محمد بسام الحسيني
يقوم مسلسل «جنة هلي» على قصة محدودة الأحداث وبطيئة الإيقاع بالنسبة لعمل يمتد 30 حلقة، إذ تقتصر على مواقف حياتية لعدد محدود من الأسر والبيوت الذين نتابع علاقاتهم وتقلباتهم.
فقر القصة بالأحداث وروتينية المضمون، يعوّضهما، الى حد ما، المسلسل بجاذبية خاصة بفضل رشاقة حواراته وإنسانيتها وواقعيتها. كما أن ملاحظات مثل الانتقاء غير التقليدي لاسماء الشخصيات - وبعضها نسمعه لأول مرة في أعمال درامية - من العوامل التي تضفي أناقة شكلية على العمل.
القصة والشخصيات
مشاكل الأبناء خاصة في الزواج هي القضية الرئيسية في العمل الذي تقدمه الكاتبة نوف المضف، ففي منزل أديبة (سعاد عبدالله) نجد عمران زوجها (إبراهيم الحربي) وأبناءهما الأربعة:
- عبدالناصر (شهاب جوهر): الأب المهمل والمضطرب الذي يحاول الانتحار وتموت زوجته في حادث وهي مقهورة من إهماله لها ولولديهما (الحارث) عبدالرحمن الفهد و(سلا) رولا أبوزيد.
- سطام (حسين المهدي): الشاب الرزين العائد من السفر الذي يرتبط ببريق (لمياء طارق) وهي شابة ترعرعت يتيمة الأب في مدرسة داخلية بعدما انشغلت أمها المثقفة بدوائرها الخاصة.
- أوضاح (شيماء علي): التي تتخلى عن ابن عمها قتيبة (ميثم بدر) إرضاء لأمها وتتزوج بـ (محمد الرمضان) لتصطدم بشخصيته الانهزامية.
- مشارف (شهد الياسين): بعد يأسه من استمالة أوضاح يتجه قتيبة الى مشارف ويتزوجها رغما عن أمها بعد تدخل عمران لصالحه.. وعند اكتشاف شخصيته بسرعة تندم مشارف وتهجره.
أديبة زوجة وفية تحترم وتحب زوجها رغم اختلافها حول مشاكل الأولاد وتحاول إرضاءه حتى في تقديم الكحول له رغم عدم رضاها عن ذلك، وتغار عليه بشدة.
تنضم للعائلة شقيقة أديبة نهاد (نور) بعد طلاقها من سامي (عبدالمحسن القفاص) الذي تمل من خياناته المستمرة لها رغم رضاها بأنه لا ينجب أطفالا.. وبعد الطلاق تعود لحلم الإنجاب رغم تقدمها في السن، عبر التخصيب.. ولفكرة الارتباط مجددا.
وبموازاة عائلة أديبة نجد عائلة صديقتها وزميلتها سميرة (انتصار الشراح) التي يعمل زوجها سلطان (احمد الفرج) لدى عمران في شركته ولديهما ولدان: خليفة (مشاري المجيبل) وعنود (هند البلوشي) الشابة التي يعارض أخوها الوصولي والأناني دخولها عالم الغناء بداية ثم يجد فيها فرصة للاستغلال فيسخِّر موهبتها ليجمع المال لصالحه ويعارض حتى حقها في الزواج. أديبة لا تستلطفه لأنها تعرف طباعه السيئة وتُصعَق حين تعرف أن حفيدتها المراهقة «سلا» معجبة به وتتواصل معه.
التمثيل والإخراج
في هذه الأجواء التقليدية تمضي الأحداث ويعتمد العمل على جهد مجموعة متناغمة من الممثلين: الفنانة القديرة سعاد عبدالله تؤدي دور الأم بسهولة كونه دورا مألوفا ومكررا بالنسبة لها، ولا تغيب المشاهد التي تتجلى فيها، وبعضها لا يخلو من الكوميديا، لكن مع ذلك يبقى العمل في خانة «العادي والمكرَّر» بالنسبة لمسيرتها.
الفنان إبراهيم الحربي يؤدي شخصية عمران بتلقائية رائعة واعتماد محترف على لغة النظر والعيون، ومشاركته من العوامل التي أضفت حيوية خاصة على العمل مع تميز لافت في مشاهده الثنائية الطريفة مع زوجته.
الوجوه الشبابية في المسلسل متقاربة في أدائها الذي يتراوح بين المقبول والجيد بالمجمل مع تسجيل تميز لهند في دور عنود، وخطها شكّل إنقاذا للعمل على مستوى الصراع وضخ إثارة تفتقدها الأحداث، وكذلك ميثم بدر في دور قتيبة الذي يؤديه باستعداد وفهم واضح للشخصية مثبتاً قدرة واضحة على التنويع والتكيف وهي سمة مهمة يتمتع بها مع ذكاء في قبول الأدوار. أما لمياء طارق فافتقدت بريقها الذي سطع في «موضي قطعة من ذهب» العام الماضي.
إخراجيا: لم يكن أمام المخرج منير الزعبي الكثير لإنجازه إلا في حالات قليلة مثل مشاهد الماراثون والاستديو وموت زوجة عبدالناصر (ملاك)، لكن مع ذلك نجده يتفنن في تكوين الكثير من مشاهده بإضفاء الرمزية التي يتقنها للربط بين الحالات النفسية لشخصياته وموجودات الواقع والتنويع في توزيع الممثلين والعمل على الخطوط والألوان والزوايا.
«جنة هلي» عمل عادي يميزه الحوار، وينقصه الصراع لإثراء حبكة درامية تتسم بالبرودة والبطء.
اقرا ايضا