اغتال جنود صهاينة بدم بارد الشاب إياد الحلاّق الذي يعاني من مرض التوحّد بعد أن فرّ خائفا منهم واختفى خلف حاوية قمامة في الوقت الذي تجتاح الولايات المتحدة مظاهرات عارمة تندد بخنق رجل أمن أميركي مواطنه الأسود جورج فلويد حتى الموت.
لا فرق بين دوافع الجريمتين رغم اختلاف موقعيهما لأنهما ذات جذور عنصرية معبأة بالكراهية واحتقار حياة الآخرين.
في الأولى لن يحظى إياد، رحمه الله، بمن يدافع عنه أمام غطرسة الصهاينة فهي سياسة رسمية ممنهجة للقضاء على الفلسطينيين وتتمتع بتغطية ودعم من الإدارات الأميركية المتعاقبة، لكن في الثانية لن تستطيع الإدارة الحالية التغطية عليها وإغلاق ملفها لأنها خرجت إلى العلانية وأثارت حفيظة الشعب الأميركي الذي خرج في العديد من الولايات معبرا عن سخطه عليها وعلى الرئيس ترامب الذي لم يفعل ما فيه الكفاية للتهدئة واكتفى بتهديد المتظاهرين بإرسال الجيش الأميركي لمعاقبتهم وكأنه رئيس دولة من دول العالم الثالث بعد أن اتهمهم بسلب المحلات وإتلاف الممتلكات دون الإشارة إلى ضرورة مراقبة سلوكيات رجال الأمن وضمان عدم اعتدائهم على أرواح المواطنين أو تطمينهم بأنه شخصيا سيهتم بمتابعة التحقيق حتى يأخذ التحقيق مجراه العادل وتجنّب تكرار إفلات رجال الأمن من العدالة عندما تكون الضحية من الأميركيين السود أو من الأقليات الأخرى التي تتمتّع بالمواطنة الأميركية.
لم يتوقف الرئيس الأميركي ترامب عند حد التهديد والوعيد وظهر متحديا وهو يرفع الإنجيل أمام كنيسة سانت جونز بطريقة مستفزة كما لو أنه يستنجد بقاعدته الشعبوية من اليمينيين الإنجيليين ضد الشعب الأميركي رغم أنه لا يتمتّع بأي أخلاقيات دينية تجعله مثالا للإنجيليين، لكنها الغطرسة العنصرية التي لا يستطيع أن يتخلّص منها وجعلته مثالا للسخرية أمام شعبه وشعوب العالم.
في هذه الأجواء المضطربة التي تشهدها مدن الولايات المتحدة يحاول اليهود الأميركيون من خلال منظماتهم التظاهر أمام الأميركيين بأنهم يتعاطفون مع جورج فلويد وينددون بمقتله مع أن غالبيتهم يؤيدون السياسة العنصرية الصهيونية في الأراضي الفلسطينية وعمليات اغتيال الفلسطينيين التي تنفذها الشرطة الصهيونية والتي لا تختلف عن نظيرتها الأميركية وهي مواقف تكشف عن نفاقهم السياسي وازدواجية مواقفهم وممارستهم للخداع.
ولا يخفى امتنانهم لدعم ترامب للكيان الصهيوني، وفي ضمه لمرتفعات الجولان ونقل سفارته إلى القدس واعترافه بها عاصمة موحدة للكيان الصهيوني وملاحقته لمنتقدي السياسة الصهيونية في أروقة الجامعات الأميركية إذا استثنينا القلة القليلة من اليهود الأميركيين الذين يعتبرون ترامب خطرا على اليهود لعنصريته وتعاطف البيض العنصريين معه الذين يكرهون اليهود ويتوعدونهم على أساس أنهم يحظون بمعاملة خاصة لا يتمتع بها غيرهم في المجتمع الأميركي.