تصاعد الرفض العربي والدولي لخطط وإجراءات إسرائيل لضم أراض في الضفة الغربية وفرض السيادة الإسرائيلية عليها. وقد أعربت وزارة الخارجية السعودية في بيان صحافي نقلته وكالة الأنباء السعودية (واس) عن تنديد المملكة بأي إجراءات أحادية الجانب وأي انتهاكات لقرارات الشرعية الدولية وكل ما قد يقوض فرص استئناف عملية السلام لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة. وجددت تأكيد موقف المملكة الثابت تجاه الشعب الفلسطيني ووقوفها الدائم إلى جانبه ودعم خياراته وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها (القدس الشرقية).
كما أكدت دعم المملكة للجهود الداعية إلى دفع عجلة التفاوض وفق مقررات الشرعية الدولية للتوصل إلى حل عادل وشامل يلبي تطلعات الشعب الفلسطيني.
بدوره، جدد الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة بجامعة الدول العربية د.سعيد أبوعلي أمس دعم وتأييد الجامعة لمواقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس في التصدي لمخطط الضم الإسرائيلي لأراضي الضفة الغربية. وقال أبوعلي في تصريح صحافي انه «آن الأوان أن يتخذ المجتمع الدولي خطوات عملية على طريق إنهاء الاحتلال والاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشريف».
وشدد على ضرورة تمكين فلسطين من ممارسة سيادتها واستقلالها على أرضها وذلك من خلال تنظيم آلية للتحرك عبر اللجنة الرباعية الدولية وعقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية لعام 2002.
وأشار الى قرار مجلس الجامعة على المستوى الوزاري رقم (8522) في دورته غير العادية (الافتراضية) التي عقدت في 30 أبريل الماضي والذي عبر عن الموقف العربي الرافض للمخططات العدوانية الإسرائيلية لضم أجزاء من الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 وأكد ترحيب وتقدير الجامعة وتثمينها للمواقف الدولية الرافضة للسياسة الضم والاستيطان الإسرائيلية.
وفي السياق نفسه، قالت الجامعة العربية في بيان لها ان أمينها العام أحمد أبوالغيط تلقى رسالة من الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد جوزيب بوريل الأوروبي تناول خلالها الموقف الأوروبي الرافض لخطط الضم الإسرائيلية لأراض فلسطينية محتلة.
وأوضح البيان أن الرسالة أكدت أن الموقف الأوروبي من وضعية الأراضي التي احتلتها إسرائيل في عام 1967 لم يتغير وأن الاتحاد الأوروبي لا يعترف بالسيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة، معتبرا أن الضم يشكل خرقا خطيرا للقانون الدولي.
من جهته، جدد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية دعوته لدول الاتحاد الأوروبي والعالم لكسر الأمر الواقع الذي تحاول إسرائيل فرضه من خلال الاعتراف بدولة فلسطين، وقيادة جهد دولي لعقد مؤتمر دولي من أجل فلسطين، ومنع إسرائيل من تنفيذ تهديدها بضم أجزاء من الضفة الغربية.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية أن ذلك جاء خلال لقاء عقده اشتية مع قناصل وسفراء وممثلي الاتحاد الأوروبي، بحضور وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، حيث أطلعهم على آخر التطورات السياسية وما يترتب على قرار القيادة وقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل.
وأضاف: «ضم إسرائيل أجزاء من الضفة تهديد وجودي للقضية الفلسطينية وحقوقنا الوطنية وأرضنا ودولتنا المستقبلية، ويجب أن يكون هناك رد فعل على مستوى الحدث من مختلف الأطراف».
كما أعلنت الرئاسة الفلسطينية أن الأمم المتحدة تبحث عقد اجتماع وزاري للجنة الرباعية لبحث القضية الفلسطينية ومواجهة قرارات الاحتلال الاسرائيلي ضم اراض من الضفة وغور الاردن.
وذكرت الرئاسة في بيان اول من امس أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس أبلغ الرئيس محمود عباس بهذا المسعى وذلك بعد يوم من إعلان القيادة الفلسطينية التحلل من الاتفاقيات والتفاهمات مع إسرائيل.
وأفاد البيان بأن غوتيريس جدد لعباس التأكيد على الموقف الثابت للأمم المتحدة من القضية الفلسطينية «المستند للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية».
وأضاف أن الأمين العام للأمم المتحدة أكد دعوته لاجتماع للرباعية على مستوى المندوبين لمناقشة سبل عقد اجتماع وزاري ناجح لها لبحث القضية الفلسطينية.
وكشفت وزارة الخارجية الروسية أنه من المحتمل انعقاد لقاء ممثلي اللجنة الرباعية بتقنية الڤيديو.
ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية امس، عن مصدر رفيع المستوى في الخارجية القول «سيكون هناك اتصال في إطار رباعي على مستوى المبعوثين الخاصين، ومن جانبنا سيشارك (نائب وزير الخارجية) سيرغي فرشينين»، وأضاف المصدر «نتمنى أن يتم هذا اللقاء في الأيام القليلة المقبلة».
في السياق، أعلنت فرنسا أنها تعد مع دول أوروبية أخرى، من بينها خصوصا ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، «تحركا مشتركا» لمحاولة إحياء مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، محذرة دولة الاحتلال من أنها قد تواجه «ردا» أوروبيا إذا ما نفذت خطتها بضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان ـ إيف لودريان خلال جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية «نحن نعمل مع إيطاليا وألمانيا وإسبانيا بالإضافة إلى بعض الدول الأعضاء، لوكسمبورغ وإيرلندا، لبلورة تحرك مشترك»، وأضاف أن الهدف من هذا التحرك هو إعادة «الجميع إلى طاولة المفاوضات»، مشيرا إلى أنه سيجتمع «في غضون أيام قليلة» مع نظيره الإسرائيلي الجديد.
وأوضح الوزير الفرنسي «سنعمل بهذا الاتّجاه مع بعضنا البعض بتكتم، وبطريقة أكثر علنية إذا ما أتيحت لنا الفرصة في الأيام المقبلة».
كما لفت لودريان إلى أن الدولة العبرية قد تواجه إجراءات أوروبية انتقامية إذا ما مضت قدما بخطتها ضم أجزاء من الضفة الغربية.
وقال الوزير الفرنسي نحن نعمل معا على تحرّك مشترك للدرء، وربما للرد، إذا ما نفذت الحكومة الإسرائيلية الجديدة مخططها بضم أراض فلسطينية محتلة.
الى ذلك، أعلن الڤاتيكان أن أحد كبار مسؤوليه أعرب خلال اتصال هاتفي تلقاه من كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات عن «قلق» الكرسي الرسولي على السلام في الشرق الأوسط بسبب عزم إسرائيل على تنفيذ خطة الضم.
وقال الڤاتيكان في بيان إن «الكرسي الرسولي يتابع الوضع من كثب، ويعرب عن قلقه إزاء أي إجراءات مستقبلية يمكن أن تعرّض الحوار لمزيد من الخطر».
وأضاف أن أمين سر الڤاتيكان لشؤون العلاقات مع الدول الأسقف بول ريتشارد غالاغر، أعرب خلال المكالمة الهاتفية التي تلقاها من عريقات عن «أمل الكرسي الرسولي في أن يتمكن الإسرائيليون والفلسطينيون قريبا من التوصل مجددا إلى إمكانية التفاوض مباشرة على اتفاق، بمساعدة من المجتمع الدولي، لكي يسود أخيراً السلام في الأرض المقدّسة العزيزة جداً على قلوب اليهود والمسيحيين والمسلمين».
ونقل البيان عن عريقات قوله إنه اتصل بغالاغر «لإبلاغ الكرسي الرسولي بالتطورات الأخيرة في الأراضــي الفلسطـينية، واحتمال فرض إسرائيل سيادتها بشكل أحادّي الجانب على جزء من تلك الأراضي، مما يزيد من تعريض عملية السلام للخطر».