بقلم: د.حصة عبدالرحمن السميط
أستاذ مساعد في كلية التربية الأساسية ـ قسم الاقتصاد المنزلي
نحن شعب تظهر معادننا الأصيلة وقت الأزمات، فمثلما اتحدنا في وجه العدو الغاشم سنة 1990، جاءت جائحة كورونا (كوفيد ـ 19) الفيروس الذي أشغل العالم بكثرة الحديث عنه وسرعة انتشاره وعدم قدرة الدول العظمى على السيطرة عليه أو الحد من انتشاره، وتأتي الكويت البلد الصغير في الحجم الكبير بالعطاء والذي تعود شعبه على التجمعات والزيارات العائلية اليومية والأسبوعية أو الاجتماع في الدواوين وغيرها، فهم اجتماعيون جدا بطبعهم، فتنقلب الموازين فجأة ويقف البلد على قدم وساق مشرعا قوانين كثيرة لمحاولة محاصرة هذه الجائحة، ويشيد العالم أجمع بهذه الجهود ويأمر قائدنا صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله، بفتح ميزانية الدولة على مصراعيها لحماية المواطن والمقيم على هذه الأرض المعطاء على حد سواء، وتتوحد جهود جميع قطاعات الدولة الحكومية والخاصة والمؤسسات الخيرية والاجتماعية، ويتقدم المتطوعون من الكويتيين والمقيمين من جميع الفئات ولاء منهم لهذه الأرض، ولكن نتيجة لغياب الوعي من فئة قليلة جدا كما جاء في استطلاع الرأي بسؤال بسيط «هل التزمت بالحظر والحجر المنزلي الجزئي أو تساهلت فيه؟».
أجاب عليه 1351 شخصا، حيث أن أغلب الأجوبة بما نسبته 55% كان لا يخرج إلا للضرورة و38% لم يخرجوا أبدا من المنزل و4% خرجوا للترفيه عن أنفسهم وكانوا مخالطين لتجمعات منزلية أو ديوانيات أو مزارع أو شاليهات و3% أجابوا بنعم خرجنا لعدم الوعي ومن باب التساهل.
وعلى الرغم من ارتفاع نسبة الملتزمين بالحجر الجزئي إلا أن أعداد المصابين زادت نتيجة للقلة غير الملتزمين (3%) والتي تسببت بكارثة، كما ساهموا بانتشار وتفشي الوباء مما اضطر الحكومة للحجر الكلي والتشديد في تطبيق القوانين والعقوبات على كل من يتساهل بأمن وسلامة المواطن ويساهم بانتشار هذا الوباء وعدم الالتزام بجميع إرشادات وقوانين البلد ومعرضا حياته وحياة الناس والصفوف الأمامية الذين أرهقوا أنفسهم وحرموا من أهلهم وخاطروا بصحتهم وحياتهم في سبيل حمايتنا، كل ذلك يعتبر تصرفات غير مسؤولة ومعيبة وغير مقبولة من الأشخاص البالغين وكبار السن، حيث دلت نتائج الاستطلاع على أن الالتزام الأكبر كان من نصيب العنصر النسائي مما يدل على أن وعيهن أكبر والتزامهن بالقوانين وخوفهن على أسرهن كان اكثر من باب المسؤولية الاجتماعية، حيث كانت الأم 47%، والبنات 37%، الأب 13%، والابن 3%، وقد ترجع هذه النسبة نتيجة للتهاون وعدم التعود على الجلوس بالمنزل، فهم دائمو الاحتكاك بالناس خارج المنزل ومخالطون لهم امتدادا لروتين حياتهم السابقة أو لأنهم مسؤولون عن متطلبات المنزل أو لعملهم في الخطوط الأمامية الذي كان مستمرا رغم الحظر.
وعند سؤالهم ما أكثر سلوك افتقدته أثناء الحظر والحجر المنزلي، كانت النتيجة أنها جمعات الأهل والأصدقاء بنسبة 48% والتسوق 23% والمطاعم 21% والسفر 8%، مما يؤكد ويعزز ما تمت الإشارة إليه سابقا في بداية المقالة.
لكن مهما ضاقت لابد أن تفرج والفرج قريب بإذن الله بتكاتف الجهود، فعلى الرغم من شدة الأزمة إلا أننا نلتمس الجانب الإيجابي لها على الرغم من شدتها، حيث أرهقتنا جميعا نفسيا واجتماعيا وصحيا فقد غيرت فينا العديد من المفاهيم والقيم، حيث ان المرض لا يفرق بين القوي أو الضعيف أو البلد ولا للغني أو الفقير فكم من غني مات لأنه لم يستطع تنفس الهواء المجاني!
أتمنى أن تكون لنا صحوة لطريق الإصلاح ومكافحة الفساد بالتقدم كأولاد بارين لبلدنا وأمنا الكويت التي سخرت كل طاقتها وأكثر في سبيل حماية ورعاية مواطنيها وإعادتهم إلى حضن الوطن مهما كلف الثمن، هكذا هي الأم الحنونة، إنها الكويت، عزنا وأمننا وأماننا بعد الله سبحانه، فدمت لنا فخرا في ظل قيادة أبينا وأمير الإنسانية صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله ورعاه، وسمو ولي عهده الأمين والحكومة الرشيدة لجهودهم الرائدة كل في مجاله وأبطال الصفوف الأمامية والشعب الوفيّ، فنحن كالجسد الواحد وقت الأزمات، وفقنا الله وإياكم لما فيه خير للبلاد والعباد.