الموريسكيون هم مسلمو الأندلس الذين أجبرتهم سلطات المملكة الاسبانية على التحول إلى النصرانية بعد سقوط غرناطة عام 1492.
وقد تعرض من بقي منهم في اسبانيا إلى شتى أنواع الاضطهاد والتفنن بأساليب التعذيب الوحشية من قبل محاكم التفتيش ذات السمعة السيئة التي أنشئت وحظيت بمباركة رجال الدين الاسبان المتعصبين لغرض فرض النصرانية عليهم عنوة وهي أعمال لا تمت بصلة إلى دين المسيح عليه السلام (المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة).
فما قاموا به من جرائم بحق المسلمين المسالمين لإجبارهم على اعتناق النصرانية ليس من السلام في شيء ولا يسر الإنسان.
ورغم كل إجراءات المراقبة والتعقب والتجسس وفرض الثقافة النصرانية عليهم بالترهيب ظل الموريسكيون يحتفظون بهويتهم الإسلامية ويتناقلونها عبر أجيالهم رغم تظاهرهم باعتناق النصرانية حتى انهم كانوا يحتفظون بنسخ من المصاحف والأحاديث النبوية الشريفة في شقوق جدران منازلهم حتى لا تكتشفها سلطات المملكة وقد عثر على بقايا من هذه النسخ في البيوتات الأثرية القديمة.
ويعيش في اسبانيا اليوم أحفاد هؤلاء الموريسكيين المسلمين الذين يحتفظون بجذورهم الإسلامية وألقاب عائلاتهم التي ينحدرون منها وأغلبها عربية كعائلة بني السراج وعائلة القائد وعوائل من بني أمية وهي من العوائل الشهيرة وغيرها كثير.
ويبلغ عدد الموريسكيين حاليا قرابة ثلاثة ملايين في الجنوب الاسباني في غرناطة ومالقا وإشبيلية. وقد بدأ العديد منهم العودة إلى الإسلام والتعرف عن كثب على الثقافة الإسلامية التي افتقدوها قرونا تحت إرهاب المملكة الاسبانية.
من هؤلاء الموريسكيين الباحثة الاسبانية أديبة روميرو التي تنحدر من عائلة بني القاسم الشامية.
وقد أسلم والدها ووالدتها، ومن حسن حظها أن والدها كان من ضيوف الملك فهد رحمه الله في موسم الحج وقد أتاح لهم البقاء في مكة لتعلم الإسلام حيث تعلمت أديبة منذ طفولتها في المدارس الحكومية في مكة المكرمة وأجادت اللغة العربية مما دفعها لاستكمال دراستها وتحقيق أمنيتها في التخصص في التراث الإسلامي وهي تشغل حاليا رئيسة قسم البحث وعلم المخطوطات في كلية الدراسات الأندلسية في غرناطة وعضو جمعية المكنز الإسلامي التي تعنى بدراسة المخطوطات الإسلامية ناهيك عن كونها أستاذة في التاريخ الأندلسي، وقامت بالتدريس كأستاذة زائرة في جامعة دار الحكمة للبنات في جدة.
كباحثة تراثية اسبانية فإن أديبة روميرو تمثل شخصية موريسكية تولي عناية كبيرة بقيمة الحضارة التي أسسها أجدادها المسلمين في الأندلس على مدى ثمانية قرون وتبذل مجهودا كبيرا في الكشف عن كنوز التراث الأندلسي والتعريف به أمام بني جلدتها من الموريسكيين بعد قرون طويلة من محاولات طمسه من قبل رجال الدين الاسبان.