التقديرات الخاطئة والنهايات الكارثية
في الحرب الأهلية الأميركية كان الجيش الانفصالي الجنوبي الذي يواجه جيش الاتحاد التابع للرئيس إبراهام لينكولن في أمسّ الحاجة الى انتصار. فقد كانت هناك عدة هزائم تعرض لها جيش الاتحاد في الغرب قبل ان يتمركز في خليج فرجينيا. وكان روبرت لي يقود جيش 11 ولاية جنوبية تريد الانفصال، وما لم تنضم للاتحاد فلن تكون هناك ولايات متحدة موحدة.
وكل ما كانت هناك حاجة اليه هو انتصار يظهر ان الجنوب لا يستطيع فقط الدفاع عن نفسه، وإنما يستطيع ان ينقل الحرب الى الشمال. وكان هذا يعني اعتراف انجلترا وفرنسا بالاتحاد. ومن ثم كان قرار الجنرال روبرت لي بالتوجه بالجيش من فرجينيا الى الشمال قرارا سياسيا وليس عسكريا.
ولكن خطأ واحدا بدأت معه سلسلة من الأحداث أدت الى عكس ما كان يرجوه الجنوبيون. هذا الخطأ خرب القضية التي يدافع عنها الجنوبيون الانفصاليون بسبب أخطاء تالية وكلها ارتكبها الجنرال لي قرب بلدة جيتسبورغ أثناء معركة سميت باسم البلدة.
هذا الخطأ هو محاولة لي غزو بنسلفانيا الحصينة، رغم نصائح قادته بأنها ستكون عملية انتحار عسكري.
ولكنه ونتيجة خطأ في حساباته، وحساباته هو فقط ذهب بجيشه الى المجهول. وكانت الكارثة التي حلت بجيشه وأعطت لينكولن ما حلم به وهو توحيد الولايات الأميركية ومن ثم إقامة الدولة العظمى التي نراها اليوم. وتعد معركة جيتيسبيرغ القريبة من بنسلفانيا واحدة من أهم المعارك في التاريخ الأميركي وفي الحرب الأهلية الاميركية والتي استمرت نحو 4 أعوام ما بين عامي 1861 و1865. وقد وقعت معركة جيتسبيرغ في منتصف الحرب تقريبا، اي في اول 3 ايام من شهر يوليو من عام 1863، وكانت بحق «نقطة التحول» الكبيرة في الحرب وأدت الى ميل الكفة لصالح الاتحاد وجيشه ضد الجيش الكونفيدرالي والقوى التي سعت للانفصال، أو تكريس مبدأ عدم التدخل بشؤون الولايات الداخلية من قبل الحكومة الاتحادية في واشنطن، لاسيما الشؤون التجارية والاقتصادية والزراعية. وعلى مدى الأيام الـ 3 الاولى من يوليو 1863، قاتل الجيش الشمالي الذي يتكون من نحو 85 الف رجل جيشا جنوبيا يتكون من نحو 65 الف رجل، وهزمه في نهاية المعركة. وفي 9 ابريل 1865، أعلن القائد الجنوبي الجنرال روبرت لي، استسلام جيشه المهلهل الى الجنرال يوليسيس اس جرانت قائد الجيش الاتحادي عند ابوماتوكس كورت هاوس، وهي مستوطنة صغيرة في فيرجينيا. وسرعان ما استسلمت الجيوش الجنوبية الأخرى.
وهكذا انتهت الحرب باستسلام الجنرال «لي» مع جيشه وتوقيع وثيقة الاستسلام الشهيرة في 9 ابريل 1865 وقبل هذا قال: «لم يعد لدي ما أعمله سوى أن أذهب الى الجنرال جرانت قائد جيش لينكولن لتوقيع هذه الوثيقة، وأفضل ان أموت بدلا عن موت آلاف الأشخاص ولهذا أستسلم».
من كتاب: 100 خطأ غيرت مجرى التاريخ ـ بيل فاوست