذ أيام تم الإعلان عن اجتماع لمسؤولين أميركيين كبار من أجل رسم خرائط استراتيجية لإجراءات أميركية انتقامية محتملة ضد الصين، ويعتقد أن المقترحات ستهدف لمعاقبة الصين، أو مطالبتها بتعويض مالي، جراء تعاملها مع جائحة «كورونا».
يبدو أن العالم يفتقر للتضامن الدولي، وهو في وسط جائحة خطيرة، فكيف إذا انجلت الأزمة الصحية، قد نشهد مناوشات سياسية واقتصادية تهدد السلم والأمن الدولي في المستقبل.
٭ الخلاصة: يحاول كل طرف دولي الاستفادة من أزمة «كورونا» الصحية سياسيا واقتصاديا، حيث يعتبرها البعض مجرد ورقة للهروب من مسؤولية التقصير، والبعض الآخر يعتقد أنها فرصة للانتقام من خصم سياسي دولي، أو حتى محلي، والحقيقة أن العالم لم يكن يوما متضامنا (ضد أو مع) أي شيء، بدءا من قتل الأبرياء على أيدي الطغاة، أو ضد الفقر، وأخشى أن مرض «كوفيد ـ 19» لن يكون الاستثناء من القاعدة.