بقلم: بدر مشاري الحماد.. نائب رئيس جهاز المراقبين الماليين بالوكالة (سابقا)
[email protected]
بعد أن أحالت الحكومة مرسوم الدين العام الى مجلس الأمة والذي ستتم دراسته ومناقشته في لجنة الشؤون المالية والاقتصادية، حسمت الحكومة أخيرا قرارها بشأن مسألة الاقتراض، وذلك لحاجة الدولة لتمويل نفقات الموازنة العامة نتيجة لعدم تغطية موارد الدولة لنفقاتها، خاصة في ظل التبعات المتعلقة بوباء فيروس كورونا وانخفاض أسعار النفط.
وبالاطلاع على مضمون احكام المرسوم بالإذن للحكومة بعقد قروض عامة وعمليات التمويل من الأسواق المالية المحلية والعالمية، فإنه على الرغم من أهمية مثل هذا التشريع كحل آني ومؤقت لمعالجة العجز في الموازنة العامة للدولة، الا ان هناك جوانب استوقفتنا في هذا المرسوم ورأينا من الأهمية تسليط الضوء عليها وهي كالتالي:
عدم موضوعية مدة الإذن للحكومة بعقد القروض العامة والتي تم تحديدها بمدة عشرين سنة حسبما هو موضح بالمادة الأولى من المرسوم، حيث إن تلك المدة لا تتسق مع رؤية الكويت 2035 والتي من ركائزها تطوير اقتصاد مزدهر ومتنوع للحد من اعتماد الدولة بشكل كلي على العائدات من صادرات النفط وتحقيق الاستدامة للمالية العامة، وعليه كان يجب ألا تتجاوز مدة المرسوم بأي حال من الأحوال عن خمس عشرة سنة كأبعد تقدير.
من حيث الظاهر ان الاطار الزمني للمرسوم عشرون عاما، لكن فعليا ووفقاً لما نصت عليه المادة الثانية والتي سمحت بسداد مبلغ القرض او عمليات التمويل لأجل لا يجاوز ثلاثين سنة يبدأ من تاريخ ابرام العقد، فإن تبعات المرسوم بقانون ممكن ان تستمر لفترة تمتد الى 50 سنة.
يستهدف المرسوم توفير الموارد المالية اللازمة لتعزيز موارد الموازنة العامة لتغطية العجز فيها، لذلك كان من المفترض ان يتزامن تقديم المرسوم بالإذن للحكومة بعقد القروض العامة مع تقديم الحكومة حزمة السياسات والإجراءات المالية لمعالجة الاختلالات في الموازنة العامة للدولة، حيث إان الاقتراض هو حل مؤقت وليس دائما كما اسلفنا، ولا يمكن بحث مسألة الاقتراض بمنأى عن معالجة تلك الاختلالات.
بما ان المشاريع الرأسمالية المستهدفة والمخصص لها 18 مليار من هذا المرسوم هي أصلا ضمن الموازنة العامة للدولة التي تواجه عجزا فيها، فإننا لا نرى وجود مبرر لتجزئة تخصيص الاقتراض ما بين عجز الموازنة والمشاريع الرأسمالية طالما عجز الموازنة يدخل ضمنه تمويل تلك المشاريع، الا إذا خصصت موازنة منفصلة للمشاريع وهذا امر مستبعد.
على الرغم من إحالة المرسوم الى لجنة الشؤون المالية والاقتصادية والتي يدخل في اختصاصها هذا المرسوم باعتباره يتناول جانبا ماليا واقتصاديا يتعلق بأعمال الجهات الحكومية المعنية، الا ان موضوع هذا المرسوم أيضا يدخل ضمن اعمال لجنة الميزانيات والحساب الختامي، حيث ان المرسوم يستهدف تمويل عجز الموازنة العامة للدولة، لذلك فإن دراسة ومناقشة المرسوم يجب ان تكون مشتركة بين اللجنتين.