دارين العلي
أصدر مجلس الوزراء في اجتماعه الأخير الاثنين قرارا بتكليف اللجنة العليا لمعالجة اختلال التركيبة السكانية باستكمال الإجراءات لتنفيذ التوصيات اللازمة في هذا الشأن مع الجهات المختصة لمعالجة الوضع القائم وصولا إلى تحقيق الأهداف المنشودة.
ويترتب على هذا القرار عدة خطوات يجب على اللجنة اتخاذها لمعالجة هذا الخلل في ظل ارتفاع أعداد العمالة الوافدة الهامشية التي ولدتها وفق رأي عدد من المتخصصين بالشأن السياسي والاجتماعي تجارة الإقامات والفساد في التركيبة الادارية وتسهيل استقدام العمالة غير الضرورية.
وبالرغم من تأكيد عدد كبير على ضرورة ألا تكون معالجة التركيبة السكانية عقابية بحق الوافدين، يشددون على وجوب ان تكون هذه القرارات مدروسة ولا تؤدي إلى الاستغناء عمن تحتاج اليهم البلاد في مسيرة بناء الوطن، مؤكدين دعم سياسة التكويت ولكن بشرط وضع الرجل المناسب في المكان المناسب وليس إحلالا وحسب دون مراعاة حاجة البلاد من التخصصات.
«الأنباء» استطلعت آراء مجموعة من العاملين بالشأن السياسي والاجتماعي حول الأمر، وكانت بالتالي:
نمو مرتفع
قال الناشط السياسي ناصر العيدان انه منذ 2014 واللجنة العليا لمعالجة التركيبة السكانية مشكلة ولكن ماذا فعلت لمواجهة الاختلال في التركيبة، المعززة بتجارة الإقامات، التي تفتح الباب على استقدام الكثير من العمالة الوافدة، وتضم الكثير من العمالة الهامشية، وتؤدي الى اختلال التركيبة السكانية، عدا عن المشاكل الأمنية، والضغط على المرافق الخدمية.
ولفت الى انه في دراسة أعدتها إدارة البحوث التابعة لمجلس الأمة، فإن معدل نمو عدد الوافدين سنويا 7.2% هو ضعف نمو المواطنين تقريبا، وهذا الاختلال في التركيبة السكانية يؤثر على المجتمع أمنيا واجتماعيا واقتصاديا، في عدة وجوه أهمها زيادة معدل البطالة بين الكويتيين، وزيادة تكلفة الدعم المالي على ميزانية الدولة على الكهرباء والماء مما يزيد من فجوة العجز المالي، وقصر العمر الاستهلاكي للمرافق العامة للدولة بسبب زيادة الضغط عليها، لاسيما ونحن نواجه جائحة كورونا والضغط على المرافق الصحية يتزايد.
وأشار العيدان الى ظهور بعض الجرائم الدخيلة على المجتمع الكويتي بسبب اختلال التركيبة السكانية.
وشدد على ان التعميم لا يمكن ان يكون عادلا، لكن ماتقوم به العمالة الهامشية المخالفة من استيطان للمدن السكنية وتحويلها الى عشوائيات ومساكن للعزاب تفتقد أقل مقدرات العيش الكريم وحقوق الانسان بل وتفتقد الأمن والاستقرار، وهو الخطر الذي انكشف مع أزمة كورونا.
وتساءل العيدان عما ستقدمه الحكومة ولم تقدمه منذ 6 سنوات وهو عمر هذه اللجنة، مؤكدا أن الوافد لم يدخل عنوة ولم يدخل تهريبا او مخالفة للقوانين، وتاجر الاقامات المجرم لم يكسر أيضا القانون، ولكن من سهل لهم وأعطى الاستثناءات ورفع سقف الواسطات هو المسؤول الأول.
خطة منطقية
ومن جهته، قال الناشط السياسي والحقوقي المحامي دعيج الكندري ان خلل التركيبة السكانية ووجود عمالة فائضة وغير متعلمة، ألقت بظلالها على تحديات محاربة وباء فيروس كورونا، مشددا على ان القرار في هذا الشأن يجب ان يكون مدروسا وغير متعلق بمشاعر ومجرد من العواطف، وبالتالي الخطة يجب ان تكون منطقية وليست عقابية.
وشدد انه لابد من ذكر حقيقة من قدم الكثير من العطاءات والإنجازات والخبرات لهذا البلد من الوافدين الذين يستحقون الشكر والثناء.
وأضاف ان الحكومة وإن كانت جادة في ايجاد حلول جذرية ومتأصلة بشأن خلق نوع من التوازن بالتركيبة السكانية فإن من باب أولى تشديد العقوبات المتعلقة بتجار الإقامات وتطبيق هذه النصوص المجمدة ومحاربتها بشكل مباشر دون استثناءات وإن فتح هذه الملفات هو أولى الخطوات الإيجابية نحو الإصلاح وأما صدور قرار عشوائي كرد فعل فإن من الممكن ان تكون هناك سلبيات كثيرة في سوق العمل من استغلال فرصة منع استقدام عمالة خارجية والاكتفاء بمن هو موجود وأبسطها زيادة رواتب من هم موجودون وافتقار بعض القطاعات للخبرات غير المتاحه وسد الوظائف من غير المختصين بها وغيرها من المشاكل التي سوف تظهر فور تطبيق القرار.
تكويت مدروس
وأضاف أنه على بلد الإنسانية ان يعي تماما ان وافدي هذه الدول كان لهم دور مشرف إبان الغزو العراقي الغاشم وأن الطرح الذي نسمعه في الآونة الأخيرة من أصوات النشاز لا يستقيم مع مبادئ حقوق الإنسان والتمييز العنصري الذي لا يرتقي بمجتمع مثل الكويت التي خيرها ومساعداتها وصلت من شرق العالم إلى غربه.
وأكد انه مع تكويت قطاعات الدولة وفق خطة مدروسة وممنهجة وأن تقدم الدولة آلية إعداد كوادر وطنية بمختلف القطاعات والتخصصات وزيادة فرص التعليم وإعادة النظر بالدارسة في القطاع العام سواء من الناحية الإدارية أو المناهج الدراسية وتطورها وفتح الابتعاث إلى أفضل الجامعات العالمية سواء للدراسة الأولية والدراسات العليا.
ومن جهته، أكد الناشط السياسي المستشار عبدالله خسروه أن ملف معالجة التركيبة السكانية سيتصدر واجهة العمل السياسي حكوميا وبرلمانيا في الفترة المقبلة، حيث كشفت (جائحة كورونا) عن أمور من شأنها ان تهدد أمننا الوطني بسبب خلل التركيبة السكانية.
وأشار الى ان عدم توازن التركيبة السكانية مشكلة قديمة تعيشها الكويت والسبب غياب الرؤية الحكومية منذ سنوات تجاه العمالة اللازمة لسد النقص في البلد بإلاضافة الى تجذر حالة الفساد الإداري في الجهات المسؤولة عن منح تراخيص جلب العمالة، فتحول قضية الاستعانة بالعمالة اللازمة لمشاركة الكويتين ببناء بلدهم وتنميتها الى وسيلة للتكسب اللامشروع.. من خلال الاتجار بالإقامة.
العمالة السائبة والمنزلية
ولفت الى ان هناك عدة مداخل رئيسية تشكل الاختلال بالتركيبة السكانية وهي العقود الحكومية والتي تسمح لشركات معينة جلب مئات الأشخاص وأحيانا الآلاف، من خارج السوق المحلي بهدف إنجاز مشاريع البنية التحتية والضخمة في ظل عدم مراقبة إعادة هؤلاء العمالة الوافدة الى موطنها الأصلي والسماح لها بنقل أقامتها من جهة الى جهة أخرى.
ولفت ايضا الى الاختلال في العمالة المنزلية، من خادم وطباخ وسائق فالإحصائيات الأخيرة تشير الى وجود اكثر من 700 ألف عامل منزلي وهذا رقم كبير جدا.
وطالب خسروه بحل مشكلة خلل التركيبة السكانية بإعادة تنظيم وجود العمالة الوافدة، واستثمار الكفاءات البشرية بشكل علمي وممنهج بما يعود بالفائدة على الكويت، مشددا على انه لابد من انشاء شركة حكومية مساهمة للعمالة الوافدة، بحيث تمد هذه الشركة كل القطاعات الخاصة والحكومية بالعمالة اللازمة وفق معايير فنية. ولفت الى ضرورة إقرار مبدأ الكوتا بين مختلف دول العالم.
التزاحم على فرص العمل
من ناحيته، قال الناشط السياسي والحقوقي المحامي علي العريان: ان اختلال التركيبة السكانية مشكلة مزمنة تفرعت منها العديد من المعضلات والمآزق، كالتحديات الأمنية، والضغط على المنظومة الخدمية، بما فيها المنظومة الصحية والمواصلات والنقل، والتزاحم على فرص العمل في القطاعين العام والخاص، وظاهرة العمالة السائبة والاتجار بالإقامات وما تؤدي إليه من ارتفاع معدل الجريمة والبطالة ومؤخرا الوباء، كما أدى ذلك كله إلى مثالب في ملفات حقوق الإنسان مثل ملف حقوق العمال، والتمييز العنصري ضد الأجانب، سواء على مستوى مؤسسي أو شعبي.
وأكد العريان اننا لسنا بحاجة إلى تشريعات جديدة بمقدار ما نحن بحاجة إلى تفعيل ما هو موجود من مواد قانونية، مثل نص المادة (24 مكررا) من قانون إقامة الأجانب الذي ينص على تجريم الاتجار بالإقامات ويعاقب كلا من التاجر والأجنبي الذي حصل على الإقامة مقابل مبلغ مالي أو منفعة.
وشدد على ضرورة الالتفات إلى إصلاح الوضع المعيشي والحقوقي للعمالة قليلة الدخل، بزيادة الحد الأدنى للأجور، وتفعيل قانون المدن العمالية، ورفع مستوى المؤهلات المطلوبة، وإجراء الفحوصات الصحية الدورية لهم، وتحقيق الضمانات الكافية لتوفير الحياة الكريمة التي تحقق لهم الحد الأدنى من متطلبات الصحة والسلامة.
أبرز قرارات مجلس الوزراء
عقد مجلس الوزراء اجتماعه الأسبوعي أمس الأول في قصر السيف برئاسة سمو الشيخ صباح الخالد.
وتدارس المجلس التوصية الواردة من لجنة الشؤون الاقتصادية بشأن تقرير متابعة أعمال اللجنة العليا لمعالجة اختلال التركيبة السكانية وبالإجراءات والخطوات التنفيذية المتخذة والتوصيات المقترحة لمعالجة هذه القضية، وقرر تكليف اللجنة العليا باستكمال الإجراءات والخطوات لتنفيذ التوصيات اللازمة مع الجهات المختصة.
ثم اطلع المجلس على توصية اللجنة بشأن تقرير اللجنة العليا التوجيهية للتحفيز الاقتصادي، وأثنى على الجهود التي تبذلها اللجنة والهيئة العامة للقوى العاملة لمعالجة الاختلالات في سوق العمل أثناء الظروف الاستثنائية التي سببتها جائحة كورونا والحرص على تكريس التوازن في العلاقة التعاقدية بين أصحاب العمل والعمال والمحافظة على مصالحهم من خلال ضمان الأمان الوظيفي للعمالة الوطنية، وقرر تكليف الهيئة العامة للقوى العاملة باتخاذ ما يلزم نحو إعادة النظر بقيمة دعم العمالة الوطنية وفق ما يلي:
1 - مضاعفة الدعم المقدم للعمالة الوطنية المسجلة على الباب الخامس لمدة 6 أشهر من تاريخ صدور هذا القرار.
2 - في حال تم تخفيض رواتب العمالة الوطنية المسجلة على الباب الثالث تتحمل الدولة مقدار ما تم تخفيضه من خلال تقديم الدعم المباشر لأصحاب الأعمال بما لا يزيد على قيمة الدعم المالي المقرر للعمالة الوطنية في الجهات غير الحكومية، وذلك لمدة 6 أشهر تبدأ من تاريخ صدور هذا القرار، وذلك شريطة عدم تسريح الموظفين الكويتيين من وظائفهم وعدم المساس برواتبهم.
3 - تضع الهيئة الضوابط اللازمة لما ورد في البندين (1 - 2) بما يضمن وصول الدعم لمستحقيه بالسرعة والكفاءة المطلوبين.
ثم تدارس المجلس توصية لجنة الخدمات العامة بشأن توفير الدعم اللوجستي والبيئة الآمنة للمواطنين حائزي القسائم السكنية في مدينة المطلاع السكنية أثناء فترة بناء قسائمهم.
وقرر تكليف الجهات المعنية بسرعة موافاة المؤسسة العامة للرعاية السكنية بالخطوات العملية لتوفير الدعم اللوجستي والبيئة الآمنة للمواطنين حائزي القسائم السكنية في المدينة أثناء فترة بناء قسائمهم.
وفقد وافق المجلس على قيام وزارة الصحة بإنشاء وتجهيز وصيانة المدينة الطبية بمدينة صباح الأحمد السكنية لخدمة سكان المدينة وتقديم الرعاية الصحية لها.
وناقش المجلس أيضا توصية اللجنة التعليمية والصحية والشباب بشأن آلية تشغيل مدينة الجهراء الطبية.
«القوى العاملة» تشكّل فريق عمل متكاملاً لتنفيذ قرارات مجلس الوزراء بدعم العمالة
بشرى شعبان
كشف مصدر مسؤول في الهيئة العامة للقوى العاملة في تصريح خاص لـ «الأنباء» ان الهيئة منذ صدور قرارات مجلس الوزراء، لاسيما فيما يتعلق بدعم العمالة تحولت الى خلية نحل تعمل بطاقة بشرية عالية لتطبيق القرار عبر قطاع العمالة الوطنية والشؤون القانونية والموارد البشرية والمالية لحصر الملفات المستحقة لمضاعفة الدعم تنفيذا لقرار مجلس الوزراء.
وأضاف المصدر انه تم تشكيل فريق عمل متكامل من مختلف قطاعات الهيئة كل في مجاله لوضع الضوابط الخاصة بالحفاظ على التعاقد بين أصحاب الأعمال والعمال في ظل الظروف الاستثنائية وعدم حدوث اختلالات.
وتوقع المصدر ان تكون كل الكشوفات الخاصة بدعم العمالة وآليات وضوابط الصرف جاهزة في مدة تتراوح بين أسبوعين وشهر بأقصى حد.