يعود موضوع التركيبة السكانية للساحة مجددا بعد جائحة كورونا والمطالبة بتعديلها، وهذا الموضوع ليس بجديد بل متجدد بين فترة وأخرى، وبدأ منذ سنوات عديدة بعد ظهور النفط وتغير نمط الحياة للمواطن الكويتي.
يرى المسؤولون أن التركيبة السكانية مجرد أرقام بين مواطنين ووافدين ويجب أن ترجح كفة النسبة للمواطنين، وبالنسبة لي لم أجد تفسيرا مفهوما بهذه الأرقام خصوصا التي تقدم بها نائب لتحديد نسبة لكل دولة أو التي أعلن عنها رئيس مجلس الوزراء مؤخرا.
لكل دولة خطة نحو التركيبة السكانية فمثلا دبي تجد أغلبها وافدين ولكن لا ترى حكومة دبي ان ذلك يشكل خللا او خطرا على الأمن القومي مثلما يقال هنا لأن ما يهمهم هو الإنتاجية بغض النظر عمن ينتج هل هو ابن البلد أو الوافد، ولأنها مركز تجاري عالمي فتريد أفضل الموظفين لكي تنافس العالم.
لماذا يوجد وافدون في الكويت؟ لأن فيها سوق عمل لهم فيأتي الوافد بشكل قانوني لكي يعمل بوظيفة فلو كانت الوظيفة يستطيع شغلها المواطن الكويتي لما احتجنا لوافدين، ولكن العديد من الوظائف لا يريد أن يعمل بها المواطنون وهي أعمال حرفية او يدوية مثل السباك والنجار والخياط أو حتى وظائف يقل الطلب عليها مثل معلم الفيزياء في وزارة التربية.
كما ان الكويت ليست دولة هجرات او أنها تمنح إقامة دائمة للوافد بل يرتبط وجود الوافد بالعمل فقط ونضيف الى ذلك وجود أسرته معه والتي هي من حقه.
ومثلما هناك إيجابيات عند تعديل التركيبة السكانية بتوفير وظائف أكثر للكويتيين وتقليل الضغط على الخدمات الحكومية والمرافق توجد سلبيات أيضا مثل ارتفاع التكاليف على الشركات الخاصة فاستبدال الموظف الوافد بالموظف الكويتي سيرفع من تكاليف العمالة والتي سترتفع معها أسعار الخدمات او السلع المقدمة على المستهلك الكويتي.
كما ان الأمان الوظيفي للمواطن الكويتي يجعله لا يخشى الفصل من العمل حتى لو تقاعس عن أداء عمله بعكس الوافد الذي يتم فصله واستبداله بموظف آخر، وقد نردد ان الكويتي «يقدر» وليس كسولا، ولكن أيضا نحن بشر فينا الزين والشين ومن يعتقد أنني أبالغ فليسأل ديوان الخدمة المدنية كم كويتي يتم فصله من العمل سنويا بسبب تقاعسه عن العمل، فالأرقام تثبت ذلك.
لا ننكر ان هناك سوء تخطيط للعمال ولكن الأمر ليس مجرد افتح الباب وخل الوافد يرجع ديرته، بل الأمر مكلف بتغيير نمط حياتنا وثقافتنا فنصحى من النوم وهناك خادمات في المنزل يعملون على تنظيفه، وأبناؤنا يوصلهم السائقون للمدرسة، وأكلنا يأتي للمنزل عبر سائقي الدراجات النارية وأغراض الجمعية يضعها العامل بالأكياس وغيرها من أعمال يقوم بها الوافد، كما اننا ان استطعنا ان نجعل الكويتي يعمل بوظائف مختلفة سنجد ان مشكلة التركيبة السكانية ستحل بشكل تدريجي وسليم بدلا من ان يتوقع البعض انها مجرد شخطة قلم بسهولة.
التخطيط لتعديل التركيبة السكانية يجب ان يصاحبه تخطيط لتغيير ثقافة العمل ووقف التوظيف الزائد عن الحاجة وجعل الكويتي يعمل في جميع المجالات لكي يصبح القوة الحقيقية للاقتصاد، كما يمكن أيضا الاستفادة كثيرا من أتمتة العمليات واستخدام الذكاء الاصطناعي القادم في العمل لكي نقلل من الاعتماد على الوافدين.
SaqerG@