- ما يؤرق كل تربوي غيور هو إيقاف التعليم لشهور وعدم استثمار وقت المتعلمين فيما يساهم في بنائهم المعرفي والسلوكي
- جمعة: أصبحنا في حيرة من أمرنا حين نسأل عن «التعليم عن بُعد» ولا تكون لدينا أي معلومة
- الظفيري: لا يمكن تطبيق «التعليم عن بُعد» في ظل ظروف غير إيجابية والتذرع بأننا في أزمة
- الجاسر: نأمل أن تترسخ ثقافة العمل المؤسسي في «التربية» ولا تكون القرارات رهينة تغير المسؤولين
- يجب تفعيل دور قطاع التعليم العام لإشراك أهل الميدان في أهم التطورات والخطط الفنية
- علينا أن نقر بأن أطراف العملية التعليمية الثلاثة ليسوا على استعداد كافٍ للمعترك التعليمي الجديد
- نحتاج إلى تغيير الفكر والسرعة في اتخاذ القرار وأن نشعر بأن القيادات تعمل كفريق واحد
عبدالعزيز الفضلي
فيما تواصل وزارة التربية جهودها لإنجاز نظام التعليم الإلكتروني والمتضمن المنصات التعليمية والتعلم عن بعد ليكون رافدا علميا وثقافيا للطلبة حتى عودة الدراسة حسب الموعد المحدد في شهر أغسطس المقبل، أكد عدد من التربويين من أهل الميدان أن الرؤية غير واضحة لديهم، وأنهم مغيبون عن تفاصيل بدء «التعلم عن بعد» وآلية العمل التي ستطبق، مشيرين إلى أنه لا يمكن العمل بنظام التعليم عن بعد في ظل ظروف غير إيجابية كالتي نعيشها الآن بين ليلة وضحاها والتذرع بأننا في أزمة و«الجود بالموجود».
وردا على استطلاع «الأنباء» عما وصل إليه نظام التعليم عن بعد الذي بات جميع أهل الكويت يترقبون انطلاقه، عبر هؤلاء التربويون عن أسفهم مما يعلن وينشر عن هذه النظام، قائلين: كان من المفترض أن نكون السباقين فيه عطفا على إمكاناتنا وقدراتنا البشرية، مؤكدين أن الانتقال إلى التعليم الإلكتروني ولو بأبسط أشكاله نقلة مهمة وخطوة إلى الأمام نتمنى أن تكون بداية لتطوير شامل لكل أركان العملية التعليمية.
وذكروا أن ما يؤرق كل تربوي غيور هو إيقاف التعليم لشهور وعدم استثمار وقت المتعلمين بما يساهم في بنائهم المعرفي والسلوكي وطول فترة الانتظار على الرغم من كثرة التحديات وصعوبتها في هذه الأزمة، لكننا نأمل أن تترسخ بعد هذه الأزمة ثقافة العمل المؤسسي في وزارة التربية، مشددين على أن ما نحتاج اليه هو تغيير الفكر والسرعة في اتخاذ القرار وأن نشعر بأن القيادات تعمل كفريق واحد لتحقيق رؤية واضحة تصب في مصلحة العملية التعليمية، وفيما يلي آراء أهل الميدان حول هذه القضية:
معطيات ومستجدات
في البداية، قال مدير مدرسة عبداللطيف ثنيان الغانم الثانوية للبنين حسين أحمد جمعة: مع إصراري على الاعتراض على جملة «التعلم عن بعد» لما لها وعليها من خلط للمفاهيم إلا أنني سأتجاوز هذه العبارة لندخل في صلب الموضوع، حيث تطرقت لهذا الموضوع مرات عديدة بكل شفافية وصدق، إذ إننا مازلنا مغيبين كأهل للميدان عن تفاصيل بدء التعلم عن بعد وآلية العمل التي ستطبق من حيث التفاصيل التي لازالت مجهولة عن معظم أهل الميدان والمتعلمين وأولياء الأمور، مشيرا إلى أن هذا ما يدعو للقلق على مستقبل المتعلمين وأصبحنا في حيرة من أمرنا لوجود العديد من الاستفسارات التي توجه إلينا من الهيئتين التعليمية والإدارية ومن أولياء الأمور والمتعلمين.
وأوضح جمعة: من وجهة نظري أصبح لزاما على وزارة التربية توضيح وبيان خطة العمل وتفاصيلها ومراحلها حتى تصبح الأمور أكثر وضوحا للجميع مع الأخذ بالاعتبار استطلاع رأي أهل الميدان من مديري المدارس وإشراكهم في وضع الحلول والاقتراحات وعلى أن تستمر اللقاءات معهم بشكل دوري بحسب التطورات والمعطيات والمستجدات وذلك حرصا على المصلحة العامة ومهنة التعليم السامية.
وأضاف: سمعنا وشاهدنا وزير التربية وهو يصرح مرات عديدة عن هذا الأمر، لكن مازالت هناك حيثيات تحتاج لمزيد من التفصيل والبيان، مشيرا إلى أنه انطلاقا من المسؤولية المهنية لابد في الأيام القادمة تفعيل الدور الإعلامي والتربوي عن طريق وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها التابعة لوزارة التربية وبالتعاون مع وزارة الإعلام لما لها من أهمية كبيرة من خلال بث ونشر الرسائل التوعوية والإرشادية والنفسية للمتعلمين، وكذلك إبراز دور الوزارة لبيان المعلومات والأخبار وأهم المستجدات والتطورات الخاصة بالتعليم، ومن الواجب أيضا تفعيل دور قطاع التعليم العام عن طريق التواصل مع مديري المدارس والهيئة التعليمية من خلال التواجيه الفنية للمواد الأساسية وإشراك أهل الميدان بأهم التطورات والخطط الفنية، لافتا إلى أن هذا القطاع يعتبر الواجهة والمنصة المباشرة للتعليم.
ظروف غير إيجابية
من جهته، أكد مدير مدرسة عبدالرحمن العبدالجادر المتوسطة محمد الظفيري أنه لا يمكن العمل على «التعليم عن بعد» في ظل ظروف غير إيجابية كالتي نعيشها الآن وبين ليلة وضحاها والتذرع بأننا في أزمة والجود بالموجود، مشيرا إلى أن التعليم لا يدار بهذه الكيفية ولا يتماشى مع هذا الكيف.
وأضاف انه يجب أن نقر بأن أطراف العملية التعليمية الثلاث المعلم والطالب وأولياء الأمور ليسوا على قدر كاف من الاستعداد لدخول هذا المعترك التعليمي الجديد الذي يحول البيوت إلى مدارس ومعاهد غير جاهزة لاستكمال العام الدراسي السابق ولا العام الدراسي اللاحق! بالإضافة لغياب ثقافة الرقابة الذاتية والثقة الموجودة بالتعليم الواقعي، لافتا الى ان من أهم شروط التعلم عن بعد وجود تعليم إلكتروني متميز بعدته وعتاده، وكوادر بشرية مدربة لإدارة منظومة التعلم عن بعد بنجاح وهو ليس متوافرا كذلك بالقدر الكافي ناهيك عن الصعوبات الكثيرة التي قد تواجه التعليم عن بعد من ضرورة توافر أماكن خاصة في كل منزل مع جهاز حاسب آلى خاص واشتراك إنترنت مقاوم للبث المتقطع وأجواء خاصة جدا لكلا الطرفين المعلم والمتعلم لضمان المتابعة الجيدة والمشاركة الإيجابية الفاعلة وهي من أهم شروط نجاح العملية التعليمية.
بالإضافة إلى ذلك كيف ستتم طرق التقييم؟ وما درجة عدالتها؟
وشدد الظفيري على ضرورة عدم التركيز على نجاح التجربة تقنيا فقط وهذا خطأ كبير، خاصة ان وجود العديد من منصات التعليم الإلكتروني لا تعني على الإطلاق نجاح التعليم عن بعد وحصول الفائدة المرجوة، مؤكدا أن التعليم عن بعد لم يثبت نجاحه بالدرجة الكافية حتى الآن لكثير من التجارب المختلفة التي اطلعنا عليها في هذا المجال، وفي ظل هذه الظروف والسبب أنها تعاملت مع «التعليم عن بعد» على أنه منهجية طارئة تنتهي مع نهاية الظروف الحالية وتعود معها! وليست منهجية لمستقبل التعليم وحاجة عصرية ملحة.
تغيير للفكر وسرعة في اتخاذ القرار
من جانبه، قال المدير المساعد بثانوية أحمد الربعي للبنين عبدالرحمن الجاسر إن الدروس عن بعد تنطلق في 21 الجاري حسبما هو مخطط عبر المنصة التعليمية، ووجهت وزارة التربية المدارس وحثتهم على تسجيل جميع معلميهم استعدادا لتقديم هذه الدروس بالتنسيق مع التواجيه العامة، مشيرا إلى أن ما رأيناه ولمسناه - عكس ما نقرأ عنه - فقد رأينا إقبال المعلمين ومبادرتهم للتسجيل دون تبرم ولا تأخر بل إن كثيرا منهم قدم مقترحاته ومبادراته منذ بداية أزمة «كورونا» حرصا على مصلحة المتعلمين.
وأضاف الجاسر انه على الرغم من ملاحظاتنا إلا أنه في هذه المرحلة فرصة لدعم أي مشروع يصب في مصلحة العملية التعليمية ويضمن استمرارية التعليم والانتقال لعهد جديد طال انتظاره وكان من المفترض أن نكون السباقين فيه عطفا على إمكاناتنا وقدراتنا البشرية، مؤكدا أن الانتقال إلى التعليم الإلكتروني ولو بأبسط أشكاله نقلة مهمة وخطوة إلى الأمام نتمنى أن تكون بداية لتطوير شامل لكل أركان العملية التعليمية.
وأضاف لعل ما أرق كل تربوي غيور هو إيقاف التعليم لشهور وعدم استثمار وقت المتعلمين بما يسهم في بنائهم المعرفي والسلوكي وطول فترة الانتظار على الرغم من كثرة التحديات وصعوبتها في هذه الأزمة لكننا نأمل أن تترسخ بعد هذه الأزمة ثقافة العمل المؤسسي في وزارة التربية ولا تكون القرارات رهينة تغير المسؤولين أو اختلافهم وفق خطة استراتيجية علمية حقيقية يشارك في وضعها الميدان التربوي المتعطش للبذل والعطاء من خلال مبادرات الزملاء والزميلات حتى لا تتكرر إشكالية إيقاف التعليم مرة أخرى، موضحا ان ما نحتاج اليه فعلا هو تغيير للفكر وسرعة في اتخاذ القرار وأن نشعر بأن القيادات تعمل كفريق واحد لتحقيق رؤية واضحة تصب في مصلحة العملية التعليمية وتدعم الجهود والأفكار كما يحتاج المجتمع وليس الميدان فقط للشفافية ووضوح الصورة والبعد عن القرارات في الأوقات الضيقة التي تسبب ربكة وقصورا في الأداء.
المنصات التعليمية دروس تقوية
من جانبه، أكد مدير مدرسة (طلب عدم ذكر اسمه) انه للأسف منذ أكثر من 15 عاما لا توجد لدينا استعدادات كافية للدراسة وفي كل عام نواجه مشاكل ومعوقات، متسائلا عن كيفية إنجاح نظام جديد وهو التعلم عن بعد بهذه السرعة دون إمكانات وتجهيزات وتدريبات مسبقة وفوق كل هذا ترك أمر تعليميه «اختياري» مع تهديد المعلمين بضرورة المشاركة في المنصات التعليمية رغم أنها لا تقدم ولا تؤخر مجرد أنها دروس تقوية، مؤكدا ان التعلم عن بعد يحتاج إلى تفاصيل عن قرب.
وأوضح ان هناك العديد من التحضيرات التي تحتاج اليها المدارس للعودة للدراسة ومن الصعب توفيرها في ظل هذه الظروف ومن أهمها التباعد ما بين الطلبة وهذا يحتاج الى تقليل الكثافة الطلابية في الفصل الأمر يحتم علينا ان يكون الدوام على فترتين صباحية ومسائية إضافة إلى تعقيم المدارس وتوفير المطهرات والممرضين والأجهزة الطبية.
وذكر أنه لا يمكن إرضاء الجميع في اي قرار يتم اتخاذه لذلك الحسبة ستكون سهلة خاصة ان البعض يتحجج في طلبة المنازل والمسائي، مشيرا إلى أن نسبة نجاح طلبة المسائي في عام 10% والمسائي 17% لذلك العملية ليست صعبة كما يتصورها البعض ولكن تحتاج إلى مختصين يقيمونها دون مجاملات ويضعون المصلحة العامة فوق كل اعتبار.
بدوره، أكد المعلم أحمد عمر انه لا يمكن إنجاح مشروع تعليمي لا توجد به بنية تحتية، لافتا الى ان الوقت أصبح ضيقا والدول سبقتنا ولا يوجد وقت متسع للتجارب.