ظهرت في الآونة الأخيرة أصوات كثيرة ضلت طريق الصواب وربما أرادوا أن يستفرغوا قذارة عقولهم وألفاظهم النابية أمام الملأ بحجة حرية التعبير، اعتقادا منهم أن حرية التعبير تشمل إهانة الآخرين والمساس بكرامتهم.
والمؤسف في القول ان هناك قلة قليلة ممن يطلعون على القوانين الوطنية المنظمة لحرية التعبير كونها تعكس التزام الكويت بإنفاذ العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والذي تطرق في بنوده إلى حرية التعبير والتزام الدول الأطراف في العهد بأن تجعل في قانونها الوطني مواد كفيلة بالحفاظ على سمعة وكرامة الأفراد وكذا إيقاف الإساءة اللفظية وما يتبعها من خطاب الكراهية عن طريق تجريم هذه الأفعال اللاأخلاقية، فحرية التعبير في الكويت قد نظمتها مواد قانونية كثيرة وتقوم بتنظيمها جهات حكومية عدة.
فلا أظن بأي شكل أن المبادئ العالمية وما يفرضه المنطق والأخلاق أن خطابات الكراهية والألفاظ المسيئة التي تكشف عن أمراض نفسية وأخلاقية أن تعتبر حرية تعبير.
فذلك مستحيل لأننا في عالم يبحث عن الخير والحق والجمال، فهل تعقل أن يكون هناك منظومة عالمية تشرعن الإساءة وتدافع عنها؟
ثم يأتي جيل ناشئ يحبو حبوته الأولى في مجال الدفاع عن حرية التعبير ليدعي أن هذه الأفعال المشينة في مجال حرية التعبير فعن أي حرية تعبير تتكلم؟
هناك قصور في المعرفة والاطلاع على الاتفاقيات الموقع والمصادق عليها من الكويت خصوصا ممن يدعون أنهم مدافعون عن حرية التعبير؟
الأمر الذي يؤكد أننا نواجه معضلة حقوقية متعلقة باستدامة حقوق الإنسان وصيانتها، فحتى نستطيع أن نكون رؤية مستقبلية عن وطن يضمن حقوق الإنسان كافة فنحن نتكلم عن أرضية قوية لحماية هذه الحقوق، ولا تنشأ هذه الأرضية إلا من خلال تثقيف الناشطين في مجال حرية التعبير عن ماهية هذه الحرية وما القوانين التي تنظمها وكيف حددها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي وقعت وصادقت عليه الكويت وربما بعدئذ نستطيع أن نرى قليل من نور الاستدامة المنبثق وسط ظلمة الجهل.
ونشد على أيدي منظمات المجتمع المدني كالجمعية الكويتية لحقوق الإنسان وكذا مؤسسة دعم وهي المؤسسة القانونية الكويتية الأولى المتهمة بحقوق الإنسان بأن تقوم بتثقيف المدافعين عن حقوق الإنسان عن طريق عمل دورات وورش عمل وحلقات تدريبية لشرح ماهية حرية التعبير.